اختتم "مركز القدس للدراسات السياسية" أعمال مؤتمره الخامس في بيروت تحت عنوان "نحو خطاب إسلامي ديمقراطي مدني" والذي خصص هذه المرة لتقديم قراءة ثانية للتجربة التركية، فضلا عن تقديم قراءات أولية في تجربة الإسلاميين حديثة العهد بالحكم في كل من مصر والمغرب وتونس. وناقش قادة حزبيون وبرلمانيون وأكاديميون على مدار جلسات عمل العديد من أوراق العمل والمداخلات التي عرضت في المؤتمر، والتي توزعت موضوعاتها حول أبرز عناوين وتحديات مرحلة الانتقال للديمقراطية من نوع نظام الحكم والتعددية وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد وحقوق الأفراد والجماعات. كما ناقشت أوراق العمل سبل بناء توافقات وطنية حول مبادئ العقد الاجتماعي الجديد، والتسامح والعيش المشترك على قاعدة المواطنة المتساوية للجميع، وبناء الشراكات والتحالفات الكفيلة بتخطي الفوضى والصراع الناجمين عن الإقصاء والتهميش. وشدد المشاركون على إشاعة وتعميق ثقافة الحرية والتعددية القائمة على الحوار والتسامح والعيش المشترك والبحث عن المشتركات بما يعزز الثقة المتبادلة وصياغة الدساتير التوافقية التي تعكس روح العقد الاجتماعي الجديد بين الدولة ومواطنيها والمجتمع والجماعات والأفراد. وقدم المشاركون الأتراك من حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري قراءات في السياق الخاص للتجربة التركية، وما يمكن أن توفره من دروس يمكن الاستفادة منها بأقدار متفاوتة من قبل دول الربيع العربي، كما قدم المشاركون من مصر وتونس والمغرب قراءات لتجارب أحزابهم حديثة العهد في الحكم. كما عرض مشاركون من الجزائر والعراق وليبيا واليمن والبحرين وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين لجوانب مختلفة من تجارب بلدانهم وأحزابهم السياسية الإسلامية منها وغير الإسلامية. وشدد مؤتمر مركز القدس للدراسات السياسية في توصياته على الحاجة للجمع بين "أصالة" الإسلام و"تأصيل" القيم والمبادئ الديمقراطية الحديثة في خطاب المفكرين والحركات الإسلامية أو ذات المرجعية الإسلامية. كما شددت التوصيات على الحاجة لإجراء المراجعة و"التنظير" سياسيا وفكريا للتحولات التي طرأت على خطاب كثيرٍ من هذه الحركات والعمل على اكتشاف "مواطن القدرة" في الفكر الإسلامي دون إغفال حاجة التيارات "العلمانية" متعددة المدارس لإجراء مراجعات لتجربتها في الحكم والمعارضة والتي أخفقت في تقديم "النموذج" وورثت العالم العربي الكثير من المشاكل والتحديات الجسام. وأوصى المشاركون باعتماد الانسجام المنطقي والضروري بين خطاب الحركات الإسلامية وممارستها، مشددين على ضرورة ردم الفجوة بين الشعار وتطبيقاته، وبذل جهد سياسي وفكري لخلق هذا الانسجام والتجانس.