رغم الترحيب الكبير الذى قوبل به فوز المرشح على زيدان بمنصب رئيس الحكومة الليبيةالجديدة، فإن أمامه عددا من التحديات التى سيتوقف عليها نجاحه فى مهمته وألا يلقى مصير سلفه "مصطفى أبو شاقور". وكان المؤتمر الوطنى العام (البرلمان) فى ليبيا قد أعلن مساء الأحد الماضى عن فوز زيدان بمنصب رئيس الحكومة الجديدة بعد حصوله على 93 صوتًا مقابل 85 صوتًا للدكتور محمد الهاشمى الحرارى من إجمالى الأصوات المشاركة فى التصويت والتى بلغت 178 صوتا. وفى أول تصريحاته، أكد زيدان أن حكومته المقبلة ستضم كل الكتل السياسية لتكون حكومة وحدة وطنية لجميع الليبيين، مشيرا إلى أن أمام الحكومة ملفات عدة وأهمها الأمن والاستقرار، موضحا أنه بدأ حوارًا مع الثوار لاستيعابهم فى المشروع الأمنى. وشدد على أهمية تفعيل دور الشرطة والجيش لمعالجة القصور الأمنى ومجابهة انتشار السلاح، مؤكدا أن حكومته ستعمل على تفعيل دورهم بإجراءات سريعة "تشمل البدء فى حملة تجنيد مكثفة وسريعة، وتدريب مركّز للجنود وضباط الصف، وتكوين فرق سريعة للأمن والشرطة. ولقى فوز زيدان ترحيبا كبيرا فى الأوساط السياسية الليبية، وفى مقدمتهم حزب "العدالة والبناء" (إخوان)؛ حيث بادر بتهنئة زيدان، مؤكدا أنه سيسانده ويدعمه فى المرحلة المقبلة. وقال رئيس كتلة العدالة والبناء بالمؤتمر العام "عبد الرحمن الديبانى" إن كتلة الحزب ستدعم وتعمل على إنجاح وتشكيل حكومة وفاق وطنى تستطيع أن تتعامل مع كافة الملفات الشائكة، معتبرا أن اختيار رئيس حكومة بعد أسبوع من إقالة أبو شاقور هو إنجاز حقيقى. وأوضح أن كتلة العدالة والبناء ستكون داعمة ومشاركة بالحكومة المقبلة بطريقة أو بأخرى، ولن تألو جهدا فى العمل على إنجاحها. بدوره، أكد رئيس حزب العدالة والبناء "محمد صوان" استعداد حزبه لأى دعم لزيدان فى المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنه شخصية وطنية معروفة بنضالها، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة صعبة لا تحتمل التأخير وتحتاج لتكاتف وتعاون وطنى. وأعطى المؤتمر العام مهلة أسبوعين لرئيس الوزراء الجديد لتشكيل حكومته وعرضها على المؤتمر للتصويت وهى مهلة كافية ربما تساعد زيدان فى النجاح فى تشكيل حكومة تنال رضا الجميع. ثلاثة سيناريوهات ويرى مراقبون أن زيدان أمامه ثلاثة سيناريوهات حتى يمكنه تشكيل حكومة توافقية قوية ويتجنب ما حدث مع رئيس الوزراء السابق "مصطفى أبو شاقور"؛ أولها: أن يتجنب التوجه الحزبى أو الفكرى -كونه محسوبا على التيار الليبرالى- فى اختيار الوزراء، خاصة أن دعمه جاء من قبل أعضاء مستقلين وبعض أعضاء التحالف والأفراد وهو ما يجعله يوازن فى تصنيفات الحكومة الجديدة وخاصة الوزارات التى أثارت جدلا كوزارتى الدفاع والداخلية. الثانى: أن يكون اختيار زيدان قائما فى الأساس على توافر القدرة والكفاءة فى الشخصية المرشحة لمنصب فى الحكومة وليس حكومة محاصصة أو حزبية. الثالث: وهو الأصعب -بحسب مراقبين- فعلى زيدان نفسه البعد عن القبلية والمناطقية فى اختيار الوزراء وهو طرح صعب جدا تجنبه فى مجتمع يعج بالقبلية والاعتصامات المناطقية والتى تريد فيها كل منطقة أن ترشح وزيرا فى الحكومة الجديدة وتعتبر عدم وجود ممثل لها فى الحكومة هو تهميش وإهانة لدورها فى الثورة وهو ما سيجعل زيدان فى موقف حرج وقلق من أى ردود فعل من هذه المناطق -خاصة الجنوب- تجاه تشكيلة حكومته خاصة أن زيدان معروف بميوله الفيدرالية. دور القوى السياسية وتعليقا على اختيار زيدان وضرورة تجنبه الوقوع فى أزمة أبو شاقور يرى مجموعة من السياسيين والكتاب أنه على رئيس الحكومة الجديد أن يراعى التنوع فى تشكيلته وعليه أن يقدم الكفاءة والقدرة على الحزبية والقبلية. ويقول الناطق باسم اللجنة الأمنية العليا فى طرابلس الدكتور "عبد المنعم الحر": زيدان شخصية وطنية قام بدور كبير فى الثورة الليبية، وحتى ينجح فى تشكيل حكومة جديدة عليه أن يضع الملف الأمنى من أولى أولوياته والعمل على دمج الثوار فى باقى الوزارات وأن يقوم بتطهير جهاز القضاء وتفعيله. وأكد الكاتب الليبى عبد الرزاق رمضان شبشابة أن استقلالية رئيس الوزراء من عدمها ليست هى التى ستحل المشكلة وإنما تفهم بعض الأحزاب والتكتلات والمستقلين وتخليهم عن العنّاد السياسى وممارسة حقهم فى المعارضة هو ما سيسهل تشكيل حكومة مهما كان شكلها ومهما كانت تركيبتها الوزارية.