رغم الفشل المتواصل في كل جولات المفاوضات ال17 مع أثيوبيا، وإعلان حكومة الانقلاب ذلك صراحة؛ إلا أن رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، دعا اليوم الأربعاء 27 ديسمبر 2017م إلا استئناف المفاوضات من جديد، في ظل المقترحات المصرية بأن يكون البنك الدولي وسيطا في التفاوض؛ لكن خبراء يؤكدون أن الكلمة العليا في هذا الشأن لأديس أبابا، وأن وساطة البنك الدولي غير مجدية؛لأن قرارت البنك غير ملزمة لكل الأطراف، إضافة إلى أنها رهينة بقبول أديس أباباوالخرطوم. وشدد رئيس الانقلاب اليوم على أهمية استمرار التواصل بين مصر واثيوبيا والسودان حول سد النهضة الذي قد يؤثر سلبا على حصة المصريين من مياه نهر النيل!.
وقال المتحدث باسم رئاسة الانقلاب بسام راضي في بيان رسمي إن السيسي التقى وزير الخارجية سامح شكري ليطلعه على نتائج زيارته الأخيرة إلى أديس أبابا.
وتخشى القاهرة أن يؤدي بناء سد النهضة الاثيوبي الضخم إلى انخفاض تدفق مياه النيل الذي يوفر نحو 90 بالمئة من احتياجات مصر وبالتالي التأثير على حصتها من المياه وهي قضية تعتبرها القاهرة من الأمن القومي المصري.
وأعلن وزير الري بحكومة الانقلاب محمد عبدالعاطي في نوفمبرالماضي تعثر مفاوضات اللجنة الفنية الثلاثية المشتركة التي تجتمع في القاهرةوالخرطوموأديس أبابا في التوصل لاتفاق بخصوص نتائج تقرير مبدئي قدمته شركتان فرنسيتان في مايو حول التبعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للسد على دول المصب.
وفي بيان صادر عن الخارجية المصرية مساء الثلاثاء أعرب شكري لنظيره الاثيوبي عن "قلق مصر البالغ من التعثر الذي يواجه المسار الفني المتمثل في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية".
واعتبر أن هذا الأمر "من شأنه أن يعطل بشكل مقلق استكمال الدراسات المطلوبة عن تأثير السد على دولتي المصب في الإطار الزمني المنصوص عليه في اتفاق المبادئ".
كما أفاد البيان بأن شكري اقترح "وجود طرف ثالث له رأي محايد وفاصل يشارك في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية يتمثل في البنك الدولي".
ومن المتوقع أن يصبح السد الذي تقدر كلفته بنحو 5 مليارات دولار ويتم تشييده على النيل الأزرق أكبر سد لتوليد الطاقة الكهربائية في إفريقيا.
ويلتقي النيل الأزرق الذي ينبع الجزء الأكبر من مياهه في اثيوبيا مع النيل الأبيض في الخرطوم ليشكلا النيل الذي يعبر السودان ومصر قبل أن يصب في البحر المتوسط.
الوساطة غير مجدية
وتعليقا على مقترحات حكومة الانقلاب حول وساطة البنك الدولي، يقول أحمد نور عبد المنعم، الخبير المائي، إن المقترح محاولة للخروج من تعثر المفاوضات، بعد الجلسة الأخيرة التي عقدت في القاهرة، بالبحث عن وسيط رشيد، حيث لا توجد أي رؤية حاليا لاستئناف المفاوضات، خاصة باتحاد إثيوبيا والسودان ورفضهما للتقرير الأولي للمكتب الاستشاري.
لكن الخبير المائي يؤكد أن آراء البنك تظل استشارية، ولا تعد إلزاما لأطراف الأزمة، كما أن وساطة البنك تشترط موافقة كلا من إثيوبيا والسودان.
وأضاف عبد المنعم في تصريحات صحفية الأربعاء أن البنك الدولي أحد المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، المعنية بعمليات التنمية في مختلف دول العالم، ولديه لجان فنية لدراسة المشاريع التنموية، ومتابعة تنفيذها فضلا عن تمويلها.
ويأتي سد النهضة كمشروع تنموي لإحدى الدول، وبصفته مشاركا في عمليات التنمية فإن البنك الدولي، يمتلك خبراء قانونيين وفنيين في كافة المجالات ومنها المتعلقة بالمياه، تمكنه من إصدار تقارير مستوفية عن الأزمة.
وأوضح عبد المنعم أن البنك رفض تمويل مشروع سد النهضة، بسبب الاعتراض على كونه لا يتمتع بموافقة، من الدول صاحبة المصلحة ومنها مصر، مما أخر الانتهاء من السد حتى الآن حيث كان من المقرر بدء العمل في 2015.
وأوضح الخبير المائي، أن البنك الدولي، كان مساهما رئيسيا في اتفاقية دول حوض النيل سنة 1999، حيث كان ممولا لدراسات الجدوى للمشاريع التنموية للمنطقة، كما رفض المشاركة في اتفاقية عنتيبي، التي جاءت خروجا على اتفاقية دول حوض النيل الأساسية.
كما يؤكد الخبير المائي الدكتور هاني رسلان أن وساطة البنك الدولي ربما تكون مجدية حال قبول أديس أبابا بهذا المقترح!.
تحكيم لا وساطة
لكن الدكتور محمد عطا الله، خبير القانون الدولي، يؤكد أيضًا أن اللجوء إلى التحكيم الدولي خطوة موفقة، لكنها مرهونة بموافقة رسمية كتابية موقعة من الأطراف الثلاثة وخصوصًا أديس أباباوالخرطوم. لافتا إلى أن الحديث عن الوساطة فقط دون التحكيم بأنها غير مجدية؛ لأن قرارات البنك في هذه الحالة غير ملزمة.
ويدعو عطا الله إلى ضرورة الاستعانة، بخبراء قانون دوليين، خلال المحادثات القادمة، مشيرا إلى أن أثيوبيا في بداية المفاوضات، كانت تشرك خبراء قانون على عكس مصر، مما قادنا إلى التوقيع على اتفاق المبادئ الذي لم ينص على الحفاظ على حصة مصر المائية بشكل واضح، حتى وصلنا إلى تعقد الأزمة حاليا. وهو اتهام صريح بجهل رئيس الانقلاب وتسببه في ضياع حقوق مصر المائية.