اعتاد العرب أن يكون محتل بلادهم إما صليبيًا أو صهيونيًا، إلا أن الأمر تغير وتراجع الاحتلال بشكله المعتاد وحلت محله دولة عربية، أو المفترض انها كذلك، باتت تعربد في المنطقة تشجع على انقلاب في مصر وتدعمه، وتساند انقلابا في ليبيا وتترس خلفه، وتسقط شرعية في اليمن، وتقف أمام ثورة في سوريا وتشجع على قتل المدنيين، إنها الإمارات أو "دولة الخمارات" كما يصفها مراقبون، "الحرية والعدالة" تتناول بالتحليل ما يقوم به الاحتلال الإماراتي وتحديداً في اليمن. ودليلا على عربدة أولاد زايد واحتلالهم لليمن، أقام حزب الإصلاح اليمني دعوى قضائية ضد الاعتقالات التي طالت قياداته وأعضاءه الأسبوع الماضي، وطالب الحزب التحالف العربي بقيادة السعودية "بالقيام بدوره"، والعمل على الإفراج عن قيادات الحزب، وقال الناطق باسم "الإصلاح" في عدن خالد حيدان: إن الممارسات القمعية التي يتعرض لها الحزب شكل من أشكال الإرهاب.
إرهاب إماراتي
ووصف حيدان في تصريح صحفي حملة الاعتقالات بأنها مؤشر خطير يستهدف العملية السياسية وإسقاط مشروع الدولة القائم على التعددية السياسية وحرية التعبير، والتأسيس "لحكم مليشياوي ومناطقي، وانقضاض على مشروع الدولة والشرعية".
وقال: إن القيادات الأمنية في عدن تقود المدينة إلى فوضى عارمة تهدد السلم وتقوّض سلطة القانون والشرعية، مبرزا أن هذه الممارسات "القمعية والإرهابية التي تطول قيادات وقواعد الإصلاح لن تثنيه عن مساره السياسي والوطني الذي ارتضاه ودأب عليه منذ تأسيسه".
وكانت السلطات الأمنية، المدعومة إماراتيا، قد شنت حملة اعتقالات شملت تسعة أعضاء، بينهم قياديون في الحزب، وذلك بالتزامن مع حرق مقر الحزب في عدن، وأعلن الحزب أن قوات أمنية حاولت اقتحام منزل أحد قياداته بعد ساعات من إحراقه.
وجاء التصعيد ضد الحزب بعد عودة قياديي المجلس الانتقالي الجنوبي إلى عدن، قادمين من العاصمة الإماراتية أبو ظبي، تزامن ذلك مع تهديد مدير شرطة عدن اللواء شلال شائع بإنهاء وجود حزب الإصلاح بشكل جذري، وهو الحزب الذي يتعرض لحملة تحريض إعلامي شرسة منذ مدة طويلة.
واتهم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن اللواء عيدروس الزبيدي، أحد أذرع الإمارات، حكومة عبد ربه منصور هادي بالفشل، مؤكدًا أنه لا شراكة بينهم وبين الشرعية التي وصفها بأنها مخترقة من قبل "قيادات إخوانية".
وقال الزبيدي في حوار تلفزيوني: إن المجلس سيجري قريبا استفتاء للجنوبيين حول مصير الوحدة اليمنية، لافتًا إلى أن ذلك الاستفتاء سيكون بمثابة الإجراء الأخير الذي سيحدد مصير الجنوب، وأكد أن المعركة مع حزب الإصلاح مستمرة ومتواصلة.
ويعتبر الإصلاح في صدارة الأحزاب التي أيدت الشرعية وشاركت مع التحالف في مواجهة الحوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، غير أن "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي تأسس بدعم إماراتي ويتبنى انفصال جنوب اليمن عن شماله، يَعتبر حزب الإصلاح تهديدا بسبب مواقفه المؤيدة للوحدة اليمنية.
ومع تصاعد حملة الاعتقالات التي تشنها قوات موالية للإمارات في عدن ضد قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح، بدأ كثيرون يتساءلون عن الأهداف الحقيقية من وراء ذلك، وهل هي خطوات أولى في طريق انقلاب ثان محتمل على الحكومة الشرعية وتعزيز النفوذ الإماراتيبعدن؟
ويرى محللون يمنيون أن ما يجري في عدن نتيجة دور منحته أبو ظبي لنفسها لتعزيز نفوذها جنوبي اليمن؛ ويهدف إلى إضعاف المكونات التي تتمسك بمخرجات الحوار الوطني والمرجعيات الثلاث كأساس ثابت لحل المسألة اليمنية لإعادة رسم خريطة الجغرافيا.
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان: إن هذا السيناريو المرسوم معد سلفاً، تم التسريع به بفعل الضغوط الدولية على دول التحالف للذهاب نحو حل المسألة اليمنية، الأمر الذي استدعى سرعة الانقضاض على تلك القوى وبصفة خاصة حزب الإصلاح.
واعتبر شمسان أن استهداف قيادات الإصلاح عمل ممنهج لخلق واقع جديد في الجنوب يخدم مصالح الإمارات. وحذّر من خطورة المشهد الراهن وتداعياته، وقال إن استمرار ذلك سينقل مركز العمل الوطني إلى مدينة تعز "التي ستستقبل كل القيادات والكيانات الحاملة لتلك المرجعيات".
وبحسب شمسان فإن ذلك يعني الدخول في مواجهات ثنائية بدعاوى حماية الجمهورية والوحدة، "وهذا يعني أننا سنكون أمام معارك متعددة تشارك فيها أياد داخلية وخارجية.
المشروع الإيراني
من جهته، دان "التجمع اليمني للإصلاح" بشدة اقتحام مقر الإصلاح بعدن واعتقال عدد من قياداته. وقال في بيان له: "إنَّ حملة الاعتقالات والشيطنة في وسائل إعلام موتورة بالضغينة ومشبعة بالحقد على الإصلاح لا تخدم إلا المشروع الإيراني في اليمن".
وأضاف البيان: "لا يمكن تبرير استهداف أعضاء الإصلاح واقتحام مقراته وشيطنته إعلامياً إلا بكون هذا العمل يستهدف الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة ويستهدف أمن شبه الجزيرة العربية ككل لصالح المشروع الفارسي ببقاء اليمن بؤرة لصراعات داخلية واستهداف مستمر للتيارات الوطنية".
ودعا المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بأمانة العاصمة، الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة الشرعية وسلطات عدن إلى وقف تهاوي العمل السياسي في اليمن، والتحقيق مع الأطراف والجهات والقادة الذين قاموا بهذا العمل الشنيع والكارثي.
وأكد البيان "أنَّ حزب التجمع اليمني للإصلاح هو الرائد الذي لا يكذب أهله، مستمر بعمله السياسي المدني الحزبي منذ تأسيسه وسيستمر بسلميته وقُربه من المواطنين مؤمناً بالعمل السياسي كطريق لرفعة المجتمع اليمني"، وفق تعبير البيان.