حالة من الترقب والحذر تسود الأوساط الإسرائيلية مؤخرًا، على خلفية مظاهر التقارب التركي الإيراني غير المسبوقة، التي عكسها توافق الطرفين على صياغة آليات مشتركة للتنسيق في سورية. وبحسب مراقبن فإن "تل أبيب" تخشى من هذا التقارب الذي يمكن أن يدشن مرحلة جديدة من التحولات الإقليمية التي تنظر إليها "إسرائيل" بعين القلق والترقب.
وتدفع المخاوف التركية والإيرانية من تقسيم سوريا وإقامة دولة كردية مستقلة البلدين نحو التقارب حيث يتفقان على ضرورة وحدة الأراضي السورية ومنع إقامة دولة كردية من شأنها إثارة مشاكل كبيرة في كل من تركياوإيرانوالعراقوسوريا. وتشير تقارير عديدة إلى قبول الولاياتالمتحدةالأمريكية لإقامة دولة كردية ولا تمانع روسيا من ذلك.
القلق الإسرائيلي تجلى بصورة أوضح في سياق التعليقات على الزيارة التي قام بها رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري إلى تركيا
أخيرًا، وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها مسؤول عسكري إيراني بهذا المستوى إلى أنقرة منذ الثورة في إيران عام 1979. الحساسية "الإسرائيلية" تجاه زيارة باقري، تزايدت على خلفية اتفاق أنقرةوطهران على التعاون في ما بينهما في سورية، بعد فترة من الخلاف الشديد تجاه الوضع السوري، إذ دعمت تركيا فصائل من المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، في حين قامت طهران بدعم الأخير.
ويرى وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، المدير العام ل"مركز يروشليم لدراسة الجمهور والدولة"، دوري غولد، أن التحوّل في الموقف التركي وموافقة أنقرة على التعاون مع طهران وموسكو في سورية "تطور سلبي ويجب أن يثير القلق لأنه يعزز من قدرة طهران على تعزيز تأثيرها في البيئة الإقليمية".
ونقل موقع صحيفة "ميكور ريشون" عن غولد قوله إن موافقة تركيا على التعاون مع إيران تحسّن من قدرة الأخيرة على تدشين "ممر بري يربط إيران بكل من العراق وسورية ولبنان"، بشكل يفضي إلى إحداث تحوّل سلبي على بيئة إسرائيل الإقليمية. وحذر غولد من تداعيات التعاون، لا سيما العسكري، بين إيران وقوة إقليمية كبيرة مثل تركيا، محذراً من أن مثل هذا التحوّل لا يمثّل "أخباراً سارة "لإسرائيل".
ويحث غولد حكومة الاحتلال على مراقبة مظاهر وتداعيات التعاون التركي الإيراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا التحوّل يدل مجدداً على أن "الخصومة والخلاف الكبيرين بين القوى الإقليمية لا يمنع من التعاون، ولو بشكل مؤقت من أجل تحقيق أهداف مشتركة"، على حد تعبيره.
شراكات اقتصادية ضخمة
وتشير صحيفة "ميكور ريشون" إلى جانب آخر تراه "تل أبيب" شديد الخطورة؛ إذ تم تعزيز هذا التقارب، بشراكات اقتصادية ضخمة، ستغري الأتراك والروس بالمضي قدمًا نحو الاندفاع صوب إيران".
وأشارت الصحيفة إلى أن شركة تركية وأخرى روسية وقّعتا أخيرًا مع صندوق حكومي إيراني على عقدين للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في إيران بقيمة سبعة مليارات دولار. وحسب الصحيفة فإن "خطورة" التقارب الإيراني التركي لا تنبع فقط من حقيقة النوايا الإيرانية وموقف طهران تجاه تل أبيب، بل تعود أيضاً إلى "كراهية" الرئيس التركي طيب رجب أردوغان لإسرائيل.
أمر ثالث يزيد من حدة القلق الإسرائيلي، حيث أخفق الوفد الأمني لحكومة الاحتلال الذي زار واشنطن مؤخرا في إقناع الإدارة الأمريكية بتغيير موقفها من التواجد الإيراني في سورية.
ونقل موقع "والاه" الإسرائيلي عن مصدر في الوفد الذي يرأسه رئيس جهاز "الموساد" يوسي كوهين، قوله إنه لم يحدث أي تغيير في موقف الولاياتالمتحدةوروسيا من التواجد الإيراني في سورية، على الرغم من المباحثات التي أجراها الوفد مع مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الجنرال اتش ار ماكمستر ونائبته دينا باول والمبعوث الخاص لمنطقة الشرق الأوسط جيسون غرينبلات.
وأضاف المصدر أن الجهود والمحاولات الإسرائيلية لإحداث تغيير على الاتفاق الروسي الأميركي بشأن "المناطق الآمنة" في جنوب سورية "ستتواصل حتى يتم إقناع الروس والأميركيين بضرورة إخراج الإيرانيين وقوات حزب الله والمليشيات الشيعية" من المناطق القريبة من حدود فلسطينالمحتلة.