جاء إعلان وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، مساء اليوم، عن رفض بلاده قائمة المطالب التي تقدّمت بها الدول العربية المحاصرة لها، لكنها في الوقت نفسه مستعدة للدخول في حوار تحت ظروف مواتية، ليمثل صدمة لهذه الدول، والتي باتت- بحسب مراقبين- في مأزق، وتضاءلت أمامها الخيارات، خصوصا مع استبعاد التصعيد العسكري الذي يحتاج إلى إجماع دولي هو بالتأكيد غير متوفر، كما أن تداعياته خطيرة على الجميع. ويرى الدكتور يوسف خليفة اليوسف، أستاذ الاقتصاد بجامعة الإمارات، أن الدول المقاطعة لقطر وضعت نفسها في مأزق بعد رفض قطر مطالبها. وكتب «اليوسف»- عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»- «القوى العظمى التي اكتوت بنيران الحرب، تفهم أن هناك قيودا على قوتها، ولذلك فهي توازن وتترك لنفسها خط رجعة، أما عند قومنا فهذا الفقه معدوم، وللأسف.. خطورة الأزمة حاليا ليست كما يعتقد الكثيرون في قدرة قطر على تحمل الحصار، فهذا ممكن، ولكن الخطورة في المأزق الذي وضعت حكومات المقاطعة نفسها فيه». جاء ذلك قبل يومين فقط من انتهاء مهلة الإنذار التي حددتها الدول الأربع المقاطعة لقطر لتنفيذ مطالبها. تلاشي مؤشرات انفراجة ويبدو أن تصريحات متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، اليوم السبت غرة يوليو2017، في العاصمة أنقرة، عقب لقاء جمعه مع وزير الدولة القطري لشئون الدفاع خالد العطية، بأن هناك بعض المؤشرات على إمكانية التوصل إلى نتيجة بشأن الأزمة الخليجية، تلاشت أو صدرت لتبثّ أملا. يعزز ذلك العناد والإصرار السعودي الإماراتي على فرض الوصاية على الدوحة، والتي أعلنت اليوم رسميا عن رفضها للإملاءات السعودية الإماراتية، وأنها قُدمت لتُرفض. ووصل العطية إلى أنقرة، الخميس، في زيارة رسمية بحث خلالها مع نظيره التركي فكري إشيق، الجمعة، العلاقات بين البلدين في مجال الدفاع، والأزمة الراهنة في منطقة الخليج، كما التقى، اليوم، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأضاف قالن أن "هناك بعض المؤشرات على إمكانية التوصل إلى نتيجة (بشأن الأزمة الخليجية). هذا هو الانطباع الذي لمسناه من مباحثات رئيس جمهوريتنا (أردوغان) مع نظيره الأمريكي السيد ترامب، أمس الجمعة، وكذلك التصريحات الصادرة عن الزعماء الأوروبيين، ومبادرات أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في الخليج". وتابع: "نحن متفقون على ضرورة مواصلة مساعينا من أجل اتخاذ خطوات إيجابية في هذا الاتجاه". وأشار قالن إلى الجهود المكثفة التي يبذلها الرئيس التركي لنزع فتيل الأزمة الخليجية. وأوضح أن آخر تلك المساعي تجسدت في الاتصال الهاتفي بين أردوغان وترامب، وذكر أن الزعيمين شددا، خلال الاتصال، على ضرورة الحد من التوتر الحالي في الخليج. قطر ترفض الإملاءات رسميا وعشية انتهاء مهلة دول الحصار لقطر لتنفيذ قائمة مطالبها، التي تشمل فرض الوصاية والتبعية، أعلنت الدوحة، على لسان وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بشكل واضح، عن أنّ هذه القائمة قدّمت كي ترفض، وأنّها مستعدة لأي تداعيات بعد انتهاء مهلة دول الحصار، مشدّدةً على أنّ هذه الدول التي تتهم قطر بدعم الإرهاب لديها مؤسسات وشخصيات متورطة بالإرهاب، على خلاف دولة قطر. وأوضح آل ثاني، خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الإيطالية روما، أن الغرض من المطالب التي قدمتها دول الحصار هو فرض آلية رقابة على قطر، وأنّ "القائمة قدّمت كي ترفض". وأكّد "لن نقبل أي شيء ينتهك سيادة دولة قطر أو أي إملاءات تأتي من الخارج"، مبديا استعداد بلاده "للانخراط في الحوار والتفاوض إذا توفرت شروط ذلك"، مشدّدا على أنّه "ليست لدينا مخاوف ومستعدون لمواجهة أي تداعيات بعد انتهاء مهلة دول الحصار". وأشار وزير الخارجية إلى أنّ قائمة المطالب تنتهك القانون الدولي، لافتا إلى أنّ ما تفرضه دول الحصار يعتبر عقابا جماعيا، مبينا أن قطر لديها أكثر من 13 ألف حالة إنسانية تأثرت جراء الحصار. فيما أكد "آل ثاني" أن قطر تحاول اتخاذ مواقف بناءة مع الوساطة الكويتية، ولفت إلى أن الجامعة العربية لم تحرك ساكنا منذ فرض الإجراءات الجائرة على قطر. وبين في الوقت نفسه، أنّ الولاياتالمتحدة أعلنت منذ بداية الأزمة عن أنها ضدّ التصعيد، وذلك من خلال تصريحات وزارتي الدفاع والخارجية لديها، فيما رأى أن الموقف الروسي واضح ويشجع على الحوار ويرفض أي تصعيد في الأزمة. وعن العلاقة مع طهران، قال إن إيران دولة جارة، ودولة قطر تريد علاقات إيجابية معها، خصوصا أننا نشترك معها في الحدود وحقل غاز، ويجب أن تكون هذه العلاقات مبنية على الاحترام وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، موضحا أن "هذا ليس قرار دولة قطر بل قرار مجلس التعاون في آخر قمتين". كما تطرّق آل ثاني إلى مطالب إغلاق قناة "الجزيرة"، مبينا أنّ القناة منصة للتعبير الحرّ والرأي الآخر، وهي قناة رائدة عملت بمهنية على مدى 20 عاما، ومثلت منصة لمئات ملايين العرب، ولولا ذلك لما صدر أصوات تطالب بإغلاقها. وتابع "نقول لمن يريد إغلاق الجزيرة.. أن يأتي بقناة تنافسها". من جهة ثانية، قال وزير الخارجية القطري، إن "قطر لم تصنع الربيع العربي، بل كان صناعة الشعوب التي عانت من هذه الديكتاتوريات لعقود"، واصفا التغيير بطرق سلمية ب"بارقة أمل للشعوب". وأكد أن قطر تؤمن بحق الشعوب في تحديد مصيرها، مضيفا غير أنها "لا تؤمن بأن يكون هناك إجبار للشعوب على تحمل الديكتاتوريات أو إجراءات هذه الديكتاتوريات". وأوضح "لذلك دولة قطر لم تدعم الربيع العربي، ولكنها لم تقف في وجه الربيع العربي، بل ساعدت الحكومات التي انتقلت إلى السلطة ما بعد الربيع العربي لتقدم شيئا لشعوبها". وفي 5 يونيو الماضي، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصارا بريا وجويا. وفي 22 يونيو الماضي، قدّمت دول الحصار، عبر الوسيط الكويتي، إلى قطر، قائمة تضم 13 مطلبا تهدف إلى فرض الوصاية والتبعية على دولة قطر.