مثَّل إعلان وزير الصحة في حكومة الانقلاب، عن اكتشاف مصنع "لاكتو مصر" لألبان الأطفال، أثناء زيارة له لمدينة العاشر من رمضان ينتج 35 مليون عبوة سنويا- لا يعلم عنه شيئا- صدمة من العيار الثقيل، بينما أكد خبراء ومراقبون أن اكتشاف المصنع يمثل فضيحة من العيار الثقيل لبيزنس العسكر، ويؤكد احتكار القوات المسلحة للسلع الأساسية والضرورية لصالح كبار الجنرالات. طلب إحاطة هذا وتقدم رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس نواب العسكر فرج عامر، اليوم السبت، بطلب إحاطة ضد وزير الصحة بهذا الخصوص. ووصف عامر وزير الصحة ب"الوزير المتفاجئ"، مشيرا إلى تصريحه بإلغاء جميع مناقصات الألبان الخاصة بالوزارة، والاعتماد فقط على إنتاج المصنع. وقال عامر، في بيان له اليوم: إن مصر تستهلك سنويا 18 مليون علبة لبن، وبالاعتماد على هذا المصنع سيكون لدينا فائض للتصدير، بما يحقق مكاسب للدولة، ويحل مشكلة عدم توافر لبن الأطفال بشكل نهائى. وأشار النائب إلى أن المصنع كان يضخ إنتاجه فى السوق المحلية عام 2003، ثم توقف عن الضخ، وتم وقف التعامل معه منذ 2005، واستوردت مصر خلال العام الماضى 18 مليون علبة لبن، رغم وجود المصنع وتصدير إنتاجه للدول الأجنبية. ووصف عامر ما صرح به وزير الصحة ب"الكارثة"، قائلا: المصنع لم يكن قائما فى الخفاء حتى لا يعلم عنه شيئا، فقد تكبدت مصر العام الماضى مصاريف استيراد 18 مليون علبة، رغم وجود ما يكفيها محليا. وتابع بيان عامر: "الفساد والإهمال وغياب الوعى التام والاستهتار بالأرواح وتكبد مصر خسائر للاستيراد من الخارج، كلها أمور ناتجة عما يقوم به الوزير داخل الوزارة المنوط به تولي مسئوليتها. المصنع تقدم لحل المشكلة والحكومة تجاهلت وتساءل عامر عن سبب لجوء الحكومة إلى عقد مناقصات لاستيراد ألبان الأطفال بقيمة 1.2 مليار دولار سنويا، رغم تقدم مسئولى مصنع "لاكتو مصر"، القائم باستثمارات مصرية سعودية بتكلفة 800 مليون دولار، بعرض بتغطية طلبات السوق المحلية. ولفت رئيس لجنة الشباب والرياضة إلى أن وزير الصحة رفض عرض المصنع، ضاربا به عرض الحائط، وهو ما يمثل إهدارا للمال العام، رغم تصدير المصنع إنتاجه إلى دول الاتحاد الأوروبى وهولندا، ويمكنه ضخ 45 مليون عبوة فى الأسواق. بيزنس العسكر من جانبه، تساءل الكاتب الصحفي علاء عريبي عن سر رفض الحكومة تشغيل مصنع الألبان والسماح للجيش باستيراده، وأكد في مقاله على موقع "مصر العربية"، أن ما يتردد فى البرلمان ووسائل الإعلام عن مصنع "لاكتو مصر" للألبان فى مدينة أكتوبر، يحتاج إلى تفسير وتحقيق فى آن واحد؛ لأن وجود هذا المصنع يثير تساؤلات على قدر كبير من الأهمية، وهى: هل الحكومة تجاهلت المصنع لصالح القوات المسلحة؟ وهل رفضت طلب تشغيل خط الألبان لكي تستورد القوات المسلحة احتياجات السوق؟ ولماذا لم تسمح الحكومة للمصنع بأن يسد احتياجات الأطفال وفضلت إنفاق ملايين الدولارات على استيراد الجيش له؟ ولماذا قررت الحكومة استنزاف ملايين الدولارات في الاستيراد عن الإنتاج المحلى؟. وتعود تفاصيل القصة المؤسفة إلى شهري أغسطس وسبتمبر من العام الماضي، عندما شهدت البلاد أزمة حادة فى علب ألبان الأطفال، ووصول سعر العلبة إلى 60 جنيها، أيامها اتهمت الحكومة ووزارة الصحة بعض المستوردين باحتكار الألبان والتلاعب فى أسعارها، وأكدت أنها سوف تعمل على ضرب المحتكرين وتوفير احتياجات الأطفال من الألبان بأسعار مناسبة، وذكر أيامها أن احتياجات السوق من ألبان الأطفال تقدر بحوالي 18 مليون علبة. وبعد يومين، أعلنت الحكومة عن توفير القوات المسلحة ل30 مليون علبة بسعر مخفض، عقب هذا الإعلان تردد أن الحكومة افتعلت أزمة الألبان لكي تقوم القوات المسلحة بتصريف مخزونها من الألبان، وللرد على هذه الاتهامات نشر المتحدث العسكري آنذاك (العميد محمد سمير) بيانا، نفى فيه ما تردد، واتهم البعض باحتكار السلعة والتلاعب بأسعارها، قال فيه: لا يوجد لدى القوات المسلحة أي عبوات مخزنة، وسيتم استيراد أول دفعة من الألبان، اعتبارا من 15 / 9 / 2016، ليتم استلامها من الموانئ وتوزيعها على الصيدليات بسعر (30) جنيها للعبوة. وتهيب القوات المسلحة بالمواطنين عدم الانسياق وراء تلك الشائعات والحملة المغرضة التي شنتها شركات استيراد الألبان". وقال أيضا: "تقوم القوات المسلحة بضرب الاحتكار الجشع لدى التجار والشركات العاملة فى مجال عبوات الألبان، من منطلق شعورها باحتياجات المواطن البسيط، أسوة بما تقوم به من توفير لكافة السلع الأساسية من لحوم ودواجن وغيرها". الوزير يكذب الأسبوع الماضي، بحسب عريبي، فوجئنا جميعا بوجود مصنع لإنتاج الألبان في مدينة أكتوبر، وسُئل وزير الصحة عنه، قال: "لم أعرف ولم أسمع بوجود هذا المصنع"، وقد سخر الرأي العام من تصريحات الوزير، وتساءلوا عن كيفية إدارة الحكومة للبلاد. ووسط هذه السخرية، فوجئنا جميعا ببيان لاتحاد الصناعات المصرية، كذب فيه وزير الصحة، وأكد الاتحاد أن محمد السويدي، رئيس الاتحاد، عرض على المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب، وطارق قابيل وزير التجارة والصناعة، طلب مالكي المصنع تشغيله لسد احتياجات السوق من الألبان، وقد عرض هذا الطلب خلال شهرى الأزمة، وأكد السويدى فى البيان أن إسماعيل وقابيل نقلا العرض إلى وزير الصحة، ولم يتم الرد". وتبقى أسئلة شديدة الإلحاح: «هل افتعلت الحكومة الأزمة لكى يصرف الجيش مخزونه من الألبان؟ وهل تجاهلت تشغيل المصنع لكى يظهر الجيش فى صورة المساند للمواطنين فى أزماته؟ ولماذا رفضتم تشغيل المصنع وأهدرتم كل هذه الملايين من الدولارات؟!».