حالة من القلق والخوف تسود أوساط حكومة الانقلاب؛ خشية إحجام الفلاحين عن توريد القمح هذا الموسم بسبب تفاوت الأسعار بين ما حددته حكومة الانقلاب وما يشتري به التجار، والذي يصل إلى 100 جنيه. هذا ويتوقع عدد من الخبراء والمتخصصين أن تتسبب أزمة توريد القمح في صدام وشيك بين الحكومة من جهة، والفلاحين من جهة أخرى. وسط تحذيرات من جانب خبراء بأن سياسات الحكومة تمثل عملية تدمير ممنهج للقمح المصري لحساب المستورد، ما يصب في صالح رجال الأعمال وبيزنس الكبار. وكانت نقابة الفلاحين قد رفضت سعر القمح المعلن ب550 جنيها للإردب، وطالبت الحكومة برفع سعره، ولم تجد لمطالبها صدى لدى الحكومة؛ الأمر الذى يدفع النقابة إلى حث الفلاحين على عدم التوريد لإثبات قوتها للدولة، مؤكدين أن حكومة الانقلاب تتعمد استغلال الفلاح ولىّ ذراعه وإجباره على التوريد بأسعار متدنية. قيود حكومية الحكومة من جانبها أعلنت عن ضوابط لتسلُّم القمح من المزارعين، الذى من المفترض أن يكون منتصف شهر أبريل المقبل، حيث تتوقع الحكومة توريد 4 ملايين طن طبقا للمساحة المنزرعة هذا العام، والتى صدر بها تقرير رسمى من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى للحصر النهائى، والتى كانت 3 ملايين و135 ألفا و735 فدانا. وبحسب مصادر حكومية، فإن الكارثة التى تعرضت لها مصر، العام الماضي، ومزايدة التجار على الحكومة بالنسبة للأرز، دفعت إلى وجود تخوف وقلق شديدين تجاه القمح هذا العام؛ نظرا لفارق السعر الكبير بين التجار والحكومة، وهو الأمر الذى سيعمل على تكرار نفس الخطأ. «100 جنيه» تفرق وكشف الدكتور نادر نورالدين، أستاذ المياه والأراضى، عن بدء تعاقد التجار مع الفلاحين لشراء القمح، على أن يكون السعر 650 جنيها للإردب مقابل 550 جنيها السعر المعلن من الحكومة"، الأمر الذى يضع الحكومة، بحسب أستاذ الزراعة، فى مأزق شديد، يحدث كل عام. وأوضح أن الحكومة أعلنت عن ثلاثة أسعار مختلفة للقمح، على حسب درجة جودته، بدءا من 550 إلى 575 جنيها. وأضاف- في تصريحات صحفية أمس الأربعاء- أن الحكومة أعلنت عن شراء المحصول بالسعر العالمى قبل بداية موسم القمح، بالرغم من أن القمح المحلى يصنف كدرجة أولى، أما المستورد درجة تانية وثالثة بسعر 250 دولارا للطن، بمعدل 4500 جنيه، بخلاف تكاليف النقل والتفريغ فى الموانئ، إضافة إلى النقل البرى إلى المحافظات الذى تصل تكاليفه إلى 50 دولارا، أى بمعدل 650 جنيها للإردب، مؤكدا قيام الحكومة باستيراد القمح الروسى والأوكرانى ب650 جنيها للإردب بالرغم من مواصفاته المتدنية، حيث تقوم باستيراد 5 ملايين طن سنويا لإنتاج الرغيف البلدى فقط، والقطاع الخاص يقوم باستيراد من 6 إلى 7 ملايين طن للمخبوزات الأخرى والحلويات والعيش المميز، وطبقا لبورصة شيكاغو للحبوب، فإن مصر استوردت 12 مليون طن قمح سنويا. وأضاف «نورالدين» أن الفلاح يتعرض لمعاناة أثناء توريده القمح لشون الحكومة، وهو الأمر الذى يجعله يورد للقطاع الخاص بدلا منها، مؤكدا مزايدة القطاع الخاص على الدولة، وتفاديه لجميع العوائق والتكاليف التى يتعرض لها أثناء الاستيراد. وتوقع الخبير الزراعي أن تقع الحكومة في كارثة جراء إحجام الفلاحين عن توريد القمح إليها؛ على خلفية الإغراءات التي يقوم بها التجار، بشرائه بأعلى من الثمن الحكومي؛ الأمر الذي سيدفع الحكومة إلى الاستيراد من الخارج. تدمير القمح المصري أما الدكتور عبدالعظيم طنطاوى، رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق، فيرى أن سياسات حكومة الانقلاب تمثل عملية تدمير للقمح المصري، لافتا إلى أن تدنى سعر القمح سيجعل الفلاحين يمتنعون عن زراعته الموسم المقبل، بالإضافة إلى انخفاض كميات القمح التى تورد للحكومة هذا العام، مؤكدا أن الدولة تتعمد تكرار الخطأ مع الفلاحين، وتدلى بتصريحات ليس لها أى أساس من الصحة لطمأنة القيادة السياسية فقط، بحسب صحيفة "الوطن". وأكد أن القطاع الخاص أعلن عن شراء القمح بسعر يترواح من 650 إلى 670 جنيهاً للإردب، فى حين حددت الدولة سعر 550 جنيها للإردب لدرجة 22٫5 قيراطا، بينما الدرجات الأعلى نظافة 575، وطبقا للسعر العالمى للقمح يصل الطن إلى 290 دولارا بمعدل 670 جنيها للإردب، وبالرغم من ذلك يصنف كدرجة ثانية وثالثة. القمح علف للحيوانات وأكد رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق أن سعر الردة يتراوح ما بين 3600 و4000 جنيه، وسعر القمح طبقا لسعر الحكومة 3800 للطن، وهو الأمر الذى سوف يتجه إليه أصحاب المزارع لشراء القمح بدلا من الردة وطحنه واستخدامه علفا لارتفاع قيمته الغذائية، بالإضافة إلى تدنى سعره مقارنة بالردة، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الذرة الصفراء. وأشار «طنطاوى» إلى اتجاه المزارعين إلى زراعة البرسيم بدلا من القمح؛ باعتباره مخصبا للتربة وموفرا للأسمدة، بالإضافة إلى أنه يدر ربحا على الفلاح يصل إلى 10 آلاف جنيه، وهو الأمر الذى يجعل الفلاح يتجه لزراعته بدلا من القمح.