عندما أشاهد بعض مقدمى برامج "التوك شو" أو أقرأ ما يكتبه بعض الزملاء الصحفيين وتعليقاتهم على الشأن العام، أتذكر حديث سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-: "ستأتى عليكم سنين خدّاعات؛ يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم فى أمور العامة". فكم من رويبضة فى هذا الزمن يخوض فى أمر البلاد والعباد، وتقدمه صحف وفضائيات رجال أعمال مبارك المخلوع، على أنه كاتب صحفى أو محلل سياسى أو خبير إستراتيجى، وعندما تشاهد طلعته "غير البهية" على فضائيات غسيل الأموال، تتذكر فى التو واللحظة تفسير الرسول الكريم للرويبضة، وهو "الرجل التافه يتحدث فى أمور العامة"، (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْى يُوحَى). وبحكم عملى بمهنة الصحافة أعرف الكثير من الرويبضات الإعلامية، وأعرف جيدا خلفيتهم الاجتماعية والسياسية، وماذا كانوا؟ وكيف أصبحوا؟ ولذلك قد لا أتعجب من تعليقاتهم التافهة عندما يتحدثون فى أمور العامة، فمَن يعلم المقدمات لا يتعجب من النتائج. فمثلا أحد الرويبضات شاهدته ليله أمس الأول على إحدى فضائيات رجال أعمال مبارك، وهو يحلل أول حوار تليفزيونى للرئيس محمد مرسى اختص به التليفزيون المصرى، وبدلا من أن يحلل مضمون الحوار بإيجابياته وسلبياته كما درسنا فى الكلية، نجده يبدأ حديثه بسخرية بلهاء عن تطرق الرئيس لسعر كيلو المانجو، ودار حواره التافه عنها، وقد ألتمس له العذر؛ لأنه دخل المهنة بالصدفة بعد أن كان محاميا فاشلا فى أحد مكاتب المحاماة! واحد من رويبضات صفوت الشريف لم يجد ما يهاجمه سوى حرص الرئيس على أداء الجمعة فى محافظات مختلفة، مدعيا حرمة تصوير الرئيس وهو يصلى، فى الوقت الذى لم يكلف هذا المفتى الفضائى نفسه السؤال عن مصدر الأموال التى يحصل عليه راتبه المليونى، رغم علمه أن قناته قائمة على غسيل أموال. رويبضة ثالث تعمّد أن يدافع عن شاب مسيحى مصرى تعمّد حرق المصحف الشريف، وإهانة الإسلام، ووضع ذلك على شبكه الإنترنت، وعندما يتم التحقيق معه يأمر هذا الرويبضى "سليل مدرسة اليسار الكارهة لكل ما هو إسلامى" فريق إعداد برنامجه بعمل تقرير مصور، يستضيف فيه أُم هذا الشاب المسيحى دون أن يوضح ما ارتكبه فى حق الدين الإسلامى. أما كبير الرويبضة ومعلمهم الأول الذى يعمل على الفضائية المعروفة بقناة الفلول، فقد كان تعليقه على اعتراض مصر على الفيلم المسىء للرسول -عليه الصلاة والسلام- بأن قال: "الرسول ليس مصريا حتى نحتج رسميا على الإساءة إليه!!". إحدى الرويبضات جعلت برنامجها منصة لمهاجمة قرارات الرئيس بالحق والباطل، حتى سفرياته التى نجح من خلالها فى جذب الاستثمارات والمنح الأجنبية بعشرات المليارات من الدولارات، واعتبرتها هذه "الرويبضة" شحاتة دولية، على الرغم من أنها وأسرتها تخصصوا فى قبول المنح والهبات العربية الفلولية. لقد حرص صفوت الشريف -وزير الإعلام الأسبق، أمين الحزب الوطنى المنحل، رئيس المجلس الأعلى للصحافة الأسبق- منذ توليه وزارة الإعلام منذ ربع قرن، أن يقوم بما يمكن أن نسميه ب"روبضة الصحف والتليفريون المصرى والفضائيات الخاصة". لقد دشَّنَ صفوت الشريف فى هذا الزمن لإعلام يمتلك جميع مقومات الكذب وجميع وسائل التمويه. ورغم قيام الثورة ووجود صاحب مشروع "روبضة الإعلام" فى السجن، إلا أن تلاميذه يكملون المسيرة بإتقان بتمويل من رجال أعمال مبارك، الذين ينتظرون اللحظة المناسبة للعودة لسيرتهم الأولى فى الإفساد ونهب ثروات هذا البلد. [email protected]