طالب فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأممالمتحدة بضرورة القيام بدور أكثر فاعلية في احترام التنوع الديني والثقافيوالحضاري بين الشعوب والدول والتأكيد على أنه مع الاعتراف الواسع بحرية التعبير لابد أن يكون هناك اعتراف مماثل بأن ممارسة هذا الحق تتبعه واجبات ومسئوليات نحو تحقيق الوئام والسلام العالمي، والتي يمكن أن تخضع لبعض القيود الملزمة. وأكد المفتى - في حوار موسع مع الموقع الرسمي للأمم المتحدة - أن الهدف الأسمى الذي ينشده المسلمون هو التعايش السلمي في ظل عالم يكرس فيه المتطرفون جهودهم إلىالازدراء والسخرية من شخص مقدس لدى أكثر من مليار شخص، محذرا من أن ذلك العالم سيتجه نحو الصراع إذا لم تتوحد الجهود المخلصة للعقلاء لوضع نهاية لهذه الأفعال التي لا طائل من ورائها إلا نشر الفتنة والفوضى في العالم. وشدد فضيلته في الحوار الذي أجرى على هامش انعقاد الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة عبر خاصية "اللايف تشات" ونقله بيان لدار الافتاء اليوم الثلاثاء على أن النبي محمد (ص) جزء أساسي من هوية المسلمين ونرفض المساس به. وأوضح أن الحوادث التي كشفت النقاب عن التوتر الشديد بين الإسلام والغرب على مدار السنوات القليلة الماضية أكثر من أن تحصى ومنها أحداث 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب في العراق وأفغانستان ، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهى لا تعدو كونها مجرد أمثلة تحظى بالاهتمام والمتابعة للوضع العالمي الذي تمتد آثاره لسنوات حتى على المستوى الإقليمي والمحلي. وحذر فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية من أن غض الطرف عن تصرفات حمقاء كحرق نسخ من المصحف والفيلم القميء والرسوم المسيئة وغيرها من الممارسات غيرالمبررة وتجاهل تلك الصراعات الخطيرة المستمرة يعني أن نظل كأمم ودول ومؤسسات ومثقفين وعقلاء غافلين عن عمد لرؤية العوامل الأساسية التي تحول بشدة دون التعايش والتقارب بين الإسلام والغرب. وأشار المفتي إلى مشاعر كراهية الإسلام المتنامية في مناطق آخرى من العالم والتي تترجم إلى تلك التصرفات الحمقاء والتي قد تسللت للأسف الشديد إلى السياساتالحكومية، ولا أدل على ذلك من النجاح النسبي الذي حققته الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا التي لا تألو جهدا في زيادة تهميش الفئات المسلمة فيها". وطالب بوضع نقاط الخلاف المتعددة بين المسلمين وغيرهم والتي يشهدها العالم كافة في يومنا هذا في الاعتبار وأن نجلس سويا لبحثها، مضيفا أنه في ظل البيئةوالأجواء المتوترة التي تجتاح العالم في الوقت الحالي، فإن نشر هذه الاستفزازاتعلى الملأ لا يعني سوى التصرف بعدم مسئولية وبتهور. ووجه المفتي في حواره مع الموقع الرسمي للأمم المتحدة نداء إلى جميع المسلمين طالبهم فيه بأن يعبروا عن اعتراضهم ضد صور خطاب الكراهية من خلال الطرق السلمية والقانونية ويجب إدانة ونبذ كافة أشكال العنف ويجب في نفس الوقت تفعيل القوانين الخاصة بنشر الكراهية. ولفت إلى أن الإهانات لم تقتصر في عهد النبي على رفض الرسالة التي أتى بها فحسب ، بل إنه طرِد من مكة وسبه قومه وتعرض لإيذاء بدني في مرات عديدة، لكنه في كل مرة كان يتحمل الإهانات والهجمات الموجهة لشخصه الكريم ملتزما بأمر ربه الذيحذره بذلك في القرآن الكريم. وأكد فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أن الحوار مسئولية تراكمية على المسلمين أوجبتها عليهم طبيعة الدين الحق الذي تعلمناه لا ما يتصوره بعضهم عنالإسلام، فالمسلمون يعتقدون أن الإسلام هو الرسالة الخاتمة إلى يوم الدين، وبناء عليه فهى للناس كافة، مشيرا إلى أن هاتين الخصيصتين هما الأساس الذي بنيت عليه عالمية الإسلام وتوجبان على المسلمين أن يتحاوروا مع غيرهم على أحسن وجه وهو مايؤكد أن الإسلام يمتلك نظرة عالمية مفتوحة ولم يسع أبدا إلى إقامة الحواجز بينالمسلمين وغيرهم؛ وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة الاقتراب من الآخر بقلوب مفتوحة وبقصد توضيح الحقائق. وشدد المفتي على أن حتمية الحوار قائمة على رؤية للعلاقات بين الثقافات تشددعلى التسامح والتفاهم والسعي الحثيث، وبالرغم من محاولات تعكير صفو العلاقات بينالإسلام والغرب إلا أن الرد المناسب لا يكمن في الهجوم أو الدفاع وإنما في البيانوالدعوة إلى التركيز على المشترك، وهذا المسار مؤسس على المبدأ القرآني:" تعالواإلى كلمة سواء بيننا وبينكم". وطالب المفتي - في ختام حواره مع الموقع الرسمي للأمم المتحدة - بأن الحوار لايجب أن يكون مقصورا على النخب الأكاديمية التخصصية فحسب، لأن الحوار على هذاالنحو سيكون غير ذي جدوى وربما كانت له آثار عكسية؛ ذلك أن الغاية الأسمى منالحوار هى بناء جسور التفاهم بين الشعوب ذوي الحضارات المختلفة، ومن ثم فلابد منممارسة الحوار وتطبيقه لا أن يظل حبيس الجدران في القاعات والمؤتمرات، ولابد أنيساعد الحوار عامة الناس في كشف الغموض الذي يكتنف الاختلافات الدينية، وفي فهمالحكمة الإلهية من التنوع الديني. يأتي حوار المفتي استمرارا لحملة دار الإفتاء المصرية العالمية التي بدأتهاللتعريف بالإسلام ونبيه محمد صلي الله عليه وسلم في الغرب وفي المؤسسات الدولية حول الأجواءالمتوترة حاليا في العالم وسبل تفاديها.