أدانت 17 منظمة حقوقية الحكم الصادر من قضاء العسكر على نقيب الصحفيين المصريين واثنين من أعضاء مجلس النقابة، في قضية اقتحام مقرها، بحبسهم عامين وغرامة 10 آلاف جنيه لوقف التنفيذ واعتبرت الحكم إرهابًا لكل الإعلاميين. وقضت محكمة جنح قصر النيل (وسط القاهرة)، السبت الماضي، بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه (625 دولارًا) لوقف التنفيذ بحق كلّ من قلاش وزميليه بتهمة "إيواء هاربين من العدالة" في مبنى النقابة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ النقابة.
المنظمات الحقوقية اعتبرت الحكم بمثابة "صفعة لحرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام في مصر، ورسالة إرهاب لكل صاحب رأي مستقل، وصدمة لا تقل وطأتها عن جريمة اقتحام الشرطة لنقابة الصحفيين، في مطلع مايو الماضي، للمرة الأولى في تاريخ النقابة الممتد لأكثر من 75 عامًا".
وقال البيان المشترك الصادر عن المنظمات، اليوم الإثنين: "شابت التحقيقات مع يحيى قلاش نقيب الصحافيين وزميليه جمال عبد الرحيم وكيل النقابة وخالد البلشي، أمين لجنة الحريات، الكثير من الخروقات والانتهاكات، كان أبرزها رفض انتداب قاضٍ للتحقيق في الواقعة بعد صدور بيان النائب العام، في 3 مايو الماضي، متضمنًا تهديدات واضحة، مكيلًا الاتهامات للنقيب وزميليه، ومبررًا اقتحام قوات وزارة الداخلية للنقابة، في استباق واضح لنتائج التحقيقات التي لم تكن قد بدأت بعد، الأمر الذي يجدد التساؤل حول مدى حيادية النائب العام.. هذا بالإضافة إلى انتهاء أول جلسة تحقيق بإخلاء سبيل نقيب الصحفيين وزملائه بكفالة 10000 جنيه مصري!".
وأضافت المنظمات أن "ما شهدته هذه القضية من تطورات غير مسبوقة، يرسي عددا من المستجدات التي اقتصر ممارستها على النظام الحالي، على نحو يميزها عن جميع سابقيها.. فبين واقعة اقتحام نقابة الصحفيين الأولى في تاريخ النقابة منذ إنشائها نهاية الأربعينيات، يأتي الحكم الصادر مؤخرا مكللاً تلك السوابق، باعتباره أول حكم بحبس نقيب الصحفيين وأعضاء مجلس النقابة جراء ممارستهم عملهم النقابي المتمثل في حماية أعضاء النقابة".
وأشارت المنظمات إلى أن "هذا التصعيد غير المسبوق لا بد ألا ينظر له بمعزل عن الهجوم الشرس على حرية الرأي والتعبير بشكل عام، وحرية الصحافة والإعلام بشكل خاص، على النحو الذي تعكسه المحاولات الدؤوبة لإفراغ المجال العام من أي صوت معارض أو نقدي، سواء بعرقلة تأدية الصحفيين مهام عملهم، أو بمنع ووقف ومصادرة بعض أعداد الصحف المصرية بأوامر أمنية، أو بحبس عشرات الصحفيين على خلفية ممارسة عملهم الصحفي".
هذا بالإضافة لما شهدته الفترة الماضية من ارتفاع في وتيرة القضايا التي أحيل على إثرها رؤساء تحرير وصحفيون وإعلاميون مقيمون خارج مصر للقضاء، بتهم عديدة، من بينها نشر أخبار كاذبة وإهانة القضاء والتحريض ضد الدولة، وكان آخرها حبس رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الدستور 3 أشهر، بتهمة إشاعة أخبار كاذبة.
فضلاً عن التوسع الكبير في قرارات حظر النشر، سواء الصادرة من قبل النائب العام أو من قبل الهيئات القضائية، في محاولة من الأجهزة الأمنية والتنفيذية لاحتكار الرواية الرسمية حول ما يدور في مصر من أحداث، وغلق الطريق أمام الحقيقة، ومصادرة أي اجتهادات صحافية أو آراء مستقلة.
ومن ضمن المنظمات الموقّعة على البيان: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، المرصد للاستشارات والتدريب، مركز الأرض لحقوق الإنسان، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مركز النديم لضحايا العنف والتعذيب، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، مركز هشام مبارك للقانون، مصريون ضد التمييز الديني، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، نظرة للدراسات النسوية.
وكان نقيب الصحفيين قد دعا إلى عقد جمعية عمومية، الأربعاء المقبل؛ لمناقشة الحكم، واصفا الحكم ب"أزمة كبيرة وغير مسبوقة تستهدف الكيان النقابي ولا تستهدف أشخاصًا".