سيطرت جريمة اقتحام مليشيا السيسي لمبني نقابة الصحفيين لأول مرة فى التاريخ على العالم الافتراضي لتواكب حالة الغضب المستعر فى الشارع، للتنديد بحالة التوحش التى سيطرت على أذرع دولة العسكر والسعار الأمني الفاشي الذى وضع الوطن بأكمله تحت الحصار. "الانقلاب يترنح" لم يعد شعارا للاستهلاك الإعلامي أو ضمن سجالات فرقاء المشهد السياسي، وإنما واقع تجسده تصرفات العسكر المتوترة، وحالة الارتباك التى تحتكم السلطة وتنعكس على تصريحات مضطربة وتصرفات عشوائية، وإطلاق القبضة البوليسية فى محاولة بائسة لمنح النظام المركزي قبلة الحياة وإنقاذ رقبته من مقصلة الثورة التى باتت تلوح فى الأفق المنظور.
اقتحام نقابة الصحفيين على بُعد أيام قلائل من بيع الأرض المصرية لصالح الكفيل الخليجي، كانت بمثابة القشة التى قسمت ظهر البعير وأحد المسامير فى نعش السيسي، بعدما عادت اللحمة الوطنية للشارع الثوري واصطف رفقاء الميدان من جديد تحت لافتة "الشعب يريد إسقاط النظام" بذات الملامح التى ميزت ميدان التحرير دون تمييز بين الإسلامي واليساري والليبرالي وسائر مكونات وألوان طيف الشارع المصري.
مواقع التواصل الاجتماعي اكتظت بعشرات الهاشتاجات المنددة بجريمة مليشيات السيسي وشرطة مجدي عبدالغفار فى بلاط صاحبة الجلالة، بعدما أقدمت عصابات السلطة على اقتحام المبني العريق القابع فى قلب القاهرة فى سابقة تاريخية لم يجرأ عليها طغاة العسكر منذ نشأة الجمهورية، وقام بالاعتداء على المحتمين فى بين جدرانها واعتقال اثنين من أبناء مهنة الحريات.
وتصدرت هاشتاجات #نقابة_الصحفيين و#نقابة_الصحفيين_خط_أحمر و #الصحافة_ليست_جريمة ، و #اقتحام_نقابة_الصحفيين #كسروا_القلم، تريندات مواقع التواصل الاجتماعى، فى ظل تفاعل النشطاء والصحفيين مع الواقعة المأساوية، والمطالبة بإقالة وزير داخلية السيسي كحد أدنى لمطالب سابقة طالبت برحيل النظام
وغرد نشطاء على اقتحام النقابة باعتبار أن "انتهاكات الشرطة فى عهد مجدى عبدالغفار وزير الداخلية أفظع مما قامت به قبل الثورة"، وتوجيه الدعوات لعموم الشعب المصري للاعتصام داخل قلعة الحريات من أجل الاعتذار والإقالة ورحيل النظام.
خالد البلشي عضو مجلس النقابة ووكيل لجنة الحريات كسر حاجز الصمت الرسمي داخل المبني الرابض على مدخل شارع عبدالخالق ثروت: " تلقيت أنا والزميل جمال عبد الرحيم سكرتير عام النقابة خبر الاعتداء السافر والغاشم وغير المسبوق على نقابة الصحفيين بعد وصولنا للمغرب بساعات ونحن الآن نبحث عن وسيلة لعودة بأسرع ما يمكن".
وأضاف البلشي: "لابد من وجود رد قوي وسريع من جانب كل الجماعة الصحفية.. اعتقد أن الأمر تعدى نطاق مجلس النقابة للجمعية العمومية التي يجب أن تكون حاضرة بقوة في هذا المشهد وفي مواجهة هذا الاعتداء غير المسبوق على مؤسسة النقابة وعلى الصحافة المصرية، لابد من تدارس رد أيضا على مستوى الصحف المصرية سواء بتسويد صفحاتها أو بالاحتجاب أو بالخروج بمانشيتات موحدة ضد العدوان على نقابة الصحفيين .. وكذلك لابد ان تحضر الجمعية العمومية للدفاع عن نقابتها وعن المهنة.. ما حدث أمر جلل وخطير ولا يجوز أن يتم تجاوزه دون وقفة حقيقية للدفاع عن المهنة وعن النقابة".
ولخص د. محمد محسوب المشهد الهزلي بكثير من الواقعية التى تطلب رد فعل مساوٍ فى القوة ومضاد فى الاتجاه، "اقتحام نقابة الصحفيين عقاب لاستضافة تظاهرة جمعة الأرض، وتنكيل بأبنائها الرافضين لعار التنازل، جنون عكس حجم الجريمة يحتاج تضامنا يعكس حجم الرفض".