رغم التحفظات الكثيرة التى أبداها عدد من الخبراء والمتخصصين على بيان حكومة الانقلاب، وأنه لم يتضمن سوى عبارات إنشائية وبلاغية ولم يشتمل على جداول زمنية ولا آليات للتنفيذ ولا حتى للتمويل وسد العجز في الموازنة إلا أن برلمان السيسي وافق اليوم على البيان ومنح الثقة لحكومة فشلت في كل الملفات باعتراف الجميع، فلماذا إذا وافق البرلمان على الحكومة رغم كل هذه التحفظات الكبيرة والضخمة؟! وما تداعيات هذه الموافقة على أهم القضايا الساخنة على الساحة وأولها التفريط في جزيرتي صنافير وتيران للمملكة العربية السعودية؟ وكان مجلس النواب قد منح الثقة لحكومة شريف إسماعيل التي تواجه انتقادات متتابعة ولاذعة على أدائها منذ توليها مهام عملها في سبتمبر الماضي، وجاء القرار بتصويت 433 من أعضاء مجلس النواب بالموافقة على برنامج الحكومة، في جلسة عامة حضرها إسماعيل وجميع أعضاء حكومته، ورفضه 38 عضوًا، فيما امتنع 5 أعضاء عن التصويت. هذا القرار وصفه خبراء الشأن السياسي بأنه كان متوقعًا، مؤكدين أن القرار جاء خوفًا من أزمة حل البرلمان وليس اقتناعًا بالحكومة أو برنامجها، الأمر الذي يؤكد أن الأوضاع في مصر هي نفس ماكانت عليه قبل يناير 2011. الخوف من الحل يقول الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو جبهة الإنقاذ التي دعمت الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب، إن الأمر كان متوقعًا وبنسبة تفوق 433 نائبًا، مشيرًا إلى أن المجلس بتمريره برنامج حكومة إسماعيل الذي تضمن مجرد خطوات نظرية وخطط كلامية، وليس آليات للتنفيذ يعلن أنه سيكون مجلسًا للتمرير فقط وليس للتشريع. وأضاف، في تصريحات صحفية اليوم أن ما استند عليه البرلمان في هذا القرار هو الخوف من أزمة حل البرلمان في حال عدم منح الثقة للحكومة وتشكيل حكومة جديدة، فالكل يبحث عن موقعه في البرلمان وليس على مصلحة البلاد؛ وهو ما ينذر بأن البرلمان لن يقوم بدوره الرقابي ومناقشة قوانين السلطة التنفيذية. واتفق معه الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤكدًا أن القرار جاء خوفًا من أزمة الحل وليس اقتناعًا بالحكومة أو البرنامج، مشيرًا إلى أن النواب حافظوا بهذا القرار على مواقعهم في المجلس. جمال أسعد، المفكر السياسي، اعتبر في تصريحات إعلامية أن منح البرلمان الثقة لحكومة المهندس شريف إسماعيل أمرًا متوقعًا، مشيرًا إلي أن الموافقة علي بيان الحكومة ليس حبًا فيها أو اقتناعًا ببرنامجها، ولكن خوفًا من حل المجلس وفقًا للمادة 146 من دستور 2014. القادم أسوأ وتوقع دراج، أن تكون الفترة القادمة أسوأ في ظل حكومة إسماعيل، مع تفاقم الأزمات التي لم تعمل على حلها من قبل مؤكدًا أن الحكومة ما كانت تستحق هذه الثقة؛ لأنها اكتفت في برنامجها بكلام نظري عن هذه الأزمات من أجل «سد الخانة» فقط. وأضاف الباحث عمرو هاشم ربيع، أن المشهد الآن بات مضطربًا ولا يحمل الخير، لأن موافقة البرلمان على استمرار الحكومة جاء بحجة «المركب تمشي»، رغم أن هناك ملاحظات جوهرية على أداء الحكومة كان لا بد من عدم إغفالها. وأوضح، أن البرلمان لم يعد سلطة تشريعية لها حق الاعتراض ورفض برنامج الحكومة، التي وعدت بإصلاحات دون آليات للتنفيذ، وكان على المجلس ألا يأخذ برنامج الحكومة على محمل الثقة. وتابع جمال أسعد عبدالملاك، أن هذه الموافقة لا تبشر بالخير خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن منح الثقة للحكومة رغم بعض التحفظات على بيانها، سيجعلها تستشعر بعدم وجود برلمان حقيقي قادر علي محاسبتها والرقابة عليها. لا أمل في رفض بيع الجزيرتين من جانبه رأى الكاتب محمد سيف الدولة الباحث في الشأن القومي العربي أن موافقة مجلس النواب على برنامج حكومة المهندس شريف إسماعيل يسقط أوهام رفضه بيع "تيران صنافير". وقال في تغريدة عبر حسابه على موقع التدوين المصغر "تويتر": “موافقة 433 نائب على برنامج الحكومة، يسقط أوهام الذين لا يزالوا يراهنون على احتمال رفض البرلمان لصفقة بيع تيران صنافير".