لا يزال مقتل الطالب جوليو ريجيني يلقي بظلال قاتمة في الداخل الإيطالي بعد مرور أكثر من أسبوع على رحيله على نحو وحشي، حيث تزايد الضغوط على السلطات المصرية من قبل روما لتسريع تحقيقات كشف ملابسات الجريمة الشنعاء ومحاكمة المسؤولين عن قتله وتعذيبه، في الوقت الذي تتبنى الصحف الإيطالية تورط ميليشيات الانقلاب في تصفية طالب الدكتوراه بسبب تقاريره السياسية والاقتصادية. شبكة "الجزيرة" الإخبارية رصدت ردود الأفعال فى مسقط رأس الطالب الإيطالي؛ حيث خيم الحزن على بلدة فيومتشيلو الواقعة في شمال شرق إيطاليا وبدت الشوارع كئيبة في منتصف نهار يوم التسوق الأسبوعي بالساحة الرئيسية، مشيرة إلى أنه يكاد الصمت هو اللغة الوحيدة المسموعة هناك والحداد يطبق على تلك البقعة المحافظة. وأوضح التقرير أن سكان البلدة لا يزالون يعيشون على وقع الصدمة بعد المصير المأساوي الذى لقيه أحد أبناء القرية على الطرف الأخر من البحر المتوسط فى ظروف غامضة تشير كل ملامحها صوب مليشيات العسكر؛ حيث مرت أيام على دفن جوليو ريجيني في "فيومتشيلو" التي عاش وترعرع الطالب الإيطالي قبل أن يعود إليها من مصر مقتولاً وآثار تعذيب وحشية على جسده. وأشار التقرير إلى أنه لا يبدو أن السكان هنا تجاوزوا الصدمة؛ حيث لا يزال الحديث متواصلا عن ملابسات الحادث الغامض والدوافع وراء مقتل ريجيني على هذا النحو، فيما كشف أحد المواطنين أن ما حدث مع جوليو في مصر مأساة حقيقية مزقت القلوب خاصة مع تلك النهاية الصادمة، فربما لو كان قد مات في حادث سيارة لاختلف الأمر كثيرا، مشددا على "أن الشيء الأكثر إيلامًا أنه تعرض لتعذيب وحشي على مدار أسبوع وهذا أوجعنا كثيرًا". وتابع: "المصير الذي لقيه ريجيني في مصر يبدو أنه أثر في الصغار أيضًا، ففي المدرسة التي تعلم فيها جوليو في السابق رثاه الأطفال والطلاب هناك على طريقتهم الخاصة، فيما قبالة الساحة الرئيسية للبلدة يتوقف المارة أمام أهم ما كتب عن التضحية خاصة رسالة التأبين المؤثرة التي كتبتها والدة جوليو". ولفت التقرير إلى أن عائلة ريجيني التزمت الصمت التام ورفضت التعليق عن الحادث لأي وسيلة إعلامية في انتظار نتائج التحقيقات فى مقتل وتعذيب ابنها في مصر، بينما أوضح جيران الطالب الراحل أن والدته طريحة الفراش الآن جراء صدمة رحيل جوليو على هذا النحو، وتفاقمت حالتها الصحية بعدما رأت آثار التعذيب الواضحة على جثمان ولدها. وأردف: "عمدة بلدة فيومتشيلو يعرف جيدا عائلة جوليو؛ حيث رافق أهل الضحية منذ اللحظات الأولي للإعلان عن اختفاءه فى مصر إلى حين الانتهاء من مراسم الدفن"؛ حيث اعترف "أن العائلة استيقظت على كابوس لم تكن تتوقعه فى أسوأ الحالات حيث ضربتها تلك المأساة فى الصميم خاصة فيما يتعلق بالطريقة التي مات بها". وأوضح عمدة فيومتشيلو أن آل ريجيني لم تجد حتى الآن من يجيب على سؤال واحد "من قتل جوليو؟" لأن ما تعرض له عنف غير مبرر ويتجاوز اللا معقول؛ حيث قتلوا شابًّا؛ لأنه متسامح وانتزعوه من عائلته على نحو وحشي دون جريرة أو ذنب. واختتم التقرير: "ربما يذهب جوليو ريجيني المدفون في مسقط رأسه ضحية التقاء المصالح في النهاية، لكن صورة مصر الوردية قد لا تبقى كما كانت في أذهان في الذاكرة الجماعية للطليان بعد مصر الطالب المغدور".