تباينت المعالجات بشأن تورط أجهزة الأمن المصرية في مقتل الطالب الإيطالي جيولو رجيني بين الصحافة العالمية والصحافة المحلية التي يسيطر عليها السيسي وعلى كل ما يكتب فيها بصورة كبيرة. وكان الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني" الذي يبلغ من العمر 28 عاما، وهو طالب دكتوراه في جامعة كمبريدج البريطانية، كان يعد بحثا حول الحركات العمالية في مصر، واختفى يوم 25 يناير وسط العاصمة القاهرة. حيث كانت تنتشر قوات الأمن بكثافة وحضرت جميع التجمعات خصوصا في مدينة القاهرة. وعثر على جثة الشاب الإيطالي يوم الأربعاء الماضي الموافق 4 من فبراير 2016م ملقيا في حفر بالقرب من إحدى ضواحي مدينة 6 أكتوبر غربي القاهرة. وعليه آثار تعذيب وطعنات وكي بأعقاب السجائر وكان نصفه السفلي عاريا تماما.
الصحافة المصرية تدافع عن الشرطة
تابعت الصحف المصرية ولليوم الثاني على التوالي حادث مقتل الشاب الإيطالي والذي تسبب مقتله في أزمة دبلوماسية بين روماوالقاهرة وتم تجميد عدد من الخطط الاستثمارية المشتركة بين الجانبين.
"أخبار اليوم" تحدثت عن «توسيع دائرة الاشتباه فى جريمة الشاب الايطالي»، والشروق تؤكد على «تضارب أقوال النيابة والطب الشرعي فى مقتل الطالب الايطالي .. وقالت إن «ريجيني كان يكتب مقالات عن مصر وطلب حجب اسمه خوفا من استهدافه»، وهو التقرير الذي لا يستبعد بطريقة غير مباشرة تورط أجهزة أمنية في مقتله. أما الوطن فقالت «بعثة ايطالية فى القاهرة للمشاركة فى تحقيقات ريجيني .. أجهزة الأمن تفتش 45 شقة بمنطقة سكنية .. ووالده: لم يكن له نشاط سياسي»، وهو ما يهدف إلى محاولة استبعاد سيناريو تورط أجهزة الأمن في مقتله". وهو ما يناقض تماما تقرير الشروق الذي يؤكد أن للطالب نشاط سياسي بحكم دراسته حول النشاط العمالي في مصر بعد ثورة 25 يناير، وكتب مقالات تنتقد الأوضاع في مصر وهو ما تجاهلته الوطن تماما حتى تستبعد تورط الأمن المصري في مقتله.
وعلى درب الوطن سارت اليوم السابع ولكن بصورة أكثر فجاجة، حيث تحدثت عن «3 سيناريوهات لفك غموض مقتل الشاب الإيطالي»، أول هذه السيناريوهات هو بحث خلافاته مع أصدقائه، والثاني تورط إرهابيين. أما الثالث فهو حادث سير كما ادعت الأجهزة الأمنية واستبعد التقرير تماما تورط الأجهزة الأمنية في الحادث. البوابة من جانبها كتبت «فى تقرير مبدئي: الطب الشرعي: الشاب الايطالي توفي نتيجة التعذيب» وهو ما يرجح بصورة غير مباشرة تورط أجهزة الأمن. فيما كتبت المصري اليوم «بعثة إيطالية لمتابعة تحقيقات مقتل "جوليو".
من جانبها، تلمح الصحف الأجنبية إلى تورط أجهزة الأمن المصرية في قتل الطالب الإيطالي حينا وتصرح أحيانا، حيث كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» اليوم السبت 7 فبراير 2016م "في حالة ريجيني، تبرز قوات الأمن المصرية كأقوى الأطراف المشتبه فيها نظرًا لأن ظروف اختفاء الطالب الإيطالي تتشابه مع مثيلتها بالنسبة للكثير من المصريين الذين ضمتهم السجون والمعتقلات السرية التي تديرها قوات الأمن، وكان التعذيب فيها هو العامل المشترك. وقد ظهر معظمهم أمام المحاكم أو في السجون، في حين مات البعض الآخر".
جاء هذا في سياق تقرير للصحيفة حاولت فيه أن تكشف ملابسات حادث مقتل الباحث الإيطالي جيوليو ريجيني.
وتدلل نيويورك تايمز على صحة ما ذهبت إليه من تورط أجهزة الأمن المصرية ببرهان آخر، خصوصا بعد فريق من المحققين الإيطاليين إلى مصر أمس الجمعة للمساعدة على كشف ملابسات الحادث وتقديم الجناة إلى العدالة، وأشارت إلى أن الشاب كان يكتب سرا من مصر لصالح صحيفة إيطالية يسارية تنتقد الأوضاع في مصر.
وذكر التقرير أن صحيفة " إل مانيفيستو" الإيطالية اليسارية قد نشرت مقالة أمس الجمعة كتبها ريجيني باسم مستعار قبل أسابيع من العثور على جثته، والتي كان ينتقد فيها حكومة عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب عبر وصفه المحاولات المتعثرة التي تقوم بها النقابات المصرية لإعادة ترتيب أوراقها.
وترى الصحيفة الأمريكية أن مقال ريجيني قد أسهمت بشكل أو بآخر في إثارة موجة من السخط العام في إيطاليا حول الإصابات المتعددة التي ظهرت على جثة الطالب الإيطالي في وقت أشارت فيه تقارير إعلامية بأصابع الاتهام إلى قوات الأمن المصرية. صحيفة إيطالية" الشرطة متهمة
وعنونت صحيفة " لاستامبا" الإيطالية اليومية تقريرا لها ب" جيوليو، الشرطة المصرية مُتهمة."
وفي مسعى منهم لتهدئة الأجواء المحتقنة مع إيطاليا، الحليف الأوروبي المقرب نسبيًا من القاهرة، تعهد مسئولون مصريون بالتعاون لكشف ملابسات الحادث وتقديم المسئولين عنه للعدالة، وتحدث رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينيزي هاتفيا مع السيسي واتفق الجانبان على التعاون ل "كشف لغز" ريجيني، وفقا لبيان صادر عن مكتب السيسي.
قناة فرنسية: تورط الشرطة محتمل
وأشارت قناة "تي في 5 موند" الفرنسية إلى أن احتمال تورط الشرطة في الحادث أمر وارد، وأكدت "تي في 5" أن كل الفرضيات تظل مفتوحة حول السبب الذي أدى لوفاة الطالب الإيطالي، لكن مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الدوائر الدبلوماسية في القاهرة لا تستبعد تورط الشرطة، في بلد تُتهم فيه أجهزة اﻷمن والاستخبارات بشكل منتظم من قبل منظمات حقوق الإنسان بالاعتقال والاحتجاز دون محاكمة أو باستخدام العنف أو التعذيب تجاه المواطنين.
وأشارت إلى حدوث حالات وفاة داخل أقسام الشرطة بسبب العنف في مصر، ما أدى إلى رفع قضايا في المحاكم ضد بعض ضباط الشرطة، ودفع هذا أﻷمر عبد الفتاح السيسي مطالبة رجال الشرطة بضبط النفس.
وأضافت: منذ اﻹطاحة بالرئيس محمد مرسي، في 3 يوليو 2013، تقمع الشرطة بعنف كل أنواع المعارضة، الإسلامية، العلمانية والليبرالية، وقتل أكثر من 1400 متظاهر عام 2013، وحكم على المئات بالسجن وآخرين باﻹعدام في محاكمات عاجلة استنكرتها الأممالمتحدة.
من جانبها، ألقت صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية الضوء على بوادر خلاف بين الداخلية ونيابة جنوبالجيزة جراء تأكيد الأخيرة بأن جثة الطالب الإيطالي جيويليو ريجيني تحتوي على آثار تعذيب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إعلامي بالداخلية نفيه لصحة ما قاله حسام نصار رئيس نيابة حوادث جنوبالجيزة بأن الباحث الإيطالي تعرض لعملية تعذيب قبل قتله.
وعلق أشرف العناني مسؤول إعلامي بوزارة الداخلية قائلا: "الموضوع حساس للغاية، وكان يجب على رئيس النيابة عدم الإدلاء بتلك التصريحات، فما لدينا من مشرحة زينهم تؤكد على خلو الجثة من أي آثار للتعذيب"، وفقا للصحيفة.
