قالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بحقوق الانسان، في بيان لها اليوم الأربعاء: إن شرطة الانقلاب قتلت المعتقل "أشرف شلتوت"، بالإهمال الطبي يوم 21 يناير الجاري، بعد تدهور حالته الصحية، بعد إصابته بمرض سرطان الرئة في معتقله بسجن بورسعيد. واعتقلت سلطات الانقلاب أشرف حسن حسين شلتوت، ويعمل موظفًا بديوان عام حي العرب ببورسعيد، شمال شرقي مصر، يوم 18 يوليو 2014، من أمام منزله فور عودته من عمله، والاستيلاء على سيارته وتلفيق تهم حيازة متفجرات ومنشورات وإشارات رابعة". ويقول نجل الضحية، خالد أشرف ل"هيومان رايتس مونيتور": "وجهت السلطات القضائية لوالدي 21 اتهاما، ثم تمت إحالته إلى محكمة عسكرية ، قضت بسجنه 43 عاما".
وحول تدهور حالته الصحية بسجن بورسعيد، يوضح خالد أشرف ل"هيومان رايتس مونيتور": "كان والدي سليما معافى قبل اعتقاله، ولا يعانى إلا من التهابات بالغضروف، وقبل وفاته بنحو شهرين بدأت أعراض المرض الشديدة تظهر عليه، حيث فقد وزنه وقدرته على الحركه، وفقد شهيته للطعام والشراب والكلام، ورغم استغاثته المتكررة لإدارة السجن ، إلا أنهم لم يلقوا له بالا، واستمروا في تعنتهم في نقله إلى المستشفى".
وأردف قائلا: "بعد محاولات عديدة من قبل الأسرة والحصول على إذن من النيابة تم نقله لمستشفى السجن، ثم المستشفى الأميري ببورسعيد، بعد شهر ونصف من معاناته مع المرض، بدون أي رعاية طبية أو علاج".
وكانت المفاجأة الصادمة حينما تم الكشف على شلتوت فى المستشفى الأميري، وعمل التحاليل والأشعة، اكتشف الأطباء إصابته بسرطان الرئة، في آخر مراحله، وكتب المستشفى تقريرًا عاجلاً تطلب نقله سريعًا إلى "معهد الأورام" بالقاهرة، لخطورة حالته الصحية.
وواصلت ادارة السجن تعنتها ولم تستجب للتقرير الطبي، فكتبت المستشفى تقريرًا عاجلاً آخر، وتم نقله لمستشفى سجن طره التابع لسجن طره، جنوبالقاهرة، بعد رفض معهد الأورام استقباله، لتأخر حالته الصحية، حيث تمت الوفاة خلال أيام من نقله.
وتطالب "هيومان رايتس مونيتور" سلطات الانقلاب بالتحقيق الفوري في مقتل شلتوت، ووقف الممارسات غير القانونية التي تشهدها سجون العسكر، بحق المعتقلين، والإفراج الصحي عن كل معتقل يواجه خطر الموت، وتقديم الرعاية الصحية له..
حيث تعد الرعاية الصحية للمعتقلين أهم العناصر الرئيسية والحقوقية التي يجب أن تُقدم للمعتقلين، بنص المادة 22 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي تنص على "أما السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة فينقلون إلى سجون متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية، ومن الواجب حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضى، وأن تضم جهازًا من الموظفين ذوي التأهيل المهني المناسب".
وتستنكر "هيومن رايتس مونيتور" مقتل "شلتوت"، بالإهمال الطبي، الذي أضحى أحد أسلحة الانقلاب في مصر، للقضاء على حياة المعتقلين، في ظل التكدس العام الموجود في سجون وأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز بمعسكرات الأمن، ومع عدم الاهتمام بتهوية الزنازين أو توفير بيئة نظيفة للمعتقلين، ومع استمرار التعذيب والقمع الذي ثبت وجوده من أكثر من حالة في سجون مصر، تجد الأمراض المعدية فرصتها لتتنامى وسط أجساد المعتقلين المتكدسين، ومع تعنت المسئولين في السجون ورفضهم إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية للمرضى يصبح الوضع أكثر كارثية.
وكانت هيومن رايتس مونيتور" قد رصدت منذ بداية العام 2015 حتى أغسطي الماضي، مقتل نحو (59) حالة بالاهمال الطبي، تتركز النسبة الأعلى منهم في سجن العقرب شديد الحراسة، ثم سجن طرة ، يليه سجن المنصورة العمومي، ثم سجن برج العرب، وسجن وادي النطرون.
فيما وثقت آخر إحصائية لمركز "النديم للعلاج وتأهيل ضحايا الاعتقال والتعذيب"، مقتل نحو 137 سجينًا بالسجون ومقار الاحتجاز، بالإهمال الطبي داخل السجون المصرية، في العام 2015.
وترى "هيومن رايتس مونيتور" أن الاهمال الطبي في سجون الانقلاب يخالف كل المواثيق والأعراف ، ويأتي على أبسط حقوق المعتقلين الآدمية، وهو الحق في الحياة، فيناقض مع المادة (18) من دستور مصر 2014، التي تنص على أن:"لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة"، كما أن الرعاية الطبية من أهم حقوق الإنسان، التي تضمنتها "القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء"، خاصة القاعدة (22) منها – الفقرة الأولى –والتي تنص على أن: "السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة، ينقلون إلى سجون متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية، ومن الواجب، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية، بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضى، وأن تضم جهازاً من الموظفين ذووي التأهيل المهني المناسب".