لم يكد يمر حادث مقتل وإصابة قرابة 21 سودانيا فى سيناء على يد مليشيات الانقلاب العسكري، ضمن سلسلة من الانتهاكات التى طالت الأشقاء السودانيين فى مِصْر فى الآونة الأخيرة، حتى خرج وزير الخارجية السوداني ليكشف عن حجم الشقاق الذى بات يضرب طرفي وادي النيل منذ دهست مجنزرات السيسي الشرعية الحاكمة فى مِصْر. السيسي الذى لم يتورع عن قتل وتعذيب المِصْريين فى سجون الانقلاب، لم يجد حرجًا فى استعداء الجانب السوداني من أجل ابتزاز أموالهم، متجاهلا حاجة القاهرة إلى دعم الخرطوم من أجل توحيد المواقف فى مواجهة تداعيات سد النهضة، وهو ما دفع السودان إلى التخلي على مساندة مِصْر فى مساعيها تجاه البناء الإثيوبي على منابع النيل والتضامن مع أديس أبابا ضد مصالح دولة السيسي. ومع تفاقم الانتهاكات الانقلابية بحق الأشقاء السودانيين، كشف وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور -أمام البرلمان- عن معاناة أبناء وطنه فى مِصْر، موثقًا حملات الاعتداء الممنهج عليهم وسرقة أموالهم، واحتجاز العشرات منهم دون دوافع قانونية فى زنازين غير آدمية. وأشار غندور إلى "زيادة حالات احتجاز السودانيين وتفتيشهم وسلب ممتلكاتهم، واستهداف بعض المواطنين السودانيين في المقاهي والشوارع، خاصة بمنطقة وسط البلد، ومحاولة الحصول على أموال منهم تحت ذرائع التأكد من وجود إقامات لديهم". وتابع الدبلوماسي السوداني أنه تم إلقاء القبض على بعض السودانيين أمام الصرافات وتغيير العملة، قبل وبعد أداء العملية المصرفية للحصول على ما يحملونه من أموال، تحت أسباب مثل عدم وجود إيصالات أو إقرار جمركي للمبالغ التى تقل عن عشر آلاف دولار. وأكد غندور أنه "تتم معاملة المحتجزين في بعض الأحيان بفظاظة، كما انتقلت الحملات التى يتعرض لها السودانيون في المقاهي، إلى بعض أماكن السكن التي يتم تفتيشها، وهنالك بعض الأمثلة موثقة ومرصودة تتابعها سفارتنا في القاهرة، كما أن لدينا توثيقا فوتوغرافيا لتلك الانتهاكات". وأوضح الوزير السوداني أن الحملات المشار إليها تقوم بها بعض من أجهزة الشرطة والأمن، كما أن المجموعات المتفلتة ومجموعات بلطجية أيضا تنتحل صفة الأمن ولهم نصيب من سلب ممتلكات السودانيين في مِصْر، فى وضع مأساوي ينذر بعواقب وخيمة. وكانت مليشيات السيسي بقسم شرطة عابدين، قامت بتعذيب المواطن السوداني يحيى زكريا، الذي جاء إلى القاهرة لعلاج ابنه، عقب إلقاء القبض عليه بوسط القاهرة، وهو في طريقه لمكتب صرافة لتغيير عملة للذهاب إلى المستشفى، وتم ترحيله مكبلاً. وتشهد العلاقات المِصْرية السودانية توترًا ملحوظًا فى الآونة الأخيرة، بلغ ذروته فى اعتراض الخرطوم رسميًّا أمام الأممالمتحدة على إدراج حلايب وشلاتين المتنازع عليها ضمن دوائر الانتخابات المِصْرية، فضلا عن تنافر المواقف بين البلدين فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة وترجيح السودان كفة إثيوبيا، وشن الأذرع الإعلامية حملات عدائية ممنهجة ضد البلد الشقيق، لتواصل دبلوماسية السيسي حماقتها التى تصر على تقزيم دور مِصْر الإقليمي واستعداء الجميع.
