* 103 شهيدا بينهم خمسة أطفال و8 سيدات استيقظ المصريون صبيحة الاثنين 8 يوليو 2013 على أول مجازر العسكر بعد الانقلاب العسكري، وهى مجزرة الحرس الجمهوري أحد أبشع مذابح العسكر ضد المتظاهرين السلميين والتي صّوب فيها العسكر طلقات رصاصاتهم الغادرة ضد آلاف المعتصمين أمام نادي الحرس الجمهوري, وهم يؤدون صلاة الفجر في مذبحة بشعة تجاوز عدد ضحاياها 103 شهيدا بينهم 8 نساء وخمسة أطفال و1000 مصاب. فضلا عما مارسته الشرطة العسكرية من عمليات تعذيب ضد عشرات المعتصمين السلميين الذين تم اقتيادهم عقب المذبحة، لإجبارهم على الظهور في المؤتمر الصحفي الذي كانوا يحضِّرون له بهدف إجبارهم على الاعتراف بمحاولة اقتحام مبنى الحرس الجمهوري، كما تم اعتقال ما يزيد عن 652 متظاهرا أثناء المذبحة, حيث نسبت إليهم النيابة مجموعة من الاتهامات في مقدمتها القتل، والشروع في القتل، والبلطجة، وحيازة أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص، وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء، وقطع الطريق، وتعطيل المواصلات، وإحراز متفجرات، والمساس بالأمن العام تنفيذا لغرض إرهابي، بحسب وصف النيابة! كما لم يتورع زبانية العسكر من محاصرة مسجد المصطفى بجوار الحرس الجمهوري وبداخله ما يزيد عن 200 امرأة وقطع الكهرباء عليهن داخل المسجد لأنهن حاولن الاستغاثة في ميكروفون المسجد لطلب سيارات إسعاف والتي تم تغييبها بشكل متعمد إلى الحد الذي اضطر فيه المتظاهرون إلى نقل الشهداء والمصابين على درجات بخارية إلى المستشفى الميداني، وفي السياق نفسه تم محاصرة المتظاهرين بميدان رابعة العدوية بكميات هائلة من المدرعات العسكرية وإدخال البلطجية داخل صفوف المعتصمين وإطلاق القنابل المسيلة للدموع بشكل مكثف إلى الحد الذي تسبب في إضرام النيران في عدد كبير من خيم المتظاهرين. شهداء المجزرة وكان أبرز من استشهدوا في هذه المجزرة المصور الصحفي أحمد عاصم "المصور بجريدة الحرية والعدالة", والذي اغتاله القناصة أثناء توثيقه عملية قنص المعتصمين من قبل قوات الجيش في مجزرة صلاة الفجر أمام دار الحرس الجمهوري، حيث كان عاصم هو المصور الوحيد الذي صور لحظات موته وصور قاتله، كما وصفته الصحف الغربية والتي وصفت اللقطات التي صورها عاصم ب"الصادمة"، مشيرة إلى أن مقطع الفيديو الذي صوره الشهيد ينسف رواية الجيش الرسمية بأن القوات العسكرية تعرضت لهجوم من قبل مجموعة إرهابية. وكان من بين شهداء المجزرة أيضا الدكتور ياسر طه عضو هيئة التدريس بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، وعدى حاتم طالب بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، وعلاء أمين طالب بكلية الطب جامعة الأزهر بأسيوط، وخالد سعيد طالب بكلية هندسة جامعة الأزهر، فضلا عن عشرات الشهداء الذين سقطوا في هذه المجزرة في تلك الأحداث. أكاذيب العسكر ومع بشاعة المجزرة والتي كشفت وفضحت ممارسات العسكر الإجرامية أمام العالم حاول العسكر بمساندة إعلام الانقلاب تضليل الرأي العام وتزييف الحقائق من خلال الترويج لأكاذيب تتنافى مع العقل والمنطق في سرد أحداث المذبحة حيث خرج المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة ليؤكد أن القوات المسلحة تعاملت مع الموقف بحكمة, وأنهم كانوا حريصين على حماية المتظاهرين ولكنهم خرجوا عن السلمية وحاولوا اقتحام مبنى الحرس الجمهوري بقوة السلاح على الرغم من أن إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين كان أثناء تأديتهم للركعة الثانية من صلاة الفجر. كما ادعى المتحدث الرسمي عدم سقوط أطفال بين الشهداء وأن صور الأطفال الخمسة الذين استشهدوا إنما هم صور لأطفال من سوريا وهي الأكاذيب التي سرعان ما تم فضحها بالفيديوهات المصورة للأطفال الشهداء في مشرحة زينهم. في هذا الإطار أكد الدكتور أحمد فودة -مدير مركز مدير مركز النخبة للدراسات السياسية- أنه على الرغم من تعدد وبشاعة مذابح العسكر على مدار عام ضد المعتصمين السلميين، إلا أن مذبحة الحرس الجمهوري ستظل لها خصوصية خاصة لكونها أول المذابح بعد الانقلاب العسكري التي كشفت عن الوجه القبيح للعسكر واستباحته دماء المصريين من أجل الوصول للحكم مرة أخرى، مؤكدا أن المذبحة بجانب كونها كانت كاشفة للمنهج القمعي للعسكر فإنها على الجانب الآخر كانت صادمة لعدد كبير من مؤيديهم نظرا لبشاعة ما ارتكبوه ضد المتظاهرين السلميين أثناء تأديتهم لصلاة الفجر. * د. أحمد فودة: مذبحة الحرس الجمهوري كانت تدشينا من العسكر لمرحلة جديدة مليئة بالمذابح الدموية واعتبر فودة في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة" أن مذبحة الحرس الجمهوري كانت بمثابة تدشين من قِبل العسكر لمرحلة جديدة مليئة بالمذابح الدموية ضد أبناء الشعب المصري والدليل على ذلك أن المذابح التي تلتها كانت أكثر منها بشاعة كما حال مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة ومجزرة المنصة ورمسيس التي شهدت كل منها تنويعا في قتل المصريين. وأكد فودة أن سجل جرائم ومذابح العسكر ضد المصريين يشهد زخما كبيرا على مدار التاريخ وعبر العصور المختلفة، مؤكدا أن مذبحة الحرس الجمهوري وغيرها من المذابح نماذج ستضاف إلى هذا السجل الدموي للعسكر، وتوقع استمرار العسكر في ارتكاب جرائمه ومذابحه الدموية ضد المصريين في المرحلة المقبلة، مبررا ذلك بحالة الفشل الذي تعانيه السلطة الانقلابية الراهنة وهو ما يجعلها فاقدة لصوابها، وهو ما ينذر بمواجهات كارثية ربما تكون أكثر دموية في المرحلة المقبلة. استراتيجية العسكر ومن جانبها قالت د. شيماء بهاء -الباحث بمركز الحضارة للدراسات السياسية-: إنه بمرور عام على أحداث مجزرة الحرس الجمهوري يمكن القول بأن هذه المجزرة كانت كاشفة ومدشنة لمرحلة جديدة من المواجهة ليس بين الإسلاميين والعسكر؛ وإنما بين الثورة والعسكر قبل أي شيء. * باحثة سياسية: المذبحة كشفت استراتيجية العسكر في استهداف النساء والأطفال والمساجد مؤكدة في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة" أن العسكر انتقلوا في هذه المجزرة من التلاعب السياسي الذي لم يتركوا فيه قيمة من قيم المسئولية أو الأمانة إلا وانتهكوها إلى المواجهة المسلحة الموسعة مع الثوار العزل، مشيرة إلى أن انتهاكات العسكر في هذه المذبحة كانت سافرة وواضحة؛ حيث إنهم كانوا دائما يلقون بالمسئولية على الطرف الثالث المجهول، إلا أنهم في تلك المذبحة قدموا الفيديوهات المغلوطة ليبرروا ما اقترفوا، في حق الساجدين من الرجال والنساء والأطفال، وذلك بحجة أن المتظاهرين كانوا على مقربة من منشأة عسكرية، متناسين أن المتظاهرين بل والبلطجية كانوا يعتدون على القصر الجمهوري بشكل مستمر، إلى حد إزالة الباب ب"الونش"، وكانت تعليمات الرئيس مرسي بألا يتم المساس بالمتظاهرين بحسب شهادات أدلة بها بعض المسئولين. ولفتت "بهاء" أن من أبرز ما تختص به مذبحة الحرس الجمهوري هو استهداف الساجدين فضلا عن استهداف النساء والأطفال، مؤكدة أنها الإستراتيجية التي التزم بها العسكر في خلال عام من الانقلاب العسكري حيث تكرر سيناريو استهداف الساجدين أكثر من مرة ليتطور الأمر إلى استهداف الدين ذاته في محاولة لتأميمه وتحجيمه. فقد حُرقت المساجد وغُلقت أبوابها، لكونها في نظر الانقلابيين أصبحت مقر انطلاق المظاهرات اليومية والأسبوعية، حتى وصل الأمر إلى أن بعض الناس في أكثر من مكان أصبحوا يصلون خلف الراديو! وترى "بهاء" أن إصرار الانقلابيين على استهداف المساجد والمصلين ينطلق من أنهم لا يستطيعون أن ينسوا أن الكتلة الحرجة للثورة في جمعة الغضب في 28 يناير 2011 قد انطلقت من المساجد عقب صلاة الجمعة. كما تؤكد أن مذبحة الحرس الجمهوري كشفت أيضا عن استراتيجة العسكر في استهداف النساء والأطفال، أما النساء، فتؤكد أن انتهاكات حكم العسكر ضدهن تزداد يوما بعد يوم، بداية من الاعتقال إلى التعذيب وحتى التحرش وانتهاك الأعراض، ذلك لما أثبتته المرأة المصرية الرافضة للانقلاب من وعي ورباطة جأش. وتابعت لم يسلم أيضا الأطفال من البطش والقمع والتعذيب، وليس ما يتعرضون له بكوم الدكة بخافٍ على أحد. واستطردت أن مجزرة الحرس الجمهورى أفاقت كثيرين من العامة ممن نزلوا في 30 يونيو دون وعي، إذ لم يقبلوا بإسالة الدماء. وفي الوقت ذاته كشف المذبحة زيف ادعاءات ممن يسمون بالنخبة السياسية والحقوقية والتي تغاضت عن الجرائم وتبوأت المناصب في سلطة الانقلاب. أما الدلالة الأهم للمجزرة بعد عام من وجهة نظر بهاء، هي أنها لم تثن شعبًا يطالب بحقوقه الإنسانية والدستورية عن مواقفه، بينما العسكر لا يملكون إلا رصاصًا هزيلا مهما أصاب، فهو يصيب أجساد ولم ينجح البتة في إصابة قلوب وعقول أجيال مؤمنة بحقها في الكرامة التي منحها الله إياها.