على الرغم من مشاركة البعثة المصرية بأكبر عدد من اللاعبين على مدار تاريخها في الدورات الأولمبية في باريس 2024، بواقع 148 لاعبا ولاعبة أساسيا و16 لاعبا احتياطيا بإجمالي 164 لاعبا إلا أن النتائج جاءت كارثية ومخيبة للآمال، لدرجة الفضيحة الرياضية. إلا أنه في ظل حكم العسكر، لا يتوقف الأمر عند الرياضيين، بل يمتد إلى السياسيين والعسكريين المسيطرين على عموم القرارات بمصر. حكم اللواءات للاتحادات الرياضية وجاءت الفضيحة الأولمبية والنتائج الهزلية، على خلفية إسناد السيسي مهمة تولي رئاسة الاتحادات الرياضية المصرية إلى كبار العسكريين. وتتشكل سيطرة العسكريين على الهيئات الرياضية، بتولي اللواء جلال علام رئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم. فيما يشغل اللواء شريف القماطي منصب رئيس الاتحاد المصري للتجديف، وكذلك اللواء محمد محمود رئيس الاتحاد المصري للمصارعة. إضافة إلى تولي اللواء حازم الدمهوجي رئاسة الاتحاد المصري للخماسي الحديث (رياضة مركبة تتكون من 5 لعبات يمارسها لاعب واحد). كما يرأس اللواء حازم حسني الاتحاد المصري للرماية، فيما يرأس اللواء أيمن شويتة الاتحاد المصري لرياضة "الكانوي والكاياك"، وأخيرا اللواء محمود بركات رئيس الاتحاد المصري للقوة. والملاحظ أن معظم الاتحادات التي تولاها عسكريون حققت خسائر كبيرة، باستثناء الخماسي الحديث؛ حيث نجح اللاعب المصري أحمد الجندي، في إحراز الذهبية الوحيدة لمصر يوم 10 أغسطس 2024. وقد أنقذ الجندي اتحاد الخماسي من مهزلة، بعدما استبعدت المصرية سلمى أيمن من المنافسات، بعد سقوطها من فوق جوادها. لكن على مستوى المصارعة الرومانية والحرة، وهي من الألعاب التي تميزت بها مصر تاريخيا، كان الفشل ملحوظا. إذ شاركت مصر في أولمبياد باريس بقائمة تضم 11 لاعبا ولاعبة، معظمهم ودع المنافسات من المباراة الأولى. وقد هزم اللاعب محمد إبراهيم "كيشو" لعدم التكافؤ، كذلك غادر "جمال عبد الناصر"، الذي هزم ب "لمس الاكتاف". إضافة لمحمود خالد الذي هزم "9 مقابل صفر"، و"مؤمن ربيع" خسر "6 – 2″، ثم تأهل إلى الترضية ولعب على البرونزية وخسر "12-1". ومحمد مصطفى خسر ل "عدم التكافؤ"، بينما خسرت "ندى مدني" بنتيجة "7-2″، ومحمد جبر الذي خرج من دور قبل النهائي بخسارة "6-0". ويأتي ذلك بعد أن أعطى رئيس اتحاد المصارعة اللواء محمد محمود، وعدا قبل انطلاق الأولمبياد، بحصول مصر على عدد مناسب من الميداليات. فضائح متتالية ومن الأحداث التي تسببت في غصة كبيرة للجماهير المصرية، هزيمة المنتخب الأولمبي لكرة القدم على يد نظيره المغربي في مباراة الميدالية البرونزية، "6 مقابل صفر" وهي نتيجة ثقيلة، عدت فضيحة كروية. لكن الحادثة التي لاقت رواجا تمثلت في قضية "الوزن الزائد"، للملاكمة المصرية "يمنى عياد" التي استبعدت بسبب زيادة 700 جرام. وحدث جدل على وقع المهزلة التي زاد من حدتها تصريحات رئيس اتحاد الملاكمة عبد العزيز غنيم، الذي برر الزيادة ب "تغيرات فسيولوجية خاصة بالمرأة". ضربة أخرى تعرضت لها البعثة المصرية، عندما كشفت اللاعبة ندى حافظ عن مشاركتها في منافسات السيف العربي بالمبارزة، وهي حامل في شهرها السابع. هذه القضية أغضبت المصريين، بسبب خطورة الأمر، وإهمال المشرفين على البعثة عن قضية حساسة مثل هذه. وكانت المبارزة قد أعلنت بشكل مفاجئ، بعد تقديمها أداء طيبا وخروجها من المنافسات، أنها "حامل". كذلك تأتي قصة المبارز المصري، المصنف الأول عالميا زياد السيسي، الذي كانت تعقد عليه آمال كبيرة في الوقوف على منصة التتويج. لكن اللاعب خرج بعدما احتل المركز الرابع، وظهر باكيا بحرقة، وأثار التعاطف والتساؤلات بسبب كلماته بعد خسارته الميدالية البرونزية. إذ قال: "عمري ما وصلت لمرحلة الضغط هذه من قبل، كنت مشتتا ولم أستطع التركيز، كنت أتمنى أن أحقق حلم حياتي وحلم والدي الله يرحمه". ووجهت الاتهامات لإدارة البعثة المصرية، وضعف التأهيل النفسي للرياضيين، وهو الأمر الذي توفره أغلب البعثات الرياضية في الأحداث الكبيرة. وأنفقت مصر مليارا ونصف المليار جنيه لإعداد اللاعبين والمدربين لخوض تلك الفعالية الكبرى التي تعقد كل 4 سنوات. ووصف نواب بالبرلمان الفشل الذي حدث لممثلي البعثة بإهدارا للمال العام، مطالبين بمحاسبة جميع المقصرين وفتح تحقيق عاجل حول ما وصلت إليه الرياضة المصرية. وأكد نواب برلمانيون أن هناك وقائع فساد واضحة بسبب الإهمال وسوء التنظيم وفشل الترويج للألعاب قبل فترة من البطولة، وعدم إعداد اللاعبين على أعلى مستوى، لنفاجأ بكوارث في التجهيز والتنظيم والمنافسة. ووفق خبراء، فإن هزائم البعثة الرياضية المصرية في أولمبياد باريس، ليست مجرد نتائج رقمية، بل حصاد فشل وسوء تخطيط وإعداد على مدار سنوات.