تحويل الدعم العينى إلى نقدى فى الخبز والمحروقات والكهرباء والسلع التموينية، أصبحت القضية الأولى التى تشغل المصريين جميعا، منذ أن طرحت حكومة الانقلاب الفكرة، وأعلنت أنها بصدد تنفيذها باملاء من صندوق النقد الدولى. أغلب المصريين – يرفضون هذا التحويل ويعتبرونه مثل أبواب جهنم لن يجلب إلا كل عذاب وتعذيب، ورغم الرفض الشعبى يطالب الخبراء حكومة الانقلاب إذا كانت جادة فى تحويل الدعم العينى إلى نقدى فيجب آلا يقل عن 3 آلاف جنيه شهريا لكل فقير.
ملايين الغلابة
حول هذه القضية أكد عدد من المواطنين أن الدعم العينى الحالى أصبح لا يكفى معيشة طفل، فكيف يكفى لمعيشة أسرة؟!.. وقال محسن محمد من سكان الجيزة أطلب باسم ملايين الغلابة فى مصر من حكومة الانقلاب الرأفة بالفقراء لعدم قدرتهم على توفير مأكل وملبس لأبنائهم . وأضاف محمد فى تصريحات صحفية : نحن الآن فى عداد الأموات، والحكومة تحكم علينا بالإعدام إذا ما رفعت أسعار الكهرباء أو البنزين مرة أخرى. وأكد إسماعيل الأخضر، بائع خضراوات بمنطقة إمبابة، أن الغالبية العظمى من المصريين يرفضون تحويل الدعم العينى إلى نقدى. وقال الأخضر فى تصريحات صحفية : إذا أصرت حكومة الانقلابعلى تحويل الدعم العينى إلى نقدى فعليها صرف مبلغ لا يقل عن 3 آلاف لكل فقير، وهو مبلغ يكفى بالكاد الاحتياجات الأساسية لكل مواطن فى ظل ارتفاع أسعار جميع انواع السلع حتى المحروقات بشكل كبير وأثرت على تسعيرة المواصلات التى تستخدمها جميع الفئات ابتداء من المتوسطة والفقيرة حتى الفئات تحت خط الفقر.
فاتورة الدعم
وقال الخبير الاقتصادى أسامة زرعى ،إن فاتورة الدعم ليست عبئا على الموازنة، فالعائق الأساسى بالموازنة هو تضخم الدين العام، موضحا أن الدعم سجل 332 مليار جنيه، فى العام المالى 2017/2018، ووقتها كانت قيمته تعادل حوالى 21 مليار دولار، وفى الموازنة الجديدة تستهدف حكومة الانقلاب تخصيص 636 مليار جنيه للدعم، وهو ما يعادل 14 مليار دولار فقط، أى أن قيمة الدعم لو تم احتسابها بالدولار فستكون أقل مما كانت عليه قبل 6 سنوات، وفى المقابل كانت الديون 380.69 مليار جنيه، وهو ما يمثل 25% من موازنة عام 2017/2018 ولكنها قفزت إلى 3.4 تريليون جنيه بنسبة 62% من موازنة العام المالى المقبل! وأشار «زرعي» فى تصريحات صحفية إلى وجود عدة عوامل ضرورية لتطبيق الدعم النقدى أهمها «الاستهداف والصرف». وأوضح ان حكومة الانقلاب لديها تجربة فى هذا الأمر، ممثلة فى مشروع تكافل وكرامة، لكن الإشكالية الآن أن حكومة الانقلاب قررت تحريك الأسعار قبل التحول إلى الدعم النقدي، فكانت كمن وضع العربة أمام الحصان. وأضاف «زرعي» : الدعم النقدى وفقا لعدد من الدراسات العلمية «نظام كفء»، لأنه لا يوجد فيه مشاكل التوزيع والهدر مثل الدعم العيني، ويمكن ربطه بمستهدفات التنمية فى حالة التحول للدعم النقدى المشروط، لكن لا يجوز تطبيقه إلا بآليات جيدة ودراسة وضع الاقتصاد الكلي، خاصة فى حالة وجود معدلات تضخم خارج السيطرة فحينها لا بد من وجود برنامج لمحاصرته.
قرار جريء.. ولكن
وأكد الخبير الاقتصادى جون لوكا أن رفع الدعم عن رغيف العيش والسلع التموينية وعن المحروقات والكهرباء ملف لم تستطع كل الحكومات السابقة الاقتراب منه. وقال«لوكا» فى تصريحات صحفية : وفق خطة حكومة الانقلاب سيتم التخلص من دعم البنزين فى نهاية عام 2025 والكهرباء عام 2028، أما التحول من الدعم السلعى إلى النقدى فيبدأ فى موازنة عام 2025/2026. وحذر من أن هذه القرارات ستجعل المواطن يشعر بارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم بشكل دائم، مؤكدا أن اتجاه حكومة الانقلاب للدعم النقدى بسبب ضغط صندوق النقد عليها وبالتالى قال هذا التحول أحد شروط المانحين وصندوق النقد والبنك الدولى . وتوقع «لوكا» أن يحدث تطبيق الدعم النقدى خللا فى المجتمع المصري، حيث سيتجه بعض الأشخاص إلى استخدام هذه الأموال فى مواضع لا تتعلق بشراء السلع الأساسية، وهو ما ينعكس على مستوى معيشة كثير من الأسر، وقد يزيد من معدلات الجريمة، فى ظل مستوى الفقر المرتفع الذى يعيش فيه المصريون . وأشار الى أن حكومة الانقلاب لم تقم بتطوير برنامج دعم نقدى جديد، وكل ما قامت به هو تغيير اسم منظومة قديمة قائمة منذ عدة عقود وهذا البرنامج متوارث ولا يقدم أى جديد فيما يتعلق بالدعم النقدي، وعلى العكس من ذلك يقدم مبالغ متدنية تصل إلى 650 جنيها للأسرة شهريا وهذا المبلغ الضئيل لا يحقق أية كرامة . وشدد «لوكا» على ضرورة ألا يقل هذا المبلغ فى حال كانت حكومة الانقلاب جادة عن 3 آلاف جنيه، وهو الحد الأدنى للمعيشة بالنسبة للطبقة الفقيرة.