النقص الحاد في الأدوية وارتفاع أسعارها أزمة لا تتوقف فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي ووصلت إلى مستوى خطير جدا حسب المراقبين لسوق الدواء سواء بالصيدليات أو داخل مستشفيات التأمين الصحي. ورغم مزاعم حكومة الانقلاب بوضع خطة شاملة لمعالجة الأزمة من خلال إنشاء شركات أدوية جديدة أو التوسع في الواردات والاعتماد على الأدوية المحلية التي تشكل نحو 60% من إمدادات سوق الأدوية في حين توفر الشركات المتعددة الجنسيات حوالي 40% إلا أن شكاوى المواطنين تتزايد يوما بعد يوم من نواقص الأدوية، خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة، مثل السكري، ، وبالرغم من وجود 179 مصنعا للأدوية و799 خط إنتاج يعملون بكامل طاقتهم إلا أن الأزمة تشتد. فى المقابل جاء رد خالد عبدالغفار وزير صحة الانقلاب صادما على الأزمة حيث طالب المرضى باستخدام الأدوية البديلة والمثيلة محلية الصنع، بدلا من الأدوية المستوردة التى يستخدمونها وفق زعمه.
قائمة النواقص
يشار إلى أن من أبرز نواقص الأدوية سواء في المستشفيات الحكومية أو الصيدليات: عقاقير البرد "كونجستال وبنادول، ودواء كولشيسين الذى يبحث عنه المرضى، ويستخدم لعلاج النقرس ومرضى أنيميا البحر المتوسط، ودواء علاج مرض الشلل الرعاش «باركينول»، ويستخدم لعلاج حدة التشنجات والسيطرة على حركة المريض ، و«بيتاكور» وهو من الأدوية المهمة لمرضى القلب حيث يستخدم لضبط وتنظيم ضربات القلب وكذلك علاج ارتفاع ضغط الدم. كما طالت معاناة المرضى فى البحث عن الأدوية أيضًا قطرات العيون منها قطرة «ناتاميسين» المستخدمة في علاج التهابات العيون والفطريات فى العين وعدوى القرنية والملتحمة فى العين. ومن ضمن الأدوية الحيوية والمهمة الناقصة فى السوق ويحتاج إليها مرضى السكر «جلوكوفاج» وهو من الأدوية الفموية لضبط مستوى السكر فى الدم وهو من أكثر الأدوية التى تتعرض لنقص مستمر نظرا لسوء استخدامها من جانب المرضى فى التخسيس إذ يصفه بعض أطباء السمنة للمرضى، وكذلك نقص أدوية السكر من النوع الثاني خاصة قلم السكر، وكذلك أنسولين «30/70». كما يعاني سوق الدواء من نقص «بنتازا» الذي يستخدم في علاج التهاب القولون التقرحى والتهابات الأمعاء المزمنة، و«هوميرا» وهو من الأدوية مرتفعة الثمن المستوردة التى اختفت من السوق منذ فترة ويحتاج إليه مرضى الروماتويد والتهابات المفاصل، وكذلك حقن تحفيز إنتاج البويضات الخاصة بالنساء «كوريمون». ومن أهم الأصناف التى اختفت من السوق : «زوفيراكس» حقن مضادة للفيروسات ، وحقن «ميزوتركسات» لالتهابات المفاصل ومرضى الروماتويد، ودواء «أميوران» من مثبطات المناعة ودواء «بنسيتارد» لمرضى السكر وحقن منع الحمل والهرمونات والكولشيسين أقراص. كما شهد دواء «ديوروسيف» المضاد لالتهابات المسالك البولية و«رواكول» لعلاج حصوات المرارة نقصا حادا بالأسواق.
المواد الخام
من جانبه أرجع ثروت حجاج، عضو مجلس نقابة الصيادلة، أزمة نقص الأدوية إلى انخفاض استيراد المواد الخام ككل . وأكد حجاج فى تصريحات صحفية أن نقص العملة الصعبة وارتفاع سعر الصرف نتج عنهما في نهاية المطاف تقليل استيراد تلك المواد من الخارج.
الصيدليات
وقال الدكتور حاتم البدوى، سكرتير شعبة أصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، إن الوضع داخل الصيدليات سيء للغاية حيث وصلت نسبة نقص الأدوية إلى 40% فى الأصناف الحيوية والنسبة مرشحة للزيادة . وشدد البدوى فى تصريحات صحفية على أنه لا صحة لما يقال بإن ثقافة المواطنين ورغبتهم فى الحصول على صنف مُحدد هى السبب وراء ظاهرة نقص الدواء. وأرجع محمود فؤاد رئيس جمعية الحق فى الدواء، الأزمة إلى المواد الخام المكدسة في الموانئ، مؤكدًا أن هناك مواد خام موجودة فى الموانئ تقدر قيمتها ب190 مليون دولار، تنتظر توافر الدولار لخروجها إلى شركات صناعة الأدوية . وكشف فؤاد فى تصريحات صحفية أن هناك 188 شركة لديها مصانع فى مصر وتحتاج إلى المواد الخام لتستطيع مواصلة الإنتاج.
الدولار
وحول أزمة ارتفاع أسعار الادوية أكد الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، أن هناك زيادة كبيرة في التكاليف على شركات الأدوية نتيجة ارتفاع الدولار، مشيرا إلى أن زيادة أسعار الدواء أمر لابد أن يحدث حتى تستطيع المصانع العمل بانتظام. وقال عوف في تصريحات صحفية : الدواء سلعة استراتيجية وأمن قومي ولها بعد اجتماعي؛ الدواء توافره للمواطن المصري مسالة أمن قومي ويجب أن يكون الدواء موجودا. وأضاف: المصانع المصرية تغطي 92% من استهلاك البلاد وعبرنا أزمة كورونا دون أي زيادة في الأسعار رغم زيادة الأسعار من سلاسل الامداد . وتساءل عوف : منذ أبريل 2022 وحتى مارس 2024 كم مرة زاد سعر الدولار ؟؛ كنا نحصل على الدولار بالسعر الرسمي بسعر 31 جنيها والآن كم سعر الدولار في البنك؟ مؤكدا أن صناعة الأدوية لا تستطيع شراء الدولار من السوق السوداء لأنها ستتعرض لخسارة لان تسعير الدواء جبريا . وتابع : لا يمكن في مصر أن يتم تسعير الدواء وفقا لسعر السوق السوداء؛ نحن الدولة الوحيدة على مستوى العالم التي تقوم بتسعير الدواء جبريا ولدينا إدارة تسعير في هيئة الدواء تستطيع أن تعرف بالتحديد تكلفة كل مكونات الصناعة . وأوضح عوف أن الدواء يسعر جبريا وهناك 3 سلع في مصر فقط تسعر جبريا وهي البنزين والخبز المدعم والدواء؛ لافتا الى أن التسعير اليوم للدواء بسعر 31 جنيها للدولار لكن الدولار حاليا ب 48 جنيها وبالتالي سوف تتحمل الصناعة هذا الفارق . وأشار إلى أمر آخر وهو أن المجلس القومي للأجور أصدر قرارا بأن تزيد رواتب الموظفين في القطاع الخاص لستة آلاف جنيه؛ على سبيل المثال كان موظف الأمن أو النظافة يحصل على 2000 جنيه من أين سوف يأتي الفارق ؟ . وشدد عوف على أن صناعة الدواء في 2024 تهدف إلى الاستمرار لا أن تحقق ربحا؛ موضحا أنه بالحسابات الحالية كحد أدنى لن تقل زيادة أسعار الأدوية عن 50% ولكن هيئة الدواء يمكن أن تقوم بعدم قبول هذه الزيادة وقد تقوم بإضافة زيادة أقل . وحذر من أنه إذا لم توافق الهيئة على زيادة الأسعار سيكون هناك الكثير من نواقص الأدوية في السوق .