منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني على غزة، طرحت الإدارة الأمريكية وإسرائيل شبه رؤية مشتركة لما أسمته "مستقبل غزة بعد حماس"، متمنين هزيمة كتائب القسام والسيطرة على غزة، يقوم جانبا منها على سيطرة إسرائيل أمنيا على القطاع بجانب حكومة مؤقتة تديرها دول عربية أو الأممالمتحدة. الآن وبعد مرور أكثر من شهرين على العدوان، حدث تطور هام وتراجع إسرائيلي، بعدما تبين عجز قوات الاحتلال عن تحقيق أي من أهدافها في غزة، التي ستبني على أساسها سيناريو اليوم التالي لانتهاء الحرب ومستقبل غزة. بدأت التقارير الصادرة من دولة الاحتلال ومن صحف عالمية تؤكد خسارتهم الحرب، حسبما قالت مجلة "ذا نيشن" الأمريكية 9 ديسمبر 2023 بعدما حاولت إسرائيل أن تكثف من عملياتها لمحاولة تحقيق أي إنجاز، كما قالت مجلة "ايكونوميست" البريطانية 10 ديسمبر 2023.
تسويق نصر وهمي الجيش الإسرائيلي يفكر في كيفية تسويق انتصار وهمي، كما يقول المحلل الإسرائيلي في صحيفة "هآرتس" 11 ديسمبر 2023 عاموس هرئيل، عبر صور انتصارات وهمية مثل تصوير مدنيين عرايا على أنهم جنود حماس يستسلمون، وصور لجنوده وقادته في قلب غزة. ويعترفون بأن على إسرائيل أن تعرف الآن أن صورة النصر المثالية غير موجودة، كما يقول الكاتب في "هآرتس" 11 ديسمبر 2023 أنشيل فيفر. ويؤكدون أن "اللهاث وراء تحقيق صورة انتصار في غزة هو معركة بلا منتصرين ولا خاسرين،كما يقول المحلل الاإسرائيلي جاكي خوري. بدأ نتنياهو يتصل بعدة دول ويطلب وساطة، ويقترح العودة لوقف مؤقت لإطلاق النار، بعد خسائر كبيرة مني بها جيشه في خانيونس وغزة وجباليا، طلبوا الهدنة بشكل عاجل لأجل إعادة ترميم وحداتهم. انعكس هذا على نقل القناة 13 الإسرائيلية 11 ديسمبر عن مسئول إسرائيلي كبير أن الظروف نضجت للعودة إلى توافقات بشأن صفقة تبادل أسرى جديدة، وأن هناك تحركات جديدة لإبرام صفقة تبادل أسرى. كانت المشكلة بالنسبة للأمريكان هي اليوم التالي وتصور إسرائيل لمستقبل غزة بعد انتهاء الحرب واشتكت من عدم وضوح خطة نتنياهو، لكن نتنياهو أعلن لأول مرة خطته التي كشفتها صحيفة تايمز أوف إسرائيل 12 ديسمبر، ما يعني بدء ترتيبات اليوم التالي خاصة في ظل الحديث عن مهلة أمريكية حتى حلول عيد الميلاد نهاية الشهر ديسمبر. الحديث يدور عن أن نتنياهو أشار إلى أن خطة حكومته لليوم الذي سيلي الحرب، تشمل إقامة منطقة عازلة بين غلاف غزة وقطاع غزة والسيطرة على محور فيلادلفيا صلاح الدين بين القطاع ومصر، وهو ما يعني اعترافه بأنه سينسحب ويترك غزة بقيادة حماس لكن سيحاصرها، وهي خطط إعلامية بالطبع سيحددها التفاوض مع حماس.
خسائرهم تهزمهم كانت الخسائر الصهيونية المتراكمة في غزة علي يد جنود القسام وأخرها كمين الشجاعية الذي قتلت فيه حماس والجهاد 10 ضابط وجنود صهاينة، بما يرفع قتلاهم منذ بدء العملية البرية في غزة يوم 27 أكتوبر، إلى 115 جنديا ويرفع عدد قتلاهم العسكريين منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، إلى 444 ضابطا وجنديا لها دور حاسم في هذا الفشل في محاولتهم التخطيط لحكم غزة بلا حماس. مصادر الصهاينة تؤكد أن عدد القتلى والجرحى غير مسبوق، وأن قادة عسكريين طلبوا الهدنة بشكل عاجل لأجل إعادة ترميم وحداتهم، ورغم الإنزال الجوي إلا أن وضع قوات الاحتلال صعب ويواجه حرب استنزاف. لهذا يؤكد محللون أن يد المقاومة هي العليا، وشروطها ستُفرض على الطاولة في أي مفاوضات مقبلة. أكدوا أن إسرائيل فشلت حتى الآن في تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس، الحركة التي لا تزال تقصف تل أبيب في الاسبوع العاشر من الحرب المدمرة. ويبدو على نحو متزايد أن إنجاز إسرائيل لمهمتها بالقضاء على المقاومة الفلسطينية خلال 3 أو 4 أسابيع فقط قبل أن تسحب أمريكا دعمها للهجوم٬ لن يُكتب له النجاح. فهل بدأت تتضح سيناريوهات اليوم التالي بعد الحرب في ظل الفشل الصهيوني في غزة رغم الدمار الشامل؟ وفشلت خطط اليوم التالي الأمريكيةلغزة بلا حماس؟