تواصل قوات الاحتلال الصهيوني استهداف مستشفيات غزة باعتبارها الملجأ الأخير للمرضى والهاربين من القصف الصهيوني الإجرامي، حيث يتم قصف المستشفيات وتحويل محيطها إلى ساحات حرب، بالإضافة إلى قنص كل من يدخل أو يخرج منها، وقصف سيارات الإسعاف. كما تسبب قطع الكهرباء ونفاد الوقود في كوارث غير مسبوقة حيث توقفت الحضانات وغرف العناية المركز عن العمل وتحولت المستشفيات إلى مشارح ومقابر جماعية. حيث دمرت غارة إسرائيلية قسم أمراض القلب بمجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، وتوفي 3 أطفال رضع و5 من مرضى العناية المركزة في مستشفى الشفاء بغزة لنقص الأكسجين. وحذرت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، من أن المرضى في مستشفى الشفاء مهددون بالموت الحتمي لعدم إدخال الوقود للمستشفيات. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، الأحد، إن مستشفى الشفاء بشمال القطاع غير قادر على تقديم أي خدمة طبية بعد نفاذ كل الإمكانيات منه وانقطاع الكهرباء بشكل كامل ومحاصرة المجمع بالدبابات الإسرائيلية. وأضاف القدرة لوكالة أنباء العالم العربي AWP أن الوضع في محيط المستشفى "ساحة حرب"، مشيراً إلى أن الظروف التي يعيشها المرضى في المجمع "لا يمكن وصفها". وأردف: "الجثث مكدسة في مستشفى الشفاء وأمامه، ولا تجد من يدفنها". وذكر المتحدث باسم الصحة أن المستشفى يشهد الإعلان بشكل متتابع عن حالات وفاة جديدة نتيجة عدم القدرة على إجراء العمليات الجراحية أو حتى توفير الأكسجين لمن يحتاجونه، أو توفير التدفئة في حاضنات الأطفال. وقال إن الجيش الإسرائيلي "يُطلق النار باتجاه أي جسم يمكن أن يتحرك" في محيط المستشفى. وأوضح أن المؤسسات الدولية العاملة في المجال الصحي مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر وكذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) "كلها غير قادرة على فعل شيء وفقدت قدرتها على العمل". كما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، بأن آليات الاحتلال باتت على مقربة من البوابات الرئيسية لمجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، مشيرة إلى أن العشرات من جثامين الشهداء ما زالت ملقاة في ساحة المجمع وفي محيطه، دون أن تتمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليها لإخلائها، بسبب كثافة النيران، والاستهداف المباشر من قبل آليات الاحتلال. وأضافت "منذ الساعة التاسعة من يوم الجمعة، لم تصل مركبة إسعاف إلى المجمع، نظرا لكثافة النيران". وقال مدير عام المستشفيات في قطاع غزة محمد زقوت خلال مؤتمر صحفي، إن نحو 1500 نازح في مجمع الشفاء الطبي حياتهم بخطر، فيما أشار إلى وجود عدد من الأطفال المهددين بالموت جراء الإخلاء القسري لمستشفيي الرنتيسي والأطفال. وأكد أن هناك 650 مريضا وجريحا، بينهم 36 طفلا، حياتهم في خطر بسبب الوضع الكارثي في مجمع الشفاء. وأضاف "لا مكان آمنا في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه ولا يمكن الوصول إلى جثامين الشهداء". وطالب مصر بتحريك سيارات الإسعاف فورا إلى مجمع الشفاء لإنقاذ المرضى والنازحين. وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الاحتلال يرتكب جريمة منظّمة ضد مجمع الشفاء الطبي الذي يضم مئات الجرحى والنازحين والطواقم الطبية أمام مرأى العالم، مشيرًا إلى أن الاحتلال يحاصر مجمع الشفاء الطبي ويطلق النار بشكل مكثف على كل من يتحرك بداخله. وبحسب بيان للمكتب فإن الاحتلال قصف إحدى العائلات النازحة أمس بعد محاولتها الخروج من مجمع الشفاء مما أدى إلى استشهاد أفرادها، مؤكدًا وجود عدد من الإصابات داخل المجمع نتيجة استهدافها بإطلاق النار من قبل الطائرات المُسيرة التابعة للاحتلال في ساحات المجمع. وطالب المكتب الإعلامي المؤسسات الدولية في قطاع غزة بلا استثناء بالتوجه فوراً إلى مجمع الشفاء الطبي من أجل حماية الطواقم الطبية وكل من في داخله. من جانبه أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني خروج مستشفى القدس في غزة عن الخدمة بسبب نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء، معبرة عن خيبة أملها مما وصلت إليه الأوضاع وعدم الاستجابة الدولية للمناشدات ومواصلة حصاره لليوم الخامس على التوالي وسط انقطاع الاتصالات والإنترنت. قالت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف)، الأحد، إن مستشفى الشفاء في غزة من دون كهرباء، مشيرة إلى أنها تشعر بالقلق إزاء تقارير حول وفاة أطفال خدّج في الحضّانات. ودعت "اليونيسف" إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، مشددة على ضرورة "حماية المستشفيات والأطفال". وقالت منظمة أطباء بلا حدود، إن "الأعمال العدائية في محيط مستشفى الشفاء مستمرة"، وإن سيارات الإسعاف "غير قادرة على التحرك لنقل الجرحى"، كما أن "القصف المتواصل يمنع المرضى والموظفين من الإجلاء". ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصدر داخل المستشفى قوله، إن "عشرات الجثث لا تزال هنا تنتظر الدفن، لكن الناس يخشون الخروج من المستشفى"، وأضاف أن "الوضع صعب للغاية وخطير". وأشار إلى أن الطاقم الطبي داخل المستشفى يعمل على ضوء الشموع، كما أن المواد الطبية أصبحت نادرة، بالإضافة إلى نفاد الطعام والماء الصالح للشرب. من جانبه أكد مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة محمد أبو سلمية أن المستشفى يفتقر لكل المقومات اللازمة للعمل وأهمها الكهرباء، مشيراً إلى توقف معظم الأقسام عن العمل، ومنها المختبر والأشعة. وقال أبو سلمية لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن "انقطاع التيار الكهربائي أدّى إلى وفاة 8 أشخاص حتى اللحظة، وهم طفلان في قسم الحضانة ومريض بالعناية المركزة وخمس حالات كان من المفترض إجراء عمليات لهم، ولم يتم ذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي".
وأضاف أبو سلمية: "الكهرباء حاليًا فقط في قسمين، ولن تصمد أكثر من بضع ساعات"، متابعاً: "القصف لا يزال مستمراً بجوار المستشفى وبشكل عنيف، وهناك قذائف وصلت لقسم محطة الأوكسجين وأكثر من مبنى داخل المستشفى". وحول أعداد النازحين بالمستشفى قال أبو سلمية: "يقدر عدد النازحين بالمستشفى بالآلاف موزعين على مختلف الأقسام". وأشار إلى أن الطواقم الطبية لا تتمكن من مغادرة المستشفى، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي يستهدف كل من يخرج للساحة الخارجية. مضيفاً: "في حال كان هناك إصابات لا يمكن تقديم العلاج لها".
وتابع "وجهنا مناشدات للصليب الأحمر الدولي ومنظمات الأممالمتحدة واليونيسف، ولم يكن هناك أي استجابة".
وشدد أبو سلمية أن الأطفال الخدج (ناقصي النمو) سيفقدون حياتهم تباعاً إذا لم يُزَوَّد المستشفى بالوقود، كونهم يحتاجون إلى رعاية خاصة وعددهم 37 طفلاً بعد أن توفي اثنان بسبب انقطاع التيار الكهربائي.