متسقا مع كارثة انخفاض الجنيه المصري، صعد معدل تضخم أسعار المستهلكين في مصر بنسبة 21.3% في ديسمبر من العام المنصرم، على أساس سنوي مقابل 18.7% في نوفمبر، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. تسارع التضخم في مصر بأسرع وتيرة له منذ 5 سنوات، مصحوبا بجولات من تراجع الجنيه المصري أمام الدولار. وبلغ سعر الدولار في تعاملات اليوم في البنك المركزي المصري 27.6 جنيها مصريا ، بينما يتم تداوله في السوق السوداء فوق ال 29 جنيها مصريا.
أسعار المستهلكين زادت تكاليف الأغذية والمشروبات، وهي أكبر عنصر منفرد في سلة التضخم بنسبة 37.2% في شهر ديسمبر، وتراجع الجنيه المصري بشكل كبير مرتين في عام 2022، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الواردات التي تعرضت بالفعل لضغوط من القيود التجارية والتداعيات الاقتصادية للحرب الروسية في أوكرانيا. وقال محللو مجموعة جولدمان ساكس إنه "لا تزال آفاق العملة غير واضحة وستكون محددا رئيسيا لمسار التضخم المحلي خلال الأشهر المقبلة". حكومة الانقلاب قالت إنها "ستحد من الإنفاق الحكومي، بما في ذلك توقف بعض مشروعات البنية التحتية الجديدة المكلفة".
البانيه يغضب المصريين وحملات للمقاطعة
في الوقت نفسه ، استحوذت أسعار صدور الدجاج على جزء كبير من اهتمامات المصريين بعد ارتفاع أسعارها لمستويات قياسية لتزيد في فترة أقل من شهر بمقدار 50 جنيها. وتمثل صدور الدجاج أهمية كبيرة للمستهلك، حيث اعتبرت لفترة طويلة وجبة موفرة للأسرة، وتحتوي على مصدر بروتين حيواني. ويحتسب سعر الكيلو من البانيه بأكثر من ضعف كيلو الفراخ؛ لأنه يباع خاليا من العظام، كما أن باقي أجزاء الدجاجة بخلاف «الأوراك» تباع منفردة بسعر أقل بكثير. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر قوائم أسعار تجار الدواجن ومشتقاتها، حيث سجل الكيلو الواحد من البانيه من 130 إلى 140 جنيها حسب المنطقة. يأتي هذا في الوقت الذي تراوحت فيه أسعار الفراخ البيضاء للجمهور من 58 إلى 60 جنيها للكيلو، نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف. مقاطعة واستدعى ارتفاع أسعار الدواجن إطلاق حملات مقاطعة، حيث ادعى البعض أن جشع التجار هو السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار، خاصة مع الأخبار المتتالية عن الإفراج عن شحنات مستوردة من الأعلاف تسببت في تراجع أسعارها.
ورد البعض على تلك الدعوات بن التاجر لا دخل له في أزمة ارتفاع أسعار الدواجن، وبرروا ذلك بأن عملية تسمين الدجاجة لتصبح صالحة للأكل تتضمن سعر كمية العلف التي تناولتها بالإصافة للأدوية والتهوية والعمالة، فأصبح الكيلو يكلف ما يوازي 50 جنيها، وباقي السعر مكسب المربي والتجار.
صعود طن الصويا من جانبه، قال عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية، إن "سعر كيلو البانيه ارتفع إلى 140 جنيها بالأسواق ، وذلك بعد زيادة أسعار الدواجن خلال الأيام الماضية". وزاد بذلك سعر كيلو البانيه بنحو 30 جنيها مقارنة بما كان عليه في ديسمبر الماضي عندما كانت قيمته 110 جنيهات. وأضاف السيد، أن سعر كيلو الدواجن البيضاء ارتفع إلى 55 جنيها في المزرعة، ليباع في الأسواق إلى بين 60 و62 جنيها على حسب المنطقة التي يباع فيها. وارتفعت أسعار الدواجن خلال الفترة الماضية بالأسواق بعد عودة أسعار العلف للزيادة مرة أخرى على الرغم من الإفراج عن شحنات من الموانئ، وفقا لقول السيد. وصعد سعر طن الفول الصويا إلى 29 ألف جنيه مقابل سعر يتراوح بين 23 و25 ألف جنيه، وارتفع سعر طن الذرة الصفراء إلى 14 ألف جنيه مقابل سعر يتراوح بين 11 و12 ألف جنيه، بحسب رئيس شعبة الدواجن. وذكر رئيس الشعبة أن سعر الكتكوت ارتفع إلى 14 جنيها مقابل سعر يتراوح بين 12 و13 جنيها. ووصل إجمالي ما تم الإفراج عنه خلال الفترة من (16 أكتوبر حتى 29 ديسمبر 2022) إلى 1.714 مليون طن؛ منها 1.183 مليون طن ذرة، و531 ألف طن فول صويا، وإضافات أعلاف، وذلك بإجمالي مبلغ 856 مليون دولار، بحسب بيان من وزير الزراعة. وتنتج مصر نحو 1.6 مليار طائر سنويا، ويحقق هذا الإنتاج اكتفاء ذاتيا بنحو 95%، ولا تتعدى الفجوة الموجودة بين الإنتاج والاستهلاك نسبة 5%، بحسب بيانات شعبة الدواجن.
الاقتصاد المصري في الإنعاش ويواجه الاقتصاد في ظل حكم المنقلب عبد الفتاح السيسي أزمات اقتصادية ضخمة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير من العام الماضي، تتمثل في نقص النقد الأجنبي، ما يدفع إلى زيادة التعاملات في السوق الموازية ليتداول الدولار فيها وقت كتابة التقرير بما يفوق 30 جنيها. وهبط احتياطي النقد الأجنبي في مصر على مدار عام بقيمة 6.9 مليار دولار ليصل إلى 34 مليار دولار بنهاية ديسمبر من العام الماضي، بحسب البيانات المتاحة لدى البنك المركزي المصري. وتسبب نقص العملة الأجنبية في مصر في تكدس البضائع في الموانى مع تشديد إجراءات الاستيراد لوقف استنزاف الاحتياطي في زيادة أسعار السلع إلى جانب تدني المعروض منها.
صندوق النقد ووافق المجلس التنفيذي في صندوق النقد الدولي على اتفاق تمويلي مع مصر مدته 46 شهرا في إطار تسهيل الصندوق الممدد بنحو 3 مليارات دولار، في 16 ديسمبر الماضي. وأكد البيان الذي طال انتظاره أن قرار المجلس التنفيذي تضمن دفعة فورية بقيمة 347 مليون دولار للمساعدة في تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة، وكان صندوق النقد قد أكد الشهر الماضي أنه ينتظر قيام مصر بخطوتين أساسيتين هما العودة لنظام التحصيل المستندي والعمل بنظام سعر الصرف المرن بشكل كامل حيث يترك تحديد سعر صرف الجنيه لقوى العرض والطلب. وتوقع صندوق النقد الدولي تحول مصر إلى سعر صرف مرن للجنيه، بعد إلغاء شرط تمويل الواردات عبر إصدار خطابات الاعتماد المستندية، وفقا لتصريحات رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إيفانا فلاديكوفا هولار.