في أكبر دليل على تحول مصر لبيئة طاردة للاستثمار، ينعدم فيها الأمان السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بعدما تغوّل العسكر محدودي التفكير وأصحاب "ال50%" الذين باتوا يتحكمون بكل شيء بقوة السلاح وليس بالقانون أو العقل والمنطق، قررت ابنتا رجل الأعمال محمد فريد خميس نقل ملكيتهما بالشركة التي أسسها والدهما قبل عقود، إلى خارج مصر، عبر صندوق تملكانه خارج مصر، وهو الأمر الذي يعد مثالا مكررا بصورة كبيرة من قبل رجال أعمال بحثوا عن بيئة مستقرة، ليس بها مصادرات أو استيلاء من قبل العسكر. ووفق مراقبين ، فإن الضغوط التي تمارسها الدولة على المؤسسات الاقتصادية الناجحة في السنوات الأخيرة تسببت في هجرة رؤوس الأموال من مصر . وهو ما عبر عنه الكاتب الصحفي هشام قاسم، عبر الفيسبوك بقوله "باعوا حصتهم في الشركة المصرية، لشركة مملوكة لهم بالكامل خارج مصر، وده توجه أصبح يتكرر بعد المضايقات التي أصبح يتعرض لها أصحاب الاستثمارات المصريون، مثل اعتقال صفوان ثابت ونجله سيف ثابت بعد ذلك، حينما رفض التنازل عن جزء من حصته في شركة جهينة، وما حدث مع سيد السويركي الذي اختفى داخل السجون المصرية دون تهمة محددة أو محاكمة، وتدار شركاته بواسطة كيان غامض غير مفهومة صفته أو صلاحياته القانونية". وأثار قاسم أيضا حالة "عمر الشنيطي الذي تجاوزت مدة حبسه الاحتياطي ثلاث سنوات دون محاكمة، ومنحته جامعة "كينجز كولدج" البريطانية درجة الماجستير في القانون المالي والتجاري الدولي، منذ عدة أيام، تضامنا معه بعدما كان قد بدأ في الدراسة لنيلها قبل اعتقاله، وحالات أخرى لا تعد، يفضل أصحابها التكتم خوفا من المزيد من البطش، وتأمين أموالهم بنفس طريقة البيع لشركة مسجلة في الخارج، بما يتيح اللجوء للتحكيم الدولي في حالة التعرض لإجراءات تعسفية، هذا في الوقت الذي تتبارى دول الخليج لتوفير أفضل التسهيلات للمستثمرين الأجانب، وبالطبع على رأس ذلك الأمان".
وأعلنت شركة "النساجون الشرقيون" المصرية يوم الأحد الماضي قيام كل من ياسمين وفريدة محمد خميس ببيع كامل حصتيهما في الشركة لصالح صندوق FYK Limited مقابل 1.4 مليار جنيه.
وأشارت الشركة، في بيان إفصاح البورصة الصادر يوم الأحد، إلى أن ياسمين محمد فريد خميس باعت كامل حصتها في الشركة بنسبة 12.31%، بعدد أسهم بلغ 81,87 مليون سهم، بسعر 8.4 جنيهات للسهم الواحد، وبقيمة إجمالية 687,74 مليون جنيه، وأن أختها، فريدة محمد فريد خميس، باعت نفس عدد الأسهم وبنفس القيمة الإجمالية.
وستستمران ابنتا خميس في قيادة الشركة، محتفظتين بنفس نسب الملكية في شركة تصنيع السجاد بشكل غير مباشر، حيث إن الصندوق المُشتري، والذي يتكون اسمه من الحرف الأول من اسم كل من البنتين وأبيهما، مملوك بالكامل لهما، بعد وفاة الأب.
والصندوق FYK Limited هو كيان إنحليزي تم تأسيسه حديثا ويعمل في أربعة أنشطة مختلفة، لا تشمل السجاد، وهو مملوك للثنائي فريدة وياسمين محمد فريد خميس.
وأكد بيان البورصة المصرية أن عملية إعادة الهيكلة لن تؤدي إلى أي تعديل في هيكل ملكية شركة "النساجون الشرقيون" وأنه لن يكون هناك تغيير في المستفيد النهائي، وبالتالي المجموعات المرتبطة بهذه الشركة، ونسب ملكيتها.
وفي شهر أكتوبر الماضي، تم تعيين الأخت الكبرى، ياسمين، رئيسة للشركة، بينما تعمل الأخت فريدة نائبة لرئيس الشؤون المالية، بالإضافة إلى شغلها منصب عضو مجلس إدارة الشركة.
يشار إلى أن شركة "النساجون الشرقيون" تعتبر من أبرز وأعرق الشركات المتخصصة في صناعة السجاد على مدار السنوات الماضية، واكتسبت شهرة كبيرة بعدما أسسها رجل الأعمال الراحل محمد فريد خميس، قبل أكثر من أربعة عقود، وتبيع منتجاتها في السوق المصرية والعربية والخليجية، وتصدر كميات ضخمة من منتجاتها للعديد من دول العالم، كما أن لديها مصنعين خارج مصر، أحدهما في الصين والآخر في الولاياتالمتحدة الأميركية.
وقبل وفاته، امتلك خميس مجموعة شركات تعمل في عدة مجالات غير صناعة السجاد، مثل "الشرقيون للبتروكيماويات" و"الشرقيون للتنمية العمرانية" وغيرها، كما كان أكبر مساهم في الجامعة البريطانية في مصر، وأيضا أكاديمية الشروق.
وأثارت عملية نقل الملكية إلى خارج مصر، لغطا كبيرا حيث تشهد مصر أزمة عملة أجنبية طاحنة، تسببت بهروب رؤوس أموال، محلية وأجنبية، خارج البلاد خلال الأشهر الأخيرة.
وتتيح العملية تحويل أرباح الأختين للدولار، مع الاحتفاظ بها خارج البلاد، وهو ما ينطبق أيضا على حصيلة البيع، إن رغبتا في بيع حصتيهما بالشركة مستقبلا ، أي إن العملية تتيح خروج الأموال من مصر بشكل قانوني ، وهو ما يمثل ضغطا إضافيا عى الاقتصاد المصري المأزوم، ولكنه يبقى الطريقة الوحيدة التي يأمن بها المستثمرون على أموالهم من المصادرة أو بلطحة النظام، كما حدث مع رجل الأعمال صفوان ثابت وابنه سيف ، حينما طالبت إحدى الجهات السيادية الحصول على حصة من شركة جهينة لصالح الجيش، دون مقابل، وهو الأمر الذ ي رفضه صفوان ثابت وابنه، فتم الزج بهما في السجن في قضايا واهية، وهو الأمر الذ ي تكرر مع شركة أسمنت سيناء وجامعة سيناء اللتان يمتلكهما رجل الأعمال حسن راتب، فتم تدبير قضية له وسجنه حتى الآن، وهو ما تكرر مع السويركي صاحب شركة التوحيد والنور، وأيضا مع صاحب جامعة مصر بمدينة السادس من أكتوبر ، وهو ما يمثل السبب الأول في هروب الاستثمارات من مصر.
يشار إلى أن عائلة ساويرس صاحبة أكبر عملية نقل ملكية شركات خارج مصر بدأت منذ 2007 تقريبا.
ووفق مراقبين، فإن عملية نقل الملكية توفر لابنتا خميس فوائد أبرزها ملاذات ضريبية، ووجود شركة أجنبية يجعلك خاضعا للاتفاقيات الدولية للتحكيم التجاري الدولي، كما أن الأموال كلها تتحرك خارج مصر سواء إيرادات أو مصروفات أو أرباح وعمولات. ويبقى السبب الأساسي في هروب الأموال من مصر هو سبب الخراب الاقتصادي ، فلا استثمارات في ظل انعدام الأمان السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، فهل يفهم بلطجية العسكر الرسالة أم يبقوا على غبائهم واستكبارهم؟