يواجه سوق السيارات في مصر أزمات حادة تهدد بانهياره بسبب أزمة نقص الدولار وعدم الإفراج عن الشحنات المحتجزة بالموانئ، وذلك عقب قرارات البنك المركزي بفرض الاعتمادات المستندية بدلا من مستندات التحصيل وتخفيض قيمة الجنيه ورفع أسعار الفائدة ، ما تسبب في ارتفاعات جنونية في أسعار السيارات ، وبالتالي حدوث ركود وكساد في الأسواق بسبب عزوف المصريين عن الشراء . أصحاب شركات وتوكيلات السيارات هددوا بتصفية أعمالهم وتسريح العمالة إذا استمرت هذه الأوضاع الكارثية ، مؤكدين أن المبيعات في العام الحالي انخفضت بصورة لم تحدث من قبل ، وهذا تسبب في خسائر كبيرة للشركات والتوكيلات .
نقص الدولار كان تقرير مجلس معلومات سوق السيارات قد كشف عن تأثر السوق تأثر بشكل كبير بنقص الدولار ، مما تسبب في انخفاض أعداد السيارات المفرج عنها من الموانئ ، مشيرا إلى أن نسبة المبيعات سجلت تراجعا لسيارات الركوب خلال الفترة من (يناير – أكتوبر) من العام الجاري بنسبة 29%، لتصل إلى 123.1 ألف سيارة مقابل 173.1 ألف سيارة خلال الفترة المناظرة. وأكد التقرير أن الانخفاض في المبيعات شمل جميع الطرازات، حيث انخفضت مبيعات الطرازات الأوروبية بنسبة 41.8%، لتسجل 21.8 ألف مركبة خلال تلك الفترة مقارنة بنحو 37.4 ألف وحدة في نفس فترة المقارنة. وهبطت مبيعات المركبات الأمريكية المنشأ بنسبة 51.6%، لتصل إلى 4902 مركبة مقابل 10.1 ألف سيارة. وتراجعت مبيعات السيارات الكورية بنسبة 49.8% لتصل إلى 16.7 ألف مركبة مقابل 33.4 ألف وحدة. وانخفضت مبيعات الطرازات الصينية المنشأ بنسبة 15.5% لتصل إلى 35.8 ألف سيارة مقابل 42.3 ألف وحدة.
صغار التجار من جانبه حذر سعيد أبوجلال، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات السيارات، وموزع معتمد للعديد من العلامات التجارية في مصر، من أن الأزمة الحالية التي يشهدها قطاع السيارات ستدفع بعض التجار خاصة الصغار منهم للخروج من السوق. وقال "أبو جلال" في تصريحات صحفية إن "صغار التجار يعانون من الركود التضخمي مع زيادة الأسعار بسبب تحرير سعر الصرف، علاوة على وقف الاستيراد منذ مارس الماضي، مما أدى إلى ندرة المعروض من السيارات في السوق المحلية". وأشار إلى أن بعض تجار "الزيرو" يفكرون في الاتجاه لبيع السيارات المستعملة، لضمان عدم تعرضهم لخسائر مالية كبيرة ، معربا عن اعتقاده بإن كبار التجار يمتلكون رصيدا من الأموال يجعلهم قادرين على تخطي الأزمة الحالية، لكن سيتحملون بعض الخسائر المالية. ورغم الارتفاع الجنوني في الأسعار، نصح "أبو جلال" المواطنين بعدم الانتظار وشراء السيارات حال احتياجهم لها، مستبعدا انخفاض الأسعار مرة أخرى . وتوقع أن يزداد الأمر سوءا في ظل استمرار الأزمات العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
إغلاق الفروع وكشف منتصر زيتون، عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن بعض شركات السيارات لجأت لتقليص ساعات العمل، والبعض الآخر لجأ إلى تسريح العمالة بسبب ضعف المبيعات وزيادة الأسعار بشكل جنوني ، مما أدى إلى حالة من الركود. وأكد زيتون في تصريحات صحفية أن بعض الشركات اضطرت إلى إغلاق فروعها بالمحافظات في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل اليومية، وضعف المبيعات. وأشار إلى أن بعض الشركات العاملة في قطاع السيارات لا تستطيع دفع رواتب العاملين بسبب ضعف المبيعات، لافتا إلى أن بعض موزعي السيارات يدرسون التخارج في الوقت الحالي بسبب فشلهم في مواجهة التحديات التي تعصف بالسوق. وقال زيتون، إن "شهر ديسمبر هو الوقت الأنسب لاتخاذ قرار شراء سيارة جديدة، نظرا لاستمرار أزمة الاستيراد بسبب عدم توافر العملة الصعبة ، مؤكدا أن زيادة أسعار السيارات ستظل مستمرة حتى نهاية عام 2023". وتوقع عدم فتح الباب أمام استيراد السيارات من جانب حكومة الانقلاب خلال الفترة المقبلة بسبب عدم توافر العملة الأجنبية في البنوك. وأشار زيتون إلى أن حدوث زيادة في أسعار السيارت مسألة منطقية خاصة في ظل نقص المعروض من السيارات، بسبب الأحداث العالمية التي أثرت على كافة القطاعات. وأكد أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه تسبب في ارتفاع أسعار السيارات في مصر بنسبة وصلت إلى 25%، مما أثر بالسلب على حركة البيع والشراء.
سيناريوهات الإنقاذ وحول تأثير انخفاض مبيعات السيارات في السوق المصرية قال محمود خالد عضو رابطة تجار السيارات إن "هناك سيناريوهات لرجوع سوق السيارات لوضع أفضل خلال الفترة المقبلة أو تزايد التداعيات السلبية". السيناريو الأول ، سوف يتم إنهاء "الأوفر برايس"، وهو مصطلح يعني (إقرار زيادات غير رسمية من قِبل تجار وموزعي السيارات، على قيمة السيارة الرسمية المُحددة من قِبل الوكيل صاحب العلامة مقابل التسليم في مهلة زمنية أقصر) على العديد من السيارات لكي تستعيد مكانتها مرة أخرى في المبيعات، وبالفعل أصبحت «فيات تيبو»، تُباع حاليا بالسعر الرسمي مع معظم سيارات MG ونيسان اليابانية. السيناريو الثاني، أن يرفع الوكلاء أسعار السيارات لتعويض قيمة "الأوفر برايس" التي سوف تختفي عن سوق السيارات، وكأن شيئا لم يحدث. وأضاف «خالد» في تصريحات صحفية أن الانخفاض الكبير الذي حدث في الأوفر برايس جاء بسبب أن المستهلك لم يعد في استطاعته شراء سيارة بهذه الأسعار المرتفعة خصوصا بعد زيادة أسعار السيارات في الفترة الماضية، لذلك لجأ الجميع إلى تخفيض «الأوفر برايس» بعد رفع أسعار السيارات الجديدة التي وصلت إلى 120 ألف جنيه في بعض الأنواع وهو نفس قيمة الأوفر برايس.