رغم حصول السيسي على قرض صندوق النقد الدولي الذي تسبب في سيل من الأزمات الاقتصادية للمصريين بعد تعويم الجنيه وارتفاع أسعار كل شيء بمصر، ما زال نهم السيسي للحصول على الأموال لسد الديون وسد عجز الموازنة، واستكمال مشاريعه الفنكوشية في العاصمة الإدارية وفي العلمين وغيرها من مشاريع بالعة الأموال بلا مردود اقتصادي. في هذا السياق، تقترب المفاوضات بين مصر وقطر بشأن بيع حصة من أسهم شركة المصرية للاتصالات في شركة فودافون مصر، حيث اتفق الجانبان على استحواذ قطر على 25% من الأسهم، وذلك خلال زيارة وفد الأعمال القطري إلى القاهرة، الأسبوع الماضي، ووافقت مجموعة فودافون العالمية، المالكة لأغلبية أسهم الشركة، على صفقة البيع التي تنتظر الآن موافقة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لإتمام تنفيذها، جاء الاتفاق بعد رفض الجانب المصري العرض القطري المبدئي للاستحواذ على جميع أسهم مصر والبالغة 45%. كانت «المصرية للاتصالات» جنت أرباحا من حصتها في «فودافون مصر» بقيمة ما يقرب من 1.5 مليار جنيه خلال ستة أشهر انتهت في 30 يونيو الماضي. يأتي التقدم الذي أحرزته المفاوضات على خلفية تحسن ملحوظ في العلاقات المصرية القطرية خلال الأشهر الماضية، تُوج بزيارة عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة القطرية أوائل سبتمبر الماضي، ما أسفر عن تفاهمات حول عدد من الملفات شملت دعمًا قطريا اقتصاديا لمصر، واستحواذات على حصص حكومية في عدد من الشركات المصرية. هذا التحسن يأتي مقابل توتر تشهده العلاقات المصرية الإماراتية بسبب إحساس متنامٍ بالسخط تجاه التنازلات التي أُجبرت مصر على تقديمها للإمارات مقابل الدعم الاقتصادي. فيما تجري مفاوضات أخرى بخصوص صفقات استحواذ أخرى لشركات مدرجة بالبورصة، من بينها الشرقية للدخان، والإسكندرية لتداول الحاويات، ومدينة الإنتاج الإعلامي، والتي سبق واستحوذت السعودية والإمارات على أسهم في بعضها، ومن المنتظر أن يتم الانتهاء من هذه الصفقات قبل نهاية العام الجاري. فيما تتبقى بعض الخلافات حول نسبة الأسهم التي يمكن لقطر الاستحواذ عليها من «الشرقية للدخان» إذ طلبت قطر شراء جميع أسهم الحكومة في الشركة والتي تتجاوز 50% من الشركة، لكن مصر أصرت على ألا تتجاوز الحصة 20-25%. مصدر حكومي بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أضاف أن جهاز قطر للاستثمار يستهدف كذلك إنشاء مشروع للهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ضمن الاستثمارات القطرية المرتقب دخولها إلى مصر. وكانت مصادر اقتصادية تحدثت عن أن التأخير في إتمام الصفقات يرجع إلى عدم استقرار سعر صرف الجنيه المصري، إلى جانب الخلافات حول حجم الأسهم التي يحصل عليها الجانب القطري في الشركات المختلفة، وهو الأمر الذي عالجته مصر بعد تحريرها سعر صرف الجنيه، الخميس الماضي، لتنخفض قيمته إلى أكثر من 24 جنيه للدولار، ضمن التزاماتها للحصول على قرض صندوق النقد الدولي. ويقدر حجم الاستثمارات القطرية التي ترغب مصر في اجتذابها ضمن المفاوضات ب15 مليار دولار قبل نهاية العام الحالي. ويرتبط سعي مصر لتسريع وتيرة طرح أصولها أمام الصناديق السيادية الخليجية عموما، بتأسيس صندوق ما قبل الطروحات التابع للصندوق السيادي، والذي يختص بإعادة هيكلة الأصول المملوكة للدولة وطرحها على القطاع الخاص، بحسب قرار تأسيسه الصادر في سبتمبر الماضي. ومع استمرار سياسة الاستدانة والقروض التي تتفاقم يوما بعد يوم في ظل حكم السيسي العسكري، تتصاعد أحجام الديون السيادية للدولة المصرية إلى الحدود غير الآمنة، حيث يصل الدين الخارجي لمصر لنحو 157.8 مليار دولار حتى مارس الماضي، والديون الداخلية لأكثر من 6 تريليون جنيه، وهو ما يمثل في مجموعهم أكثر من 130% من قيمة الدخل القومي الإجمالي، وهو ما يصعب تحمله في الموازنة العامة للدولة المتخمة بكثير من القروض والفوائد التي تبتلع الدخل القومي وتحرم المصريين من الإنفاق على الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.