في الوقت الذي يحاصر فيه الانقلابيون أهالي غزة ويسلطون عليهم سهام إعلامهم المسموم بهدف استعداء الشعب المصري عليهم, يسعى الانقلاب في المقابل إلى استعادة وتوطيد العلاقات الحميمية بين مصر وإسرائيل، التي قد شابها التوتر والقلق من قِبل الإسرائيليين بعد تولي الدكتور مرسي الحكم؛ حيث سعت سلطة الانقلاب جاهدة بقيادة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي منذ اليوم الأول إلى طمأنة الكيان الصهيوني، ولم تتورع خجلًا من عقد اللقاءات السرية والمُعلنة مع قادة إسرائيليين لا تزال أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء من الفلسطينيين. حيث شهدت العشرة أشهر الماضية من عمر الانقلاب العسكري لقاءات واتصالات بين القاهرة وتل أبيب حرص الانقلابيون على سريتها ولكن فضحتها وسائل الإعلام الإسرائيلية؛ حيث نشر مؤخرًا موقع "وللا" الاستخباراتي الإسرائيلي الشهير أن السيسي يحافظ شخصيًّا على إجراء اتصالات مع كبار قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وأنه أمر كبار القادة الأمنيين في مصر بتعزيز التعاون مع إسرائيل.
وأشاد الموقع بنجاح السيسي في تدمير 95% من الأنفاق التي تربط قطاع غزة بمصر، مؤكدًا أن الحرب التي يشنها الجيش المصري ضد الجهاديين وحماس تتم وسط تعاون وتنسيق قوي مع إسرائيل، ويرجح الموقع أن هذا التعاون سيستمر بعد الانتخابات الرئاسية، وأضاف الموقع أن السيسي يقلد سلوك مبارك تجاه “إسرائيل”؛ حيث كان مبارك يرفض زيارة “إسرائيل” لكنه في المقابل كان يحافظ على علاقات وثيقة وقوية معها في الخفاء، خصوصًا على مستوى التعاون والتنسيق الأمني.
وفي السياق نفسه قالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”: إن السيسي يتصرف بوصفه رئيسًا للبلاد فيما يتعلق بموقفه تجاه إسرائيل، ويمتنع عن اتخاذ إجراءات “رسمية علنية وإن القيادات الأمنية الخاضعة له عملت على تعزيز العلاقات مع نظرائهم الإسرائيليين، وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي تحدث أكثر من مرة مع مسئولين إسرائيليين بارزين، بمن فيهم وزير الدفاع الإسرائيلي. لقاءات معلنة
مشاركات وزيارات رسمية بالجملة لإسرائيل على مدار عشرة أشهر وبجانب اللقاءات السرية كان هناك لقاءات مُعلنة كان آخرها زيارة وزير خارجية الانقلاب نبيل فهمي في 30 إبريل الماضي والتي التقى فيها قيادات المنظمات الصهيونية العالمية، وهو اللقاء الذي بررته وزارة الخارجية المصرية أنه لمناقشة قضايا “التحول الديمقراطي” في مصر والأوضاع في القارة الإفريقية وسبل التصدي لظاهرة الإرهاب، فضلًا عن العلاقات مع روسيا، ورأى خبراء أن اللقاء رغبة من الطرفين في المضي قدمًا نحو تنسيق أكثر عمقًا في الملفات المشتركة كالقضية الفلسطينية وسيناء.
كما حضر في مارس الماضي سفير الانقلاب في القدس مؤتمرًا لنتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني الذي رحب به واصفًا إياه بالصديق. حيث قال الصهيوني نتنياهو خلال المؤتمر: "أرحب بكم في القدس العاصمة الأبدية غير المقسمة للشعب اليهودي والدولة اليهودية".
كما شارك في يناير الماضي أيضًا دبلوماسي مصري وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه رفيع المستوى في مراسم تأبين السفاح شارون والذي لم يجد هو الآخر غضاضة في الاستماع إلى خطبة تأبين السفاح والتي أشارت إلى نجاحاته من وجهة نظر الصهاينة والتي كان أبرزها نجاحاته العسكرية ضد القوات المصرية في حربي 1967 و 1973! بجانب مشاركته في معظم حروب ومجازر إسرائيل التي خاضتها مع دول عربية عدة من بينها مجزرة بحر البقر ضد الأطفال المصريين.
الانقلاب شارك رسميًا في مراسم تأبين السفاح شارون ومؤتمر لتهويد القدس كما اعتبروه مهندس الاستيطان المكثف في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومخطط الحرب على لبنان, كما أبرزوا دوره في مجزرة صبرا وشاتيلا وزيارته للمسجد الأقصى المبارك سنة 2000، ومذبحة جنين 2002، وعملية السور الواقي، وقيامه بالكثير من عمليات الاغتيال ضد أفراد المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم اغتيال الشيخ أحمد ياسين.
تمكين الصهاينة ولم تكتفِ سلطة الانقلاب في مصر بالمشاركات والزيارات فحسب؛ بل إنها سعت إلى تمكين الصهاينة من إدارة بعض المشروعات على الأراضي المصرية وكان أبرزهم "إليعازر ماروم" وهو قائد حرب صهيوني متطرف صاحب الهجوم الأشهر على أسطول الحرية لفك حصار غزة "مرمرة" في نهاية مايو عام 2010، كما شارك في عملية الرصاص المصبوب على قطاع غزة نهاية ديسمبر 2008 - حيث سمحت سلطات الانقلاب مؤخرًا للشركة التي يمتلكها "النورس للأمن الملاحي" بالعمل في قناة السويس التي تعتبر الممر الملاحي الأهم في العالم وأحد رموز السيادة الوطنية، وكذلك العمل في عدة مناطق أخرى حساسة مثل البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. ثمار جهود الانقلاب أثمرت جهود الانقلاب في إطار استعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني عن ثمار في تقدير الانقلابيين والصهاينة جيدة حيث أصبحت إسرائيل هي أول المدافعين والمطالبين بمساندة المجتمع الدولي للانقلاب العسكري، ولا تزال تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، مؤخرًا والتي طالب خلالها الولاياتالمتحدة بتوجيه الدعم للمشير عبد الفتاح السيسي وعدم الاصطدام به وتوجيه انتقاداتها إليه خلف الأبواب المغلقة شاهدًا على حجم الحميمية التي عادت بين الطرفين.
والجدير بالذكر أنها لم تكن المرة الأولي التي يطالب فيها باراك العالم بدعم السيسي فقد سبق أن وجه الدعوة نفسها في حوار شهير له مع قناة "سي إن إن" في أكتوبر الماضي، حين دعا العالم لدعم السيسي والليبراليين في مصر لمنع قيام نظام شمولي إسلامي، وقال في حواره إن إسرائيل لا تستطيع أن تدعم السيسي علنًا لأن ذلك سيسبب له إحراجًا في المنطقة.
مركز الأمن القومي بإسرائيل يوصي بمواصلة دعم حكم العسكر في مصر وبجانب إعلان القادة ومجرمي الحرب الإسرائيليين دعمهم للانقلاب العسكري قدم بالتوازي مع ذلك مركز أبحاث الأمن القومي بإسرائيل عدة توصيات لدعم الانقلاب العسكري كان منها: 1-تعزيز التعاون مع الجيش المصري ومواصلة السماح لهذا الجيش بدفع المزيد من القوات في سيناء،وذلك لكي يتمكن الجيش المصري من العمل ضد البؤر الجهادية ولكي يتصدى لعمليات تهريب السلاح عبر سيناء إلى قطاع غزة.
2- تعزيز وتنسيق إسرائيلي مع قيادة الجيش المصري، وفي الوقت ذاته تحرص إسرائيل على بناء مركبات القوة العسكرية بحيث لا تكون عرضة لمفاجآت في المستقبل.
صحيفة إسرائيلية :السيسي يحافظ على إجراء اتصالات مع كبار قادة إسرائيل وأمر القادة المصريين بتعزيز التعاون مع إسرائيل 3-إسرائيل مطالبة ببذل جهود كبيرة من أجل ضمان تواصل الدعم الدولي لقادة العسكر في مصر، وعليها تشجيع المستثمرين الأجانب على تدشين مشاريع البني التحتية في مصر من أجل توفير فرص العمل على اعتبار أن تدهور الأوضاع لاقتصادية سيهدد حكم العسكر. 4-يجب تشجيع القوى العربية الإقليمية في المنطقة التي عملت على إسقاط حكم الإخوان المسلمين، لأنها خشيت أن يؤدي نجاح هذا الحكم إلى القضاء على أنظمة الحكم فيها. وعلق المركز على هذه التوصيات بأن الهدف الرئيس لإسرائيل ليس فقط الحفاظ على علاقات السلام مع مصر في المرحلة المقبلة؛ بل تعميق هذه العلاقات، مؤكدًا أن المصلحة الإسرائيلية تتطلب تشكيل نظام علماني ليبرالي ذي فاعلية ومسئول، لا تمنعه قيود أيدلوجية من مواجهة الجهات المتطرفة، سواء في مصر كلها وفي سيناء على وجه الخصوص.