حذر خبراء اقتصاد ومصرفيون من أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من شهرين بنسبة تتراوح بين 1% و2%، في الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية بالبنك المقرر عقده في 19 مايو المقبل . وقال الخبراء إن "هناك خطورة كبيرة في التمادي في رفع سعر الفائدة كلما رفعها الفيدرالي الأمريكي أو البنوك المركزية في أوروبا، مؤكدين أنه ليس معنى زيادة معدلات التضخم أن نرفع له سعر الفائدة". وأوضحوا أن التضخم الذي نرفع له سعر الفائدة هو الناتج عن انتعاش الاقتصاد وأرقام التشغيل للعمال والنمو وارتفاع معدل الدخول، والطلب على الاستهلاك، بينما في حالتنا التضخم مستورد ونشأ نتيجة ارتفاع تكلفة السلع ومكونات الإنتاج وقطع الغيار بسبب استيراد معظمها. كان البنك المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة بشكل مفاجئ بنسبة 1% في اجتماع استثنائي يوم الاثنين 21 مارس الماضي لتصل إلى 9.25% للإيداع و10.25% للإقراض، وزعم طارق عامر محافظ البنك المركزي أن انخفاض سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية، حيث ارتفع سعر الدولار بنحو 16% خلال يومي 21 و22 مارس الماضي يمثل حركة تصحيح.
خطورة كبيرة من جانبه حذر هاني توفيق خبير اقتصادي، من أن هناك خطورة كبيرة في التمادي في رفع سعر الفائدة كلما رفعوها في أمريكا وأوروبا. موضحا أنه ليس كل تضخم نرفع له سعر الفائدة. وقال توفيق في منشور عبر صفحته الشخصية على موقع "فيس بوك": "في مخالفة لأراء بنوك الاستثمار التي ترجع مواصلة رفع سعر الفائدة إلى أن معدل التضخم في معظم دول العالم الغربي الآن أكبر من سعر الفائدة، ومن ثم فسعر الفائدة الحقيقي هناك يعتبر سالبا سعر الفائدة الأسمى – معدل التضخم ، على العكس من مصر التي يبلغ فيها سعر الفائدة الحقيقى رقما موجبا . وأوضح أن قرار رفع سعر الفائدة يجب أن يتم بهدوء تجنبا للركود ، لافتا إلى أن التضخم الذي نرفع له سعر الفائدة هو الناتج عن انتعاش الاقتصاد، وأرقام التشغيل للعمال والنمو، وارتفاع معدل الدخول، والطلب على الاستهلاك، بينما في حالتنا، التضخم مستورد من هناك، ونشأ نتيجة ارتفاع تكلفة السلع ومكونات الإنتاج وقطع الغيار لاستيراد معظمها، وبالتالي فرفع الفائدة هنا بدرجات متتابعة كلما رفعوها هناك، يسحب سيولة نحتاجها من السوق، لتنشيط الاستثمار، و الطلب و الاستهلاك والمشتريات وتشغيل العمالة وتدوير عجلة الإنتاج، ودوران النقود في المجتمع بدلا من تكدسها بالبنوك للادخار، وللحفاظ على ما تبقى من نشاط البورصة المتهالك أصلا . وشدد توفيق على ضرورة الحرص عند اتخاذ قرار رفع الفائدة في مثل حالتنا، تجنبا للانزلاق لمزيد من الركود، ثم الركود التضخمي لا قدر الله .
ضغوط تضخمية وتوقع محمد عبد الوهاب، محلل اقتصادي أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية في 19 مايو المقبل إن لم يعقد اجتماع استثنائي قبل هذا الموعد لاحتواء الضغوط التضخمية في حال زيادتها بعد أن تجاوزت المعدلات الحالية مستهدفات البنك المركزي البالغة 7% (±2%) بنهاية العام الجاري 2022، مشيرا إلى أن رفع الفائدة يستهدف ضمان حفاظ الأجانب على استثماراتهم في أدوات الدين في ضوء التوقعات باستمرار رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة على الدولار 6 مرات هذا العام بعدما رفعها للمرة الأولى في مارس الماضي ربع نقطة مئوية. وقال عبد الوهاب في تصريحات صحفية أن مواصلة مستويات التضخم ارتفاعها خلال شهر مارس الماضي جاء متأثرا باستمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي رفعت أسعار السلع عالميا، والذي انعكس بالتالي على زيادة أسعارها في مصر. وأشار إلى أن تسجيل التضخم مستويات 12.1% خلال مارس الماضي على أساس سنوي جاء نتيجة زيادة أسعار سلة السلع الأساسية على رأسها الحبوب والقمح وهي اكثر السلع التي تعرضت للارتفاع عالميا . وأضاف أن شهادات استثمار ال 18% التي طرحها كل من بنكي مصر والأهلي المصري بعد رفع المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 1% جذبت سيولة كبيرة من السوق المحلي بلغت حوالي 581 مليار جنيه خلال 31 يوما من طرحها، وساهمت في كبح جماح التضخم ، لكن الموجات التضخمية العالمية وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أثر بشكل كبير على أسعار السلع عالميا ، لذلك فالمتغيرات معظمها خارجية وليست داخلية وبالتالي لا يمكن حسابها أو توقعها، وستتأثر بشكل كبير بمتغييرات الاقتصاد العالمي، واتجاه الحتياطي الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة وهو ما قد يساهم في رفع أسعار الدولار من جديد.
إرهاق الموازنة وقال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح إن "ارتفاع معدل التضخم مستورد من الخارج بسبب ارتفاع الأسعار العالمية واضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار النفط والحرب الروسية الأكرانية ". وأكد أبو الفتوح في تصريحات صحفية أن رفع الفائدة يأتي تماشيا مع دورة التشديد النقدي التي قررتها العديد من البنوك المركزية حول العالم، موضحا أن أسباب التضخم في مصر تختلف عن الأسباب في الدول الأوربية والاقتصادات المتقدمة، حيث أن التضخم المحلي يتأثر بشدة بتكاليف الإنتاج التي كانت ترتفع حتى قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وليس بفضل زيادة المعروض النقدي كما هو الحال في أمريكا وبعض الدول الأوربية ، حيث ضخت البنوك المركزية 3 تريليونات من الدولار لدعم ومساعدة الشركات والأفراد المتأثرين بجائحة كورونا. وأشار إلى أن الوقت غير مناسب للتعجل برفع أسعار الفائدة في ضوء عدم اليقين بشأن تطورات الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها، مشددا على ضرورة تقييم سلبيات وإيجابيات هذا القرار بعناية على جوانب مختلفة من الاقتصاد. وحذر أبو الفتوح من أن رفع أسعار الفائدة الآن يضر بتكاليف الدين الداخلي ويرهق الموازنة ويضعف فرص النمو وكذلك يسبب رفع تكلفة الاقتراض لقطاعات الأعمال والقطاع العائلي ومن ثم يؤثر على معدلات التشغيل، ويرفع تكلفة الإنتاج متزامنا مع ضعف القوى الشرائية ما يعمق مزيد من التباطؤ في الأسواق.