إلى جانب أزمات الفقر والبطالة ونقص المواد الخام وتراجع قيمة الجنيه وتعطل المصانع والشركات ونقص مخزون القمح وغلاء الأسعار بشكل جنوني، تأتي حالة الانكماش الاقتصادي بالقطاع الخاص بمصر، ليفاقم أوجاع المصريين الاقتصادية والاجتماعية، ويفاقم دوامة الأزمات المتوالية التي تحيط بالشعب المصري، في ظل حكم عسكري ، لا يأبه إلا بتأمين كرسي الحاكم المستبد واستمرار بزنس العسكر والذي يجني ثلة من العسكر فوائده فقط. وفي انتكاسة جديدة، أظهر مسح نُشرت نتائجه مؤخرا أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكمش في مارس بأسرع وتيرة له منذ الأشهر الأولى لجائحة فيروس كورونا، إذ أثرت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على الأعمال وتسبب في رفع الأسعار. وانخفض مؤشر مديري المشتريات في مصر الذي تصدره وكالة "ستاندرد آند بورز جلوبال" إلى 46.5 من 48.1 في فبراير ليظل دون مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش للشهر السادس عشر على التوالي. وقال ديفيد أوين الاقتصادي في الوكالة إن "تضرر الاقتصاد غير النفطي بشكل واضح من آثار الحرب الروسية الأوكرانية خلال شهر مارس، إذ ألغى العملاء في كثير من الأحيان الطلبيات الجديدة من الشركات وسط ارتفاع الأسعار والضبابية الاقتصادية". وتسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الخام عالميا في انخفاض حاد في الإنتاج والطلبيات الجديدة، إذ صعد المؤشر الفرعي لإجمالي أسعار المدخلات إلى 58.6 من 54.5 في فبراير والمؤشر الفرعي لتكاليف الشراء إلى 59.1 من 55.9. وأشارت "ستاندرد اند بورز جلوبال" إلى أن "الشركات المصرية استجابت لارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب بخفض نشاطها الشرائي بشدة في نهاية الربع الأول". كذلك سجل أكثر من ثلث المشاركين في الاستطلاع انخفاضا في شراء المدخلات، وهو ما يمثل أكبر انخفاض في إجمالي المشتريات منذ ما يقرب من عامين. وواصل الإنتاج والطلبيات الجديدة في مارس الانكماش المستمر منذ عدة أشهر، وهوى مؤشر الإنتاج الفرعي إلى 44.6 من 46.1 في فبراير كما انخفض مؤشر الطلبيات الجديدة الفرعي إلى 45.1 من 47.3. وهوى المؤشر الفرعي لتوقعات الإنتاج المستقبلية إلى 52.5 من 55.4 في فبراير، وهو أدنى مستوى له منذ إدراجه في المسح في إبريل 2012. ويمثل انكماش القطاع الخاص أزمة مجتمعية، إذ يعد القطاع الخاص هو المشغل الأساس لملايين المصريين، بعد تراجع أعداد الموظفين الحكوميين ووقف التعيينات، إثر سياسات التقشف التي يفرضها نظام العسكر على المصريين، ومن ثم فإن انكماش القطاع الخاص يعني زيادة نسب البطالة والعاطلين عن العمل، وتراجع التوظيف وانهيار الدخل الشهري لملايين الأسر، ومن ثم تفجر الأزمات المجتمعية كالطلاق والفقر والسرقات والجرائم. وكانت العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية، قد حذرت مرارا من سياسات العسكرة واستيلاء الشركات العسكرية على مفاصل الاقتصاد المصري، وابتلاع المناقصات، ما يؤدي لهروب الاستثمارات من مصر ، كما جرى مؤخرا، حيث غادرت مصر في أول ثلاثة أشهر من العام الحالي نحو 13 مليار دولار، تضاف لنحو 20 مليار دولار في العام الماضي، ما يتسبب في دفع مصر نحو الإفلاس ومزيد من القروض والديون.