اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 20-9-2024 في قنا    نقيب الفلاحين يقترح رفع الدعم عن أسمدة المزارعين: 90% منها لا تصل لمستحقيها    صفارات الإنذار تدوي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا    تأهل علي فرج وروان وهانيا لنصف نهائي بطولة "Paris Squash 2024" للإسكواش    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    تعرف على قرعة سيدات اليد فى بطولة أفريقيا    بسبب كشك، مسجل خطر يقتحم حي الدقي ورئيسه يحرر محضرا    عاجل - تحذيرات مهمة للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس اليوم في مصر    القبض على سائق «توك توك» دهس طالبًا بكورنيش المعصرة    سباق الموت.. مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم دراجتين بالفيوم    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    عيار 21 يعود للارتفاعات القياسية.. أسعار الذهب تقفز 280 جنيها اليوم الجمعة بالصاغة    بايدن: الحل الدبلوماسي للتصعيد بين إسرائيل وحزب الله "ممكن"    خزينة الأهلي تنتعش بأكثر من 3 ملايين دولار (تفاصيل)    كمال درويش: معهد الإحصاء ب «الفيفا» أعطى لقب نادي القرن للزمالك    عاجل| إسرائيل تواصل الضربات لتفكيك البنية التحتية والقدرات العسكرية ل حزب الله    الصومال:ضبط أسلحة وذخائر في عملية أمنية في مقديشو    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    رسميًا.. إعادة تشكيل مجلسي إدارة بنكي الأهلي ومصر لمدة 3 سنوات    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    بعد فيديو خالد تاج الدين.. عمرو مصطفى: مسامح الكل وهبدأ صفحة جديدة    عبد الباسط حمودة عن بداياته: «عبد المطلب» اشترالي هدوم.. و«عدوية» جرّأني على الغناء    «ابنك متقبل إنك ترقصي؟» ..دينا ترد بإجابة مفاجئة على معجبيها (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    حسن نصر الله: "تعرضنا لضربة قاسية وغير مسبوقة".. ويهدد إسرائيل ب "حساب عسير" (التفاصيل الكاملة)    التفجير بواسطة رسائل إلكترونية.. تحقيقات أولية: أجهزة الاتصالات فُخخت خارج لبنان    النيابة تصرح بدفن جثة ربة منزل سقطت من الطابق السابع في شبرا الخيمة    ضبط 5000 زجاجه عصائر ومياه غازية مقلدة بمصنع غير مرخص وتحرير 57 مخالفة تموين بالإسماعيلية    المؤبد لعامل لاتجاره في المواد المخدرة واستعمال القوة ضد موظف عام في القليوبية    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإعادة تشكيل مجلس إدارة بنك مصر    مصدر من كاف يكشف ل في الجول إمكانية تأجيل مجموعات دوري الأبطال والكونفدرالية    محافظ القليوبية: لا يوجد طريق واحد يربط المحافظة داخليا    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    يا قمر، عمرو دياب يتألق بحفل الأهرامات وسط حضور كامل العدد (فيديو)    حدث بالفن| هشام ماجد يدعم طفلا مصابا بمرض نادر وأحدث ظهور ل محمد منير وشيرين    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لن نعود لقطع الكهرباء مرة أخرى    نقيب الأشراف: قراءة سيرة النبي وتطبيقها عمليا أصبح ضرورة في ظل ما نعيشه    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    وكيل صحة قنا يوجه بتوفير كل أوجه الدعم لمرضى الغسيل الكلوي في المستشفى العام    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    رئيس جامعة القناة يتفقد تجهيزات الكلية المصرية الصينية للعام الدراسي الجديد (صور)    فيلم تسجيلي عن الدور الوطني لنقابة الأشراف خلال احتفالية المولد النبوي    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    الداخلية تضبط قضيتي غسيل أموال بقيمة 83 مليون جنيه    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    فحص 794 مريضًا ضمن قافلة "بداية" بحي الكرامة بالعريش    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. جمال نصار يكتب: سيف القدس والتخابر من المسافة صفر
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 03 - 06 - 2021

لا شك أن عملية سيف القدس التي انطلقت من غزة للرد على انتهاكات جنود الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى، والمقدسيين في القدس، وعلى تهجير أهالي حي الشيخ جراح؛ كان لها أبلغ الأثر لردع العدو الصهيوني وإيقافه عند حده، وأعطت للمقاومة اليد الطولى في التأثير على المشهد السياسي العام في فلسطين.
ومن جانب آخر أحيت هذه العملية، القضية الفلسطينية مرة أخرى في قلوب وعقول المسلمين الذين يشتاقون لتحرير المسجد الأقصى من دنس الصهاينة. وفي ذات السياق حرّكت تلك العملية الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية للسعي لوقف إطلاق النار بين الجانبين، لما رأوه من وصول صواريخ حماس والجهاد الإسلامي إلى مدى لم يتوقعه أحد، حيث زلزلت أركان الاحتلال الإسرائيلي في مناطق غلاف غزة، وما بعدها. فكانت الإشارة لمصر وقطر لكي يقوما بالدور الفاعل في وقف العمليات العسكرية بين الجانبين (المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي).

المقاومة تقود العملية السياسية بعد الانتصار في ميدان المعركة
لقد أفقدت عملية سيف القدس الاحتلال الإسرائيلي عنصري المفاجأة والمبادرة، وأحدثت هزة كبيرة في نظريته الأمنية، فتداعيات هذه الجولة شملت معظم عناصر النظرية الأمنية الإسرائيلية، كالردع، والحرب الاستباقية، والقتال داخل فلسطين المحتلة، والتنبؤ الاستراتيجي، وتماسك الجبهة الداخلية.
وقد استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تثبت للاحتلال ألّا وجود لمعادلة ردع استراتيجي أو تكتيكي، وعاجلته بالاستعداد للدخول في مواجهة قتالية، وبدأت الجولة بقصف مواقع في القدس المحتلة، والعديد من المستوطنات.
كما عجز الاحتلال عن التنبؤ بقرار المقاومة في غزة، وطبيعة وحجم قدراتها العسكرية، بما في ذلك مدى الصواريخ وأعدادها. ورافقت هذه الجولة هبّة شعبية فلسطينية في مدن الداخل المحتل، التي يعتبرها الاحتلال جزءًا من جبهته الداخلية. واستطاع الفلسطينيون تقديم نموذجًا لحالة الاستنزاف التي قد يخضع لها الاحتلال بتعدد ساحات المواجهة معه في كل فلسطين المحتلة.
كما شكلت هذه المعركة تغييرًا جوهريًا لقواعد الاشتباك بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية. حيث قررت المقاومة في غزة، بشكل واضح، أن يأتي ردها على اعتداءات الاحتلال في القدس والضفة الغربية، والاستجابة لهتافات المقدسيين، وأهالي الضفة لقيادة المقاومة في غزة بضرورة التدخل.
وقد أظهرت هذه الجولة أن هناك تحولات بنيوية وفكرية لدى الفلسطينيين، وتأثير ذلك على الشباب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية على وجه الخصوص، يتجاوز تقديرات أجهزة الاحتلال الأمنية.
وأدت الانتصارات التي حققتها المقاومة في قضية القدس، وحي الشيخ جراح، والعدوان على غزة؛ لتنامي المساندة والتعاطف والتأييد على مستوى الفعاليات الشعبية والنقابية الدولية، وأظهرت الاحتجاجات الواسعة في عواصم عالمية حجم تنامي التعاطف مع الفلسطينيين التي تجاوزت رواية الاحتلال الكاذبة.
كل ذلك جعل من المقاومة الفلسطينية الباسلة امتلاك زمام المبادرة السياسية، وهذا ما عبّر عنه رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية بقوله: إن معركة "سيف القدس" طوت مراحل كثيرة، وفتحت الباب أمام مراحل جديدة، وقفزة نوعية على طريق الصراع، وأن كل صناع القرار داخل العدو والمتابعين في المنطقة وخارجها سيقرؤون ما حققته المقاومة، وأن هذا نصر مركب على المستوى الوطني الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وعلى مستوى المجتمع الدولي، وأن المقاومة أسقطت صفقة القرن (خطة السلام الأمريكية للشرق الأوسط)، ومشاريع التوطين والتطبيع مع الاحتلال، وثقافة الهزيمة والتعايش مع الاحتلال. كما شدد على أن المقاومة اليوم اشتد عودها، وهي تعرف طريقها ولديها إرادة حديدية وإيمان عميق بحتمية النصر، مؤكدًا أن المقاومة لها قضية وطنية وهي تحرير فلسطين والأسرى، والعودة.
أسباب التحرك المصري للتهدئة في غزة
الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة على العدو الصهيوني، دفع بالقاهرة للتحرك بشكل مكوكي للقاء قيادة "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة، ولقاء نتنياهو في فلسطين المحتلة، ورئيس السلطة الفلسطينية في رام الله، ثم العودة مرة أخرى إلى غزة يوم الإثنين الموافق (31-5-2021) بوفد أمني مصري رفيع المستوى، على رأسه عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية، ولعله يكون في نهاية الأسبوع الأول من يونيو/حزيران 2021 لقاء مع قادة الفصائل الفلسطينية في القاهرة، بحضور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، للاتفاق على خطوات إنهاء الانقسام ووضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة، ولتثبيت وقف إطلاق النار، وإعادة الإعمار، حسب التصريحات المعلنة.
والمتأمل في الدور المصري الأخير تجاه غزة يرى تحولًا غريبًا، فبعد أن كانت "حماس" مصدرًا للإرهاب بالنسبة للقيادة المصرية، والتي اتهمتها سابقًا بفتح السجون، وتهريب المساجين أثناء ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) 2011، وسُجن الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، يرحمه الله، والعديد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بتهمة التخابر مع "حماس"، إذ بنا نرى على غير العادة، الإعلام الحكومي المصري ينتفض، ويقوم بتغطية مفتوحة لأحداث الحرب في غزة، مع استخدام كلمات ذات وقع مختلف عمّا سبق في الصحافة المصرية أثناء تغطية الصراع بين المقاومة و(إسرائيل)، أبرزها ما جاء في صحيفة "الأهرام" القاهرية التي وصمت (إسرائيل) بالاحتلال، ووصفت "حماس" بالمقاومة، وتزامن معها تصعيد دبلوماسي غير معتاد لوزير الخارجية المصري سامح شكري الذي وصف ما يجري في الأراضي الفلسطينية بالعدوان.
وقد دخلت مؤسسات أخرى على الخط، مثل الأزهر الشريف، بالخطبة التي ألقاها الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، من فوق منبر الجامع الأزهر خطبة دعا فيها لاستنفارٍ عربي مسلم لانتزاع القدس ووقف الاستيطان بالقوة. وانتشرت تسريبات بأن تعليمات سيادية مباشرة صدرت من جهاز المخابرات لوسائل الإعلام بتكثيف تناول التصعيد الإسرائيلي، وعدم التعرض لحركة "حماس" بالانتقاد أو الهجوم، وانتهاج خطاب إعلامي يستند إلى أن (إسرائيل) هي من بادرت بالعدوان، وأن ما فعلته المقاومة هو رد فعل.
وفي السياق نفسه، تعهّد عبد الفتاح السيسي بتقديم نصف مليار دولار مساعدات لإعمار غزة، وسهَّلت السلطات المصرية حركة بعض الأطباء، وعربات الإسعاف إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، واستقبال المصابين في حدث وصفته "القناة الأولى" الحكومية بأنه تضامن مع الشعب الفلسطيني.
ويبدو أن هذا التحول غير مسبوق في الموقف المصري، ولو على المستوى الإعلامي، مقارنة بما جرى في أثناء حرب 2014، حيث استغلّت القاهرة حينها ورقة إغلاق المعبر للضغط على "حماس" كي تقبل بشروط (إسرائيل) لوقف إطلاق النار. ولم تفلح الحركة في إقناع نظام السيسي، في أشد لحظات عدائه معها، بفتح المعبر إلا بعد مناشدات طويلة.
فهل يمكن اعتبار كل هذه الجهود التي تبذلها مصر من أجل نصرة القضية الفلسطينية؟ وهل يمكن وصف القاهرة بالوسيط المحايد بين طرفي النزاع؟ وهل تهدف مصر من خلال هذه الجهود لاستعادة دورها المركزي في الملف الفلسطيني؟
وهل التحرك المصري نتيجة لتغير موقف الإمارات، تجاه المصالح المصرية في مياه النيل، إذ كانت أبوظبي إحدى الدول العربية التي لم تدعم موقف مصر والسودان من أزمة سد النهضة، وأيضًا تقارب الإمارات مع (إسرائيل) للإضرار بمصالح مصر في قناة السويس، بعمل مسار بديل لتصدير الغاز الإماراتي لأوروبا عن طريق (إسرائيل)؟
وهل حرب غزة تمثل بالنسبة للقاهرة صندوق بريد لإرسال رسائل متعددة للإماراتيين عرّابي التطبيع، والأمريكيين، والإسرائيليين، وحتى الأوروبيين، والسلطة الفلسطينية بأنه لا يمكن الاستغناء عن القاهرة؟
لعل التطورات في الأيام المقبلة تكون كفيلة برسم الصورة كاملة عن التحركات المصرية، على المدى القصير الذي ربما ارتبط بعدم رضا القاهرة عن موجة التطبيع الخليجي، أم أنها إشارة لتحوّل طويل الأمد مرتبط بتغيرات استراتيجية تفرض على القاهرة الإبقاء على مسافة فاصلة بينها وبين دولة الاحتلال.
وفي النهاية أتمنى على المقاومة الفلسطينية استثمار الزخم الدولي حول فلسطين، والتأييد العربي والإسلامي الشعبي الداعم للقضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية على الأرض، وأن تعي طبيعة العمل السياسي الذي يحتاج إلى كثير من الدهاء للتعامل مع الخيوط المتشابكة، والمصالح المتصارعة في المنطقة. وأتصور أن تحرك القاهرة لم يكن لعيون غزة والمقاومة، ولكن القرار المصري بالتدخل للتهدئة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، والإعمار في غزة، أظن أنّ له مآرب أخرى، وسيتّضح في الأيام المقبلة أهداف هذا التحرك.
……………..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.