تضاعفت قيمة مشتريات الأسلحة التي أبرمتها حكومة الانقلاب في مصر مع إيطاليا خلال 2019م ثلاثة أضعاف عما كانت عليه سنة 2018م؛ لتكون الأعلى في تاريخ العلاقات بين البلدين، وتجاوز بعشرات الملايين القيمة الإجمالية للمشتريات خلال العقد الأخير كاملاً. وبحسب وثيقة نشرتها صحيفة عربية فإن حكومة الانقلاب في مصر أنفقت على شراء الأسلحة الإيطالية عام 2019 نحو 238 مليون و55 ألفا و472 يورو، مقابل 69.1 مليون يورو تقريباً في 2018، حيث تنوعت المشتريات بين أسلحة جديدة بقيمة تجاوز 97 مليون يورو، وقطع غيار للمعدات وبرمجيات وتراكيب، وإضافات بقيمة 141 مليون يورو. وحلّت مصر في المركز الرابع عالمياً بين مستوردي الأسلحة الإيطالية، خلف الكويت وقطر وألمانيا، حيث تعددت مشترياتها بين مجموعة من أكبر شركات التصنيع الإيطالية، على رأسها شركة "ليوناردو" التي تم الاتفاق معها أخيراً على شراء 24 طائرة تدريب من طراز "إم-346" بقيمة إجمالية تتراوح بين 370 و400 مليون يورو. كما أن الشركة ذاتها ستورد لمصر 32 مروحية من طراز "أغوستا-ويستلاند149"، والتي لم تحصل عليها مصر حتى الآن رغم طلبها في إبريل2019 بقيمة 400 مليون يورو، وكذلك شركات "بينيللي" و"إلكترونيكا" و"بيريتا" و"سيميل ديفيسا" و"أڤيو" و"فيرتيللي". وكانت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية وصفت في يونيو 2020م صفقة السلاح الإيطالية المرتقبة لنظام العسكر في مصر ب«صفقة القرن المصرية» والتي تضم فرقاطات ولانشات وصورايخ ومقاتلات يوروفايتز يايفون الشهيرة. كما تضم الصفقة الضخمة فرقاطتين من نوع "فريم بيرجاميني" والموجودتين في البحرية الإيطالية، فضلاً عن 4 فرقاطات أخرى سوف يتم بناؤها للنظام في مصر خصيصاً. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الصفقة التي تبلغ قيمتها ما بين 9 إلى 10 مليارات يورو والمتوقع إبرامها خلال الأسابيع المقبلة، نحو 20 لانش صواريخ، وعدد 24 مقاتلة يوروفايتر تايفون، وعدد 24 طائرة إيرماكي إم-346 للقتال المتقدم، وقمراً للتصوير الراداري. تساؤلات حول حجم الصفقة ويثير حجم الصفقة الكبيرة وقيمتها الضخمة، التساؤلات عن أسرار وأبعاد توقيت وهدف الصفقة التي تأتي في وقت تعاني فيه مصر وضعا مزريا على المستوى الاقتصادي جرءا التداعيات الكارثية الطاغية لتفشي جائحة كورونا وتعليق النشاط الاقتصادي. كما تأتي هذه الصفقة في ظل توجهات النظام نحو التوسع في صفقات السلاح المليارية حتى باتت القاهرة من أكبر مستوردي السلاح في العالم وحلت في المركز الثالث عالميا بعد الهند والسعودية، وفقاً لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري" المتخصص في مراقبة حركة بيع وشراء السلاح بالعالم، بصفقات بلغت قيمتها عشرات المليارات من الدولارات من فرنسا وروسيا وألمانيا. وزادت واردات مصر من الأسلحة بنسبةٍ هائلة بلغت 215% في السنوات الماضية التي تلت انقلاب 3 يوليو 2013م. ومايؤكد الطابع السياسي للصفقة أن إيطاليا ليست من الدول المعروفة بصناعة السلاح، وخلال السنوات الماضية لم تتجاوز صفقات السلاح المصرية من إيطاليا سوى عشرات الملايين من الدولارات ففي 2015 بلغت واردت السلاح المصرية من إيطاليا نحو 37.6 مليون يورو، وتراجعت بشدة بعد مقتل ريجيني إلى 7.1 ملايين يورو في 2016 ثم 7.4 ملايين يورو في 2017 لترتفع إلى أقصى حد في 2018 لتبلغ نحو 69.1 مليون يورو؛ احتلت بها مصر صدارة ترتيب الدول الإفريقية المشترية للسلاح الإيطالي؛ وعندما يبرم السيسي صفقة تصل إلى 10 مليارات يورو من دولة غير معروفة بصناعة السلاح، فإن ذلك يعني أن الطابع السياسي هو المسيطر على الصفقة ويأتي المعيار الفني لاحقا لأسباب تتعلق بالصراع الدائر في المنطقة وتوجهات تحالف الثورات المضادة نحو تكريس الدكتاتوريات العربية بالصفقات والقمع واسترضاء الغرب لمواجهة تركيا وقمع ثورات الربيع العربي. خلافات إيطالية وتعزو مصادر دبلوماسية هذه القفزة في شراء السلاح الإيطالي رغم عدم شهرة إيطاليا في تصنيع السلاح عالميا بأنه بات واضحا أن رهان حكومة السيسي الوحيد لإبقاء العلاقات طبيعية مع إيطاليا هو زيادة معدلات استيراد الأسلحة، إلى الحد الذي جعل بعض المصنعين الكبار، مثل شركة "فيركانتيري" المصنعة للفرقاطات متعددة المهام "فريم" تفضل أن تبيع للقاهرة قطعتين كانت قد أنتجتهما في الأساس لصالح البحرية الإيطالية. ويبلغ سعر القطعتين 1.1 مليار يورو، ويمثل شراؤهما المرحلة الأولى من صفقة تسليح قياسية بدأ التفاوض بشأنها مطلع العام الحالي، ربما تصل قيمتها الإجمالية إلى 11 مليار يورو. ورغم الخلافات داخل مكونات حكومة جوزيبي كونتي حول تعزيز العلاقات مع نظام السيسي رغم عدم التقدم في مسار التحقيقات بشأن مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بالتعذيب الوحشي على يد أجهزة السيسي الأمنية في فبراير 2016م فإن وزيري الدفاع والمالية وعضوي الحزب الديمقراطي لورينزو جيريني وروبرتو جالتييري يدعمان بشدة استمرار اعتماد صفقات التسليح لضمان إرضاء المصنعين وزيادة الدخل القومي، ويدفعون باتجاه عدم الاكتراث بالملاحظات الحقوقية والإنسانية والقانونية والأمنية التي يبديها وزراء آخرون، وكذلك رئيس مجلس النواب روبرتو فيكو، الذي جدد منذ أيام تهديداته باتخاذ إجراءات ضد مصر بسبب جمود التحقيقات في قضية ريجيني. ويبدي وزير الدفاع لورينزو جيريني حماسا كبيرا لاستمرار توريد الأسلحة لحكومة السيسي بعيدا عن الانتقادات الحقوقية بشأن الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها حكومة السيسي، ويدفع باتجاه توسيع التعاون بالتدريب والاستضافة وإرسال البعثات. وهو داعم أيضاً للأفكار المطروحة حديثاً لتحقيق شراكة طويلة الأمد بين الجيش المصري وبعض الشركات الإيطالية الكبرى لإنشاء مصانع بخطوط إنتاج جاهزة لصالح الشركات في مصر.