خلال الأيام الماضية أبرم قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي قرضا سريا تبلغ قيمته أكثر من 6 مليارات دولار من البنك الإفريقي للتصدير وبنك الاستثمار الأوروبي. فلماذا يخفي السيسي قروضه عن الشعب؟ ولماذا يريد ألا يطلع الشعب على تفاصيل هذه القروض؟ أليس الشعب هو من سيدفع كل هذه الديون الضخمة فلماذا يتم استبعاده من المشاركة في قرارات مصيرية تخصه وتخص مستقبله؟ القرض السري أولى الملاحظات أن هذا القرض السري أو "الكتمي" بحسب الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام لم يتم العلم به من جانب البنك المركزي المصري بل من خلال جهات التمويل التي أقرضت نظام العسكر في مصر. ولولا كشف هذه الجهات حجم القرض ولولا التغطية التي تقوم بها الصحف والإعلام الأجنبي لما علم الشعب عنها شيئا. وبحسب عبدالسلام في مقاله "قروض حكومة مصر على كل شكل ولون"، فإن البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد أعلن قبل أيام عن منحه مصر قرضاً بقيمة تقترب من الأربعة مليارات دولار منها 3.55 مليارات دولار للبنك المركزي المصري وبنوك مصرية أخرى لمساعدتها، حسب البيان الصادر عنه، على التعامل مع تداعيات جائحة كوفيد-19 و300 مليون دولار للبنك الأهلي المصري لتعزيز أنشطته الهادفة لتوسيع التجارة بين دول أفريقيا. إلى جانب منحة بقيمة 250 ألف دولار للحكومة لمواجهة تداعيات الفيروس. وإضافة إلى قرض البنك الأفريقي الكتيمي هناك قرض آخر مقدم من بنك الاستثمار الأوروبي، بقيمة 2.2 مليار دولار، منها 1.1 مليار يورو لدعم قطاع النقل العام في المدن المصرية و800 مليون يورو للاستثمارات المتعلقة بكورونا، والباقي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ثاني الملاحظات، أن هذه ليست المرة الأولى التي يجري اسيسي وحكومته قرضا في السر بعيدا عن الشعب، فقد حصلت حكومته من قبل سنة 2016على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي ، ولم نسمع عنه إلا بعد خروج محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، في سبتمبر 2017 معلناً أنه سيتم سداد قيمة القرض قبل نهاية العام. ثالث الملاحظات أن النظام بات في ورطة كبيرة ويتجه نحو مزيد من التوسع في الاقتراض الخارجي ومنها الصكوك الإسلامية، وهي الآلية التي تندّر عليها الإعلام أيام حكم الدكتور محمد مرسي، وزعم الإعلام ساعتها أن جماعة الإخوان تعمل على "أسلمة الاقتصاد والبنوك وأدوات الدين"، إلى آخر هذه المزاعم التي ثبت عدم صحتها خلال السنوات الماضية، وأنها كانت بهدف خداع المصريين وتضليلهم وتشويه فترة حكم مرسي. كما يتجه السيسي نحو الاقتراض عبر طرح سندات خضراء، وهي نوع من الديون لم تعرفها مصر عبر تاريخها كله، بهدف الحصول على قروض دولية لتمويل عجز الموازنة العامة وتنويع مصادر الدين، وبحسب تصريحات محمد حجازي، رئيس وحدة الدين في وزارة المالية لوكالة بلومبيرج، فإن مصر دخلت مرحلة متقدمة لطرح سندات خضراء بقيمة 500 مليون دولار. وهناك السندات الدولية التي تعد الأسهل في الاقتراض الخارجي، حيث يتم إغراء المقرضين الدوليين بالضمانات وأسعار الفائدة العالية على الدولار، وآخر ما اقترضته مصر عبر هذه الآلية 5 مليارات دولار تم الحصول عليها في شهر مايو الماضي. كذلك تدرس الحكومة أيضاً بيع سندات دولية بقيمة تصل إلى 7 مليارات دولار مقومة بالدولار أو اليورو خلال العام المالي الجاري.
ورطة كبيرة رابع الملاحظات أن السيسي بهذه القروض يكون قد اقترض أكثر من 20 مليار دولار خلال أقل من ثلاثة شهور فقط وهو رقم مهول ويعني ارتفاع حجم الديون الخارجية إلى أكثر من 130 مليار دولار بعدما كانت 43 مليارا فقد حتى منتصف 2013م. بخلاف الديون المحلية التي تصل إلى نحو 5 تريليونات جنيه، وبذلك تبلغ الديون أكثر من 6 تريليونات جنيه بعدما كانت 1.7 تريليونا فقط حتى منتصف 2013م، ما يعني أن السيسي اقترض ثلاثة أضعاف ما اقترضه جميع حكام مصر منذ العهد الملكي. خامس الملاحظات، التوسع في القروض الخارجية والمحلية يؤكد انهيار ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي، واليقين بأنه أكبر أكذوبة إعلامية أريد لها أن تغطي على الفشل الواسع خصوصا بعدما أحال السيسي حياة الشعب إلى جحيم لا يطاق بالغلاء الفاحش ورفع جميع أسعار السلع والخدمات بنسب تصل من 200 إلى 500% وعلى رأسها الوقود والسلغ الغذائية والكهرباء والمياه وتعريفة الركوب. وهو ما انعكس على زيادة في أسعار جميع أصحاب المهن الطبية والهندسية والتعليمية وغيرها. سادسا، تخالف الحكومة وعودها المستمرة بخفض الدين العام، وتخفيف الأعباء المالية الملقاة على الدولة، وبحسب مشروع الموازنة تستهدف وزارة المالية اقتراض نحو تريليون جنيه عبر إصدارات الدين العام "قروض عبر طرح سندات وأذون خزانة" بنسبة 19.7% لتصل إلى 974.482 مليار جنيه، وهو ما يعني مواصلة الحكومة زيادة الاقتراض من البنوك المحلية وجذب مزيد من الأموال الأجنبية الساخنة التي هربت من البلاد منذ تفشي كورونا. وتبلغ قيمة إجمالي مخصصات أقساط القروض وفوائدها 1.12 تريليون جنيه، عبارة عن مخصصات سداد القروض 555,5 مليار جنيه، ومخصصات فوائد الدين فتقدر بنحو 556 مليار جنيه، أي 48.8 % من جملة المقدر من الاستخدامات بمشروع الموازنة.