نعيش فى هذه الأيام –بفضل الله– حالة من الكفاح الشعبى ضد الانقلاب، وهو صورة من الجهاد عفوية تلقى بالمسئولية كاملة أمام الله عز وجل على كل فرد يسير فى هذا الطريق، حيث لا أحد يرقب غيره: هل حضر هذه الفاعلية أم تكاسل؟ هل أسرع أم تباطأ؟ كيف كان عندما وقع أمر يُخشى فيه القتل أو الإصابة أو الاعتقال؟ هل فر أم ثبت؟ وهل فرح لغيابه أم تمنى بصدق لو كان حاضرا؟ وعندما تناثرت أخبار بطش الظالمين فى كل مكان.. هل شك فى موعود الله أم جدد العهد مع ربه؟ وعندما تناقل الناس بشارات النصر والخلاص.. هل استبشر خيرا وسأل الله الفتح أم سخر منهم وفتّ فى عضدهم؟ وعندما بدا له خطر ما.. هل سارع به إلى من يُرجَى منه دفعه أم أذاع به وأرجف بين الناس؟! وفى وسط هذا الزحام، واتقاد شعلة الثورة وحماسة الناس، هل خرج مخلصا لله متجردا للحق؟ أم خرج لئلا يقال "جبان"؟ أو خائضا مع الخائضين؟ أو طمعا فى مغنم ما بعد كسر الانقلاب بإذن الله؟ أو حرجا من رفقته وأصحابه؟! وعندما عرض له أمر فيه مصلحة عاجلة بشرط أن يقر الظالمين، أو يسكت عنهم، أو يخذل الحق وأهله، هل رفض فورا وبشدة؟ أم قبل التفاوض؟ أم تنازل؟!! وعندما ضاقت به الأحوال، وتعثر فى الطريق بإصابة أو اعتقال أو أى نوع من البلاء.. هل ثارت ثائرته وراح يكيل الاتهام لإخوانه ومن حوله؟ أم كان رءوفا بهم رحيما؟ يعذرهم ويستغفر لهم؟ هذه الأسئلة الخطيرة تدفعنا للبحث عن حالة النجاح التى يصل إليها العبد فى هذه الأيام؟ ما الصفات التى ينبغى أن يتحلى بها؟ وما ينبغى أن يحذر منه ويتجنبه؟ فإن هذه الشدائد والمحن تكشف عن القلوب، فمنها ما يصفو ويخلص، ومنها ما يسود والعياذ بالله.. {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت: 2، 3] وأول ما ينبغى أن يكون عليه العبد المؤمن عند الشدائد والمحن هو الثبات، كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45]، وفى مقابل هذا الثبات: الخوف الذى يعبَّر عنه غالبا بعبارات وأفعال تعكسه بوضوح، لكنها تزينه فى نفس صاحبه، وتبعد عنه تأنيب نفسه ولومها عليه. نقول هذا، ونحن نعلم أن الخوف شعور تلقائى ينتاب المرء عند تعرضه لخطر يهدد حياته أو عرضه أو ماله، ولكن طالما أن هذا الخوف ظل حبيس النفس يقاومه الشعور بالمسئولية تجاه الحق، ومن ثم لا يُقعد صاحبه فلا بأس منه، والله أعلم. فمن مظاهر الخوف المُقعد: طلب الإمهال والتأخير ولو قليلا مثل أولئك الذين قال الله فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [النساء: 77]. ولأن الأمر لا علاقة له بحسن الاستعداد من قريب أو بعيد، بل هو الخوف الشديد، قال الله لهم: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِى بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 77، 78]. ولقد كانت سيرة النبى -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ملحمة مفعمة بالشدائد والمحن، سطروا بثباتهم فيها صحائف من نور، وتناثرت من حولهم مواقف المنافقين والذين فى قلوبهم مرض، ومن غلب عليهم الخوف أحيانا. ولعل أكثر ما اعتنى القرآن بتسجيله من واقع العصر الذى تنزل فيه هو جانب الثبات والخوف عند الشدائد والمحن، فمن مظاهر الخوف ما يكون قبل وقوع اللقاء، فترتجف القلوب، وتبدأ النفس فى البحث عن حجة تلتمس بها الاعتذار عن المشاركة والحضور، كقول المنافقين: {لَا تَنْفِرُوا فِى الْحَرِّ}. فيخوفهم الله عز وجل من مغبة هذا التخاذل، ويحذرهم أنهم إن قعدوا فسيلقون غدا نارا هى أشد حرا: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)} [التوبة: 81، 82]. ومن مظاهر الخوف المقعد كذلك الاعتذار والتعلل بالعجز والضعف والعورة: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِى يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِى بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا } [الأحزاب: 13]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِى وَلَا تَفْتِنِّى أَلَا فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } [التوبة: 49]. وهذا على أحسن حال تراه يخرج فيما كان خفيف التكاليف قليل المؤنة: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: 42]. ومن مظاهر الخوف المقعد: التباطؤ عن الخروج لينظر فى الأمر، حتى إذا خرج الناس واطمأن لنصرهم اجتهد فى اللحاق بهم وندم على تضييع الفرصة، وإن أصابهم مكروه فرح أنه لم يكن معهم: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِى كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)} [النساء: 72، 73]. وحين تنزل الشدة يظهر الخوف فى إساءة الظن بالله والشك فى صدق وعده للمؤمنين، فتجد لسان الحال يقول: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا } [الأحزاب: 12]، فيما يقول المؤمنون: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22] فقد أعلمهم الله عز وجل أن طريق النصر وعرة، السير فيها شاق ومتعب، لكنه وعدهم بالنصر والفوز فى الآخرة والدنيا، فكلما ضاقت الحال تأكد لهم صدق وعد الله، واستبشروا من ورائه بالنصر من الله. ومن مظاهر الخوف والشك فى موعود الله: الرعب والهلع من عواقب الأمور وتضخيم التوقعات السيئة مثلما فعل المنافقون فى الحديبية: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِى قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح: 12]، وقد يدفعهم هذا الخوف إلى السخرية من المؤمنين: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال: 49]، وإلى الفتّ فى عضدهم وتثبيطهم ودعوتهم للقعود مثلهم: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]. ولقد حذر الله عز وجل كثيرا من الاستماع لهؤلاء فقال: { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } [التوبة: 47]. وهم لا يكتفون بهذه الدعاية التى تشيع روح الانهزام فيمن حولهم، بل تراهم يثيرون الرعب والفزع بما يظهرون من خوف شديد وهلع قد يحمل القادة على اتخاذ موقف انهزامى لضعف ثقته بمن حوله: {فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: 19]. وتراهم يرجفون بكل خبر يسمعونه فيمن حولهم لينشروا حالة من الخوف والاضطراب وتضارب الأخبار تزرع عدم الثقة بين الناس: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء: 83]، فإذا احتدم الأمر واشتد، فإنهم يتسللون وينسحبون دون إذن: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور: 63]، وربما حملهم الخوف على الفرار، فلا يتركون سبيلا إلا سلكوه: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ * لَوْ يَجِدُونَ مَلْجًَا أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 56، 57]. وقد يحملهم الخوف على الخيانة والعياذ بالله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِى بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِى أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: 52]، فإذا وقع ما كانوا يخافونه، وأنزل الله الشدة والبأس بالمسلمين، ووقعت عليهم الإصابة والأذى، تراهم لا يحتملون ولا يصبرون، بل يسارعون إلى الشماتة فيهم وإلقاء اللوم عليهم وتبكيتهم أنهم لم يطيعوهم: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 167، 168]. هذه المظاهر التى تعكس حالة من مرض القلب بحب الدنيا والرغبة فيها، والخوف الشديد من الموت، وعدم الاستعداد للتضحية، وضعف الإيمان بالله واليوم الآخر، هذه الحالة ربما تكون مستترة لا تظهر فى أوقات الرخاء واليسر، لكن المحن والشدائد تأتى فتفضح أقواما وترفع آخرين، فالمنافق يظهر جبنه وخوفه الذى قد يصل به إلى حد الخيانة لله ورسوله والمؤمنين والعياذ بالله، أما المؤمن فإنه قبل اللقاء يذكر الله عز وجل، يذكر أن الثبات من عنده، والصبر من عنده، وكل عطاء يطلبه هو من عند الله عز وجل، فيسأله أن يفرغ عليه منه، ويمنحه ما يرضيه تعالى عنه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِى قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 146 - 148]. وتراهم إذا أصابهم القرح لا ينال الكلل منهم أو اليأس، بل شأنهم شأن: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 172، 173]. يتوكلون على الله عز وجل ويفوضون له أمرهم، شعارهم فى أنفسهم: {لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا} [التوبة: 51] ومقالهم لعدوهم: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52]. يتخذون ضيق الحال عليهم سفينا إلى الله، يبحرون له به فى ساحل التوكل عليه والاستعانة به، كما أوصى موسى عليه السلام قومه لما قال فرعون: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِى نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 127، 128].