طالعتنا بوابة الأهرام بخبر تجميد أموال 1055 جمعية خيرية، فقد نقلت البوابة عن مصدر مصرفى رفيع المستوى بالبنك المركزى قوله إن قرار تجميد أموال عدد من الجمعيات الأهلية فى حساباتها بالبنوك العاملة فى مصر، جاء بناء على أمر صادر عن مساعد وزير العدل بناء على حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة. وكشف المسئول فى تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام" أن القرار يشمل 1055 جمعية فى 72 كشفا، وليس كما تم بثه فى بعض القنوات الفضائية 72 جمعية، لافتا إلى أن البنك المركزى قام بدوره فور تلقيه القرار المقرون بالحكم بتوزيعه على البنوك العاملة فى السوق المصرية لاتخاذ اللازم. ورفض المصدر الكشف عن حجم الأموال المتوقع أن يتم تجميدها بناء على هذا القرار، لافتا إلى أن من بين هذه الجمعيات التى تضمنها القرار جمعيات للإخوان، غير أنه لم يفصح عن عددها أو أسمائها. وأوضح أن القرار يستند إلى حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الصادر منذ أسابيع، والذى تضمن منع التصرف فى حسابات وأموال عدد من الجمعيات الأهلية فى البنوك، مقرونا بأسماء هذا الجمعيات الأهلية. قد ذكرت مصادر أن القرار شمل تجميد أموال أكبر الجمعيات الخيرية الإسلامية فى مصر وعلى رأسها (الجمعية الشرعية) و(جمعية أنصار السنة المحمدية) و(جمعية تحفيظ القرآن)، و(جمعية مرضى الكبد)، وجمعية (الإخوان المسلمين). ويعد هذا القرار بمثابة تجميد للعمل الأهلى ككل كخطوة ثانية على طريق تأميم نشاط منظمات المجتمع المدنى التى لا تسخر مواردها لخدمة الانقلاب أو حتى تلك التى تقف على الحياد بعد تجميد المسار السياسى والديمقراطى بانقلاب 3 يوليو. وقد شمل القرار أكبر جمعية خيرية على الإطلاق فى تاريخ مصر الحديث وأكثرها انتشارا على صفحة القطر المصرى، وهى الجمعية الشرعية التى حصلت على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 2009م، باعتبارها أفضل جمعية فى خدمة الإسلام، والتى تمتلك أيضا مشروعات خدمية وتعليمية وإغاثية ودعوية وطبية كبيرة، وما من أحد فى الريف المصرى إلا استفاد بشكل أو بآخر من نشاط تلك الجمعيات، فقد بلغ عدد الأيتام الذين يكفلهم مشروع كفالة الطفل اليتيم بالجمعية حوالى540 ألف يتيم. أما عدد الأمهات الأرامل فيتجاوز 250 ألف أرملة. وعدد مرضى فيرس "سي" المتكفلين بعلاجهم أكثر من 50 ألف، وعدد العيادات التى تقدم خدماتها مجانا أكثر من 50 عيادة، تتنوع بين مراكز أشعة، ووحدات غسيل كلوى، وعيادات كشف. أما عدد المدارس التى تتبع الجمعية فأكثر من 20 مدرسة وحضانة، وتوفر حملات لحوم الأضاحى سنويا أكثر من 30 طن لحوم للفقراء. وبالجمعية عدد ثلاث مشاريع لرعاية طلاب العلم وحفظة القرآن الكريم والمعاقين، وعدد كبير من المقابر الشرعية للمسلمين كما تضم الجمعية على رأس هيكلها الإدارى هيئة كبار العلماء التى تتألف من 400 أستاذ من جامعة الأزهر فى التخصصات الشرعية المختلفة. وقد شمل القرار أيضا الجمعية الطبية الإسلامية التى تمتلك أكبر سلسلة من المستشفيات الطبية الخيرية، ويستفيد منها سنويا ما لا يقل عن 10 ملايين مريض، وكذلك جمعيات أنصار السنة التى كان لها جهد خدمى وإنسانى بارز. ويعد هذا القرار سياسيا بامتياز فى ظل عجز حكومة الانقلاب عن تحقيق أى انجازات على الصعيد السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى فى الداخل، فضلا عن ارتباك السياسة الخارجية وعدم القدرة على إحداث أية خروقات تسجل لصالح الانقلابيين. واعتبر عدد من الباحثين فى الشؤون السياسية والمالية أن إقدام حكومة الانقلاب على مثل هذه الإجراءات سيضاعف السخط الشعبى ضد سلطات الانقلاب ويبكر من تداعيه وانهياره، إذ إن هذه الجمعيات تساعد ما لا يقل عن 30 مليون مصرى تحت خط الفقر على توفير حد الكفاف لهم من مسكن وملبس ومأكل فى ظل العجز الحكومى وتفاقم مشكلة الفقر الذى يعانى منه وفق التقارير الأممية 42 % من السكان. وأشارت المصادر الحكومية إلى أن هذا القرار يأتى تنفيذا لحكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى 23 سبتمبر الماضى، الذى قضى بحل جماعة الإخوان وحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها. إلا أنه من دراسة القرار نجد أن معظم الجمعيات المجمده ليس لها علاقة من قريب او بعيد بالإخوان واقعيا وتاريخيا، فالجمعية الشرعية أسست فى العام 1912 أى قبل جماعة الإخوان المسلمين التى تأسست فى العام 1928، وكذلك أنصار السنة التى تأسست فى العام 1926، ما يدفع كثير من المراقبين إلى أن هناك سبب حقيقى وراء هذا القرار، فقد أورد موقع "الإسلاميون" تصريحات مصادر من الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة فى هذا الشأن مفادها أن قرار السلطات الحالية بتجميد أموال الجمعيات الخيرية الإسلامية بمثابة ورقة ضغط لتمرير دستور لجنة الخمسين. هذا إذًا السبب الأول الذى دفع حكومة الانقلاب لاتخاذ هذا القرار، أما السبب الثانى فهو الاستيلاء على أموال تلك الجمعيات فى البنوك والاستفادة منها فى تمويل عجز الموازنة فى ظل إحجام حلفاء الانقلاب عن ضخ مزيد من الأموال فى مشروع انقلابى على حافة الانهيار. وهذا القرار يذكرنا بقرار مماثل اتخذه المخلوع مبارك فى سنواته الأخيرة تم بمقتضاه ضم مليارات الجنيهات الخاصة بالتأمينات الاجتماعية إلى الموازنة العامة. كما أن القرار أيضا يعنى مزيدا من الضغط على جماعة الإخوان المسلمين لقبول خارطة الطريق كأمر واقع لتفادى المزيد من التصعيد من قبل سلطات الانقلاب. _______________ عضو مركز الديمقراطية ودعم حقوق الإنسان