رئيس الوزراء يتفقد أعمال تطوير مطار سانت كاترين الدولي وطريق المطار كمين النبي صالح    محافظ الجيزة يتابع سير العمل في المراكز التكنولوجية بمركز ومدينة أطفيح    خامنئي: مصير المنطقة تحدده المقاومة وعلى رأسها حزب الله    وزير التربية اللبناني يعلن تعليق الأنشطة التدريسية في الجامعات لأسبوع    فرمان عاجل من كولر تجاه لاعبي الأهلي بعد خسارة السوبر الإفريقي    ضبط عنصرين إجراميين بحوزتهما أقراص مخدرة تقدر ب10 ملايين جنيه في القاهرة    اعتماد "تربية كفر الشيخ" من هيئة ضمان جودة التعليم    رئيس جامعة عين شمس يشهد رفع وتحية العلم خلال استقبال العام الجامعي 2024-2025    إسرائيل تخترق موجة برج مراقبة مطار بيروت وتحذر طائرة إيرانية    بدء تسكين طلاب جامعة القاهرة بالمدن الجامعية وفق الجداول الزمنية    بعد التتويج بالسوبر الإفريقي.. الزمالك راحة من التدريبات 7 أيام    وزير الشباب والرياضة يفتتح أعمال تطوير الملعب الخماسي بمركز شباب «أحمد عرابى» في الزقازيق    عيار 21 الآن بعد آخر انخفاض.. سعر الذهب اليوم السبت 28-9-2024 بمنتصف تعاملات الصاغة    الأمير أباظة يكشف عن أعضاء لجان تحكيم مسابقات الدورة 40 من مهرجان الإسكندرية    سفير الصومال: إرسال مصر قافلة طبية إلى بلادنا يعكس موقفها الثابت بدعمنا في شتى المجالات    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    لإحياء ذكرى وفاته ال54.. توافد العشرات على ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر    رئيس جهاز السويس الجديدة تبحث مع مستثمري منطقة عتاقة تنفيذ السياج الشجري بطول 7 كيلو    بقيم درجات حرارة أعلى.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    وزير الإسكان يتابع استعدادات فصل الشتاء ب5 مدن جديدة    «أمن المنافذ»: ضبط 289 مخالفة مرورية وتنفذ 301 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    شهداء وجرحى بقصف إسرائيلي على النصيرات والمغازي    كانت دائما بتراضيني.. آخر ما قاله إسماعيل فرغلي عن زوجته قبل وفاتها    حكيم يشعل المنيا الجديدة باحتفالية ضخمة بمشاركة فريق مسار اجباري (التفاصيل والصور الكاملة)    الثقافة تحتفل باليوم العالمي للسلام مع أطفال الأسمرات بمركز الحضارة والإبداع    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    الضرائب: إتاحة 62 إتفاقية تجنب إزدواج ضريبى على الموقع الإلكتروني    برلماني: التحول إلى الدعم النقدي يعزز الحماية الاجتماعية ويقلل منافذ الفساد    وكيل صحة البحيرة يزور مركز طب الأسرة بالنجاح| صور    رئيس الوزراء يتفقد المراحل النهائية لعناصر مشروع تطوير موقع التجلي الأعظم فوق أرض السلام    وزير التعليم العالي يتفقد جامعة حلوان ويطمئن على انتظام الدراسة    ضبط 4 متهمين بالحفر والتنقيب عن الآثار في القاهرة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    الاثنين.. القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر في نقابة الصحفيين    رانيا فريد شوقي وحورية فرغلي تهنئان الزمالك بحصد السوبر الإفريقي    "عمر كمال ورامي ربيعة الأعلى".. تقييمات لاعبي الأهلي بالأرقام خلال مباراة الزمالك في السوبر الأفريق    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    رئيس هيئة الدواء: أزمة النقص الدوائي تنتهي خلال أسابيع ونتبنى استراتيجية للتسعيرة العادلة    الرئيس الإيراني يدين الهجمات الإسرائيلية على بيروت ويعتبرها "جريمة حرب" آثمة    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    تشكيل أرسنال المتوقع أمام ليستر سيتي.. تروسارد يقود الهجوم    «الداخلية» تحرر 508 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وتسحب 1341 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    4 نوفمبر المقبل .. وزارة الإسكان تشرح للمواطنين مزايا التصالح على المباني المخالفة    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    أوستن: لا علم للولايات المتحدة بيما يجري بالضاحية الجنوبية لبيروت    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    اليوم.. محاكمة سعد الصغير بتهمة سب وقذف طليقته    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    كولر: لم نستغل الفرص أمام الزمالك.. والخسارة واردة في كرة القدم    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار محمد عوض : الإشراف على الاستفتاء شهادة زور

أكد المستشار محمد عوض -رئيس محكمة استئناف الإسكندرية والمنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر- أن مقاطعة الإشراف على وثيقة الدستور التى أعدتها لجنة الخمسين المعينة من سلطة الانقلاب العسكرى، أمر لا بد منه؛ لأنه دستور باطل صدر عن لجنة باطلة لا تلزم الشعب المصرى فى شىء، كما أنهم كقضاة يعتبرون أن كل الإجراءات التى تأتى من قبل هذه اللجنة الانقلابية باطلة؛ ولذا فهم لن يشهدوا على زور؛ مشددًا على أن من يشارك فى الاستفتاء على الوثيقة الانقلابية سيكون شريكًا فى الانقلاب العسكرى ويعطيه شرعية.
وأوضح "عوض" -فى حواره مع "الحرية والعدالة"- أن أخطر ما جاء فى وثيقة دستور الانقلاب الدموى بشأن القضاء هو إعطاء المحكمة الدستورية صلاحية مطلقة ليست من حقها فى تفسير الدستور كما شاءت، مما يخالف الهدف الأصلى لوظيفتها، مشيرًا إلى أن نص الرجوع فى تفسير مواد الدستور للمحكمة الدستورية نص ليس له مثيل فى دساتير العالم.
وأشار إلى أن الشعب المصرى بحراكه الثورى المستمر أسقط واقعيا قانون التظاهر؛ بحيث بات هو والعدم سواء، وأن القضاة الشرفاء موجودون فعلا ولكن لا يتم عرض قضايا مؤيدى الشرعية عليهم نظرا لتغولات السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وهو ما ظهر جليا فى تأييد من على رأس تلك السلطة الانقلاب ومشاركتهم فيه بشكل واضح.. وإلى نص الحوار..
لماذا قررت مقاطعة الإشراف على وثيقة دستور الانقلاب، وكذلك دعوت للمقاطعة كل أعضاء السلك القضائى؟
بداية هذا الدستور صادر من قبل لجنة الخمسين المعينة من قبل الانقلابيين؛ ومن ثم فهى غير ممثلة للشعب المصرى، وهى لجنة باطلة وما يصدر عنها باطل، وعادة ما يأخذ القانون أو الدستور حجيته من صدوره من قبل ممثلى الشعب، وليس من ممثلى العسكر، فهذه اللجنة الانقلابية حققت ما طلبه منها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى ومن ثم لا تُلزم الشعب المصرى فى شىء، والوثيقة التى أصدروها هى والعدم سواء.
وبناء على هذا؛ ولأننا -نحن القضاة- نعتبر أن كل الإجراءات التى تأتى من قبل هذه اللجنة باطلة؛ ولذا فنحن لا نريد أن نشهد على زور؛ وإلا كنّا شركاء فى هذا الانقلاب العسكرى بالإشراف القضائى على استفتائه؛ ومن ثم إعطاء صك بشرعية ما لهذا الدستور.
ولكن قد يقول لكم البعض، وما يضيركم إذا شاركتم وأعلنتم النتائج الحقيقية؟
القضية ليست فى مجرد المشاركة؛ ولكن الأهم هو هل هذا العمل من الأساس مشروع تبعا للقانون أم لا، وطالما أن ما قام به قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى والانقلابيون معه هو جريمة منصوص عليها فى قانون العقوبات طبقا لنص المادة 87 وعقوبتها الإعدام، فالأصل إذن أننا بصدد جريمة مكتملة الأركان، وهى قلب نظام الحكم الشرعى، وتعطيل الدستور الشرعى، الذى استفتى عليه الشعب.
ومن ناحية أخرى فتاريخ العسكر فى تزوير الاستفتاءات والانتخابات طويل منذ أكثر من 60 سنة، حتى إنهم زوروا فى المنتج النهائى لوثيقة دستورهم هذا كما فضحهم مؤخرا الدكتور محمد أبو الغار -حيث أشار إلى أن الجيش "زوّر" مواد الدستور ولكننا لم نعترض "عشان الدنيا تمشى- وغيره، كذلك من قام بالانقلاب على صناديق الاقتراع مُحال أن يجرى انتخابات أخرى نزيهة لأنه على يقين أنه ستتم الإطاحة به؛ فى حين أن العسكر ما جاء إلا لرغبته فى الاستمرار والسيطرة على الأمور؛ ولذا ملئوا وثيقتهم الانقلابية بمواد كتحصين وزير الدفاع، ولذا فحتى لو أشرف القضاة، فهناك استحالة لضمان نزاهة الانتخابات؛ لأنها عملية متداخلة بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
وما هى بنظرك أهم العوامل التى تشير لهذا التزوير المتوقع؟
من ذلك أن جداول الناخبين بيد السلطة التنفيذية، ومن ثم من السهل عليهم إدخال من ليس لهم حق التصويت فى تلك الجداول، كذلك السماح لأى ناخب بإعطاء صوته فى أى لجنة بدعوى التيسير على الناخبين، هذا أيضا أمر غير منضبط وييسر عملية التزييف، بل هو الباب الرئيس المفتوح على مصراعيه للتزوير عن طريق تكرار التصويت، وليس صحيحا أن الحبر الفسفورى كافيا لمنع ذلك التكرار، خاصة أن التصويت سيتم على يومين.
كيف ترى وضع السلطة القضائية فى دستور 2012 وما آلت إليه فى وثيقة دستور الانقلاب؟
فى الحقيقة أنا معترض على وضع السلطة القضائية فى دستور 2012؛ لأنه يعتبر نفس الوضع فى دستور 71 ولا يوجد فيه تغيير جذرى. فقد كنت أريد أن أرى السلطة القضائية سلطة واحدة فى جسد قضائى واحد لكى يسهل إجراءات التقاضى على المتقاضين ولا تكون الدعاوى حائرة بين الهيئات القضائية، بحيث لا توجد محكمة دستورية عليا وقضاء إدارى، وقضاء عادى، وهيئات قضائية، وإنما المفترض أن تكون سلطة قضائية واحدة ومجلس قضاء أعلى واحدًا وتفتيشًا قضائيًا واحدًا، ومعاملة مالية واحدة. كما كنت أرى أن تكون المحكمة الدستورية العليا هى إحدى دوائر محكمة النقض وفقط. فلم يكن يلزمنا أن تكون محكمة مستقلة عن الجسد القضائى.
بنظرك، ما الذى عرقل إصلاح المحكمة الدستورية وأدى إلى بقائها بهذه الشكل؟
فى الحقيقة كانت هناك أخطاء جسيمة ارتكبتها القوى الثورية والسياسية بعد 25 يناير، ومنها السير فى المسار السياسى قبل إكمال المسار الثورى؛ لإسقاط نظام مبارك كاملا، وتطهير كامل السلطات -الإعلام والشرطة والجيش- بما فيها السلطة القضائية، وهذا المسار السياسى هو الذى أعاد لنا دولة المخلوع مبارك بقوة وشراسة وأقوى مما سبق. وكنت أريد الدستور بمواد قليلة للغاية لتحديد السلطات والحقوق الحريات، ثم ليترك التفاصيل للقوانين.
ولكن دستور 2012 بشهادة الكثيرين جاء متميزا، وحقق مزايا كبيرة ووافق عليه الناس بالأغلبية؟
نعم هو فى النهاية الدستور الشرعى، وفى الحقيقة فقد أعطى الكثير من المواد الجيدة فى باب الحقوق والحريات، ولكنى فقط كنت متحفظا على كثرة حديثه عن التفاصيل. وفى النهاية دستور 2012 هو الدستور الشرعى وأى خروج عليه يعد جريمة، وهو مُلزم للكافة.
وماذا عن تعديلات اللجنة الانقلابية؟
هذه التعديلات جاءت بسلطة رابعة هى "سلطة العسكر" بحيث تأتى فى المقدمة وكافة السلطات من ورائها، كما قنن سيطرة العسكر على مقدرات الدولة.
وفيما يخص السلطة القضائية فقد جاءت التعديلات بالعوار الكبير؛ حيث جعلوا المحكمة الدستورية العليا هى مرجعية الدستور، فى حين أن الأساس فى مرجعية القاضى أن تكون للقانون والدستور، ثم يجعل الدستور هنا مرجعيته القضاء ممثلا فى المحكمة الدستورية. ومن ثم فالرجوع فى تفسير مواد الدستور للمحكمة الدستورية نص ليس له مثيل فى دساتير العالم، وفيه إعطاء للمحكمة الدستورية سلطة أعلى من سلطاتها بكثير؛ فمن المفروض أنها فقط تحكم على تفسير القوانين وتقضى بدستوريتها من عدمه. وهذا النص امتداد لتشوهات الدستور مثل القول بأن وزير الدفاع هو الذى يعين المجلس العسكرى وفى الوقت نفسه المجلس العسكرى هو الذى يعين وزير الدفاع.
وثيقة الانقلاب بها مادة تنص على مراعاة تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى الهيئات القضائية، فهل ترى هذا تحيزا وتمييزا؟
أصرت وثيقة دستور الانقلاب على فكرة وضع المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة فى الدستور، ودون أن يضع لذلك ضابطا من الشرعية الإسلامية، وهذا ما يفتح الباب أمام مخالفات شرعية كثيرة، وفيما يخص تعيين المرأة فى القضاء، فحتى ودون هذا النص كان نظام المخلوع مبارك يسير سيرا حثيثا نحو هذا الوجود للمرأة فى سلك القضاء، ورغم أنى -من وجهة نظرى الشخصية- ضد تعيين المرأة كقاضية، سواء تم النص على هذا فى الدستور أو القانون، ولكن ولأنه أمر خاضع للاختلافات خاصة الفقهية، فما يهمنا هنا هو أن النص على هذا التعيين ليس مجاله فى الدساتير التى يجب أن تتحدث فى الأمور العامة، وإنما يترك للقوانين.
وكيف تحكم على عمل النيابات الآن فى ظل الانقلاب، وألا ترى تغولا من السلطة التنفيذية عليها بحيث باتت النيابة تأتمر بأوامر ضباط الشرطة؟
لا بد هنا أن أشير إلى أن لى رأيا فى النيابة العامة كلها، فأنا أطالب بإلغاء النيابة العامة من الأساس، واستبدالها بقضاة تحقيق تابعين للمحاكم؛ وذلك لتحقيق العدالة والقضاء على التسلسل الرئاسى المعمول به حاليا، فطالما كان لوكيل النيابة رئيس هو رئيس النيابة فالمحامى العام حتى نصل إلى النائب العام، فهذا التسلسل الرئاسى يغرى الكثيرين بالوساطة فى العدالة والبعض قد تُهضم حقوقهم ظلما وعدوانا بعد اتصالات من الرئاسة والإدلاء بأوامر. أما نظام قاضى التحقيق فقد كان معمولا به أيام الملكية وكان مستقلا لا يتلقى أوامره من أحد وليس له رئيس، يتولى هو التحقيق ثم يحيل الدعاوى إلى قاضى الحكم.
ومن جهة أخرى فللأسف الشديد لا توجد الآن سلطة قضائية أو نيابة حقيقية، بل انقادوا جميعا وفقا لأهواء الانقلابيين، فتعمل النيابة على تجديد الحبس الاحتياطى بلا أدلة ملموسة ومقنعة، وكذلك السلطة القضائية تحدد دوائر معينة لقضاة بعينهم للنظر فى قضايا محددة، يودون من ذلك استصدار الأحكام التى تروق لهم. فنحن الآن نعانى من عدم استقلال السلطة القضائية، والحق أنها لم تكن مستقلة من قبل، ولكن بعد الانقلاب زاد الأمر سوءا. وما رأيناه من أحكام على حرائر مصر وعلى الطلاب بحيث وصلت الأحكام إلى 17 سنة، فهذا نتاج واضح للانقلاب العسكرى، كذلك نتاج للإفساد فى السلطة القضائية والمستشرى منذ انقلاب يوليو 52. وعلى ذلك فالشعب المصرى لا بد له من استكمال ثورة 25 يناير، ليسقط النظام ويقوم بتطهير حقيقى للسلطات وعلى رأسها السلطة القضائية.
إذا عرضت عليك كقاض قضية كل الأدلة فيها عبارة عن مسطرة، بالونة، وريقات، "بوستر" أو "تيشرت"، ماذا ستقول لمن أحالوا لك قضية كهذه؟
بداية فالأصل فى الجرائم أنها محددة فى قانون العقوبات على سبيل الحصر، والقاعدة أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وكل جريمة لا بد لها أركان مادية ومعنوية لا بد وأن تتوافر فيها، فإذا أخذنا مثالا من قضية الطالب الذى تم القبض عليه بتهمة حيازة "مسطرة" فهذه من الأساس ليست جريمة على الإطلاق، وحتى إذا وضعنا فى الاعتبار ما يمكن أن يقال إن ذلك أدى إلى تحريض على عنف أو قتل أو ما شابه ذلك، ففى أشد الجرائم القريبة من هذا الفكر وهى "جرائم البلطجة" حينما كانت تُعرض علينا أول ما نسأل فيه، ما هو الفعل المحدد الذى ارتكبه، مثلا إذا كان حرض على القتل، فأين القاتل فلا يوجد قاتل واحد فى كل تلك القضايا تم تحويله إلى المحاكمة، ومن هو المقتول، وهكذا، لا بد من اكتمال الأركان المادية والمعنوية بدقة، وليس بعبارات جوفاء فقط. وعليه فجرائم "البالونة" أو "المسطرة" ما هى إلا جرائم سياسية لا علاقة لها بالأدلة القانونية السليمة. ما هى إلا اتهامات انتقامية من الانقلابيين يشهرونها فى وجه مؤيدى الشرعية.
وماذا يعنى تخفيف الحكم على حرائر الإسكندرية؟
أظن أن الضغوط الدولية قد مارست دورا كبيرا على الانقلابيين، بعدما زاد الكيل من جرائم الانقلاب المتتابعة، ودليل ذلك أن جلسة الاستئناف للفتيات قد تم تحديدها سريعا كما صدر الحكم فى اليوم نفسه، فى حين أن جلسة الاستئناف لطلاب الأزهر قد تم تحديدها من قبل فى فبراير المقبل. ورغم عدم اهتمام الانقلابيين بحراك الشارع وتظاهراته ورفضه لما يفعله وعدم التفاته إلا للمنظمات الدولية وصورتهم هناك، إلا أن هذا الحراك الشعبى قد يكون هو ما لفت نظر المجتمع الدولى ومن ثم تدخل للضغط على قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى وأعوانه فى تخفيف الحكم. ولكن يجدر بنا هنا الإشارة إلى أن العدل كان يقتضى البراءة وليس تخفيف الحكم فقط.
ولكن هل نستبعد تماما أن يكون هذا التخفيف ناتج عن وجود بقية باقية من قضاة شرفاء؟
بالطبع هناك قضاة شرفاء، ولكنهم لا يُمَكَّنوا من محاكمة أمثال هؤلاء الطلاب وغيرهم من مؤيدى الشرعية، فهم لا يتركون القضايا لخط سير عادى وطبيعى، ولكنهم يقومون بتحديد الدوائر التى يريدونها لنظر مثل هذه القضايا. فالفساد فى المنظومة القضائية ذاتها، فضلا عن تعيين قيادات فاسدة كذلك، ولا ننسى أن عدلى منصور المعين من قبل الانقلابيين كان رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، كذلك شارك رئيس المجلس الأعلى للقضاء فى بيان الانقلاب وكان شريكا فيه. ومن ثم فالقيادات فى تلك المنظومة متورطة ومؤيدة لجريمة الانقلاب.
لماذا لا نسمع أصواتا كثيرة من هؤلاء القضاة الشرفاء، ولماذا لا يعلنون مواقفهم الآن؟
من المفترض طبعا أن كل قاض شريف يعلن رفضه للظلم ولا يخشى فى الله لومة لائم، لأن القضاء فى الأساس هو لتحقيق العدالة وحماية الأفراد من بطش السلطة التنفيذية.
وماذا يعنى تنحى المحكمة لأكثر من مرة فى الأيام الماضية عن نظر قضايا مؤيدى الشرعية من بينها قضايا قيادات التحالف الوطنى؟
أظن أن الزخم الإعلامى والثورى له دور فى هذا، وقد تكون هناك أمور تجرى من الأبواب الخلفية لا نعلمها، ومن بين السيناريوهات المتوقعة فى هذا؛ قد تكون هناك ضغوط من أجل إصدار الأحكام بطريقة معينة وبعض القضاة يرفضون هذا. أو أن هناك إحراجا سببه لهم المتهمون من داخل القفص؛ بحيث أوقفوهم أمام ضمائرهم وأمام مسئوليتهم، أو أن القضاة مثلا رأوا أن القضية مهترئة بشدة وليست فيها أدلة. والبعض قد لا يستطيع أن يحكم بالبراءة فآثر السلامة وتنحى، وإن كنت أطالب القضاة الشرفاء بعدم التنحى، ولكن يبقوا ويحكموا بالعدل. وإن كان ذلك فى بعض أوجهه يشير إلى احتمالات الانفراج فى هذا النوع من القضايا، وإن كنت أظن أن الانقلابيين طالما بقوا فلن يكفوا عن التغول على السلطة القضائية، كذلك لن يعدموا طريقة للتنكيل بمعارضيهم وبمؤيدى الشرعية، ولكن بإذن الله نحن نثق أن الانقلاب إلى زوال؛ خاصة مع ما بات واضحا من الانهيار الاقتصادى والسياسى والاجتماعى وعلى كافة الأصعدة.
ما رأيك فى قانون التظاهر الذى أصدره الانقلاب؟
هو فى الحقيقة قانون لمنع التظاهر، فالتظاهر حق مقرر طالما كان سلميا، والقانون ينظم هذا الحق ولا يمنعه، كما أنه يجب أن يصدر مثل هذا القانون من قبل سلطة تشريعية ممثلة للشعب، ويحقق مصالح الشعب فيه، وليس كما الحال حاليا يفرض فرضا ويمكن الداخلية من إنهاء أية تظاهرة، ولكن الأهم أن الواقع يقول إن الشعب المصرى قد لفظ هذا القانون بحيث بات يعتبر هو والعدم سواء، ولا يعمل به ولا يحترم. كما أن الشرطة والجيش كانوا يضربون ويقصفون ويقنصون المواطنين ويلفقون الاتهامات قبل القانون وبعده ولا فرق. والخلاصة أن الشعب المصرى قد أسقط هذا القانون.
هل تتوقع فتح التحقيق فى قضايا المذابح خاصة فض اعتصامى رابعة والنهضة؟
لن يتم التحقيق أصلا فى جرائم ومذابح الفض طالما بقى الانقلاب العسكرى جاثمًا على صدر الوطن، بدليل مرور أكثر من أربعة أشهر حتى الآن على مذابح الفض، ولم يفتح النائب العام -الانقلابى- تحقيقا واحدا حولها ولا غيرها من المذابح التى ارتكبها العسكر منذ الانقلاب وحتى الآن. فالنائب العام الحالى لا يحقق العدالة ولا ينشدها وإنما ما يهمه فقط رغبات الانقلابيين.
كيف نظل فى بلدنا ولا نعرف حقيقة أعداد المعتقلين ولا ما يحدث لهم داخل السجون، كيف ترى الحل لهذا الظلم البيّن؟
الحل فى استكمال ثورة 25 يناير، والاستمرار فى الحراك الثورى بكل قوة وعزيمة، لإسقاط هذا الانقلاب. أما المنظمات الدولية فهى فى يد أمريكا والكيان الصهيونى والغرب، ولدينا فى هذا نموذجان الأول جرائم الكيان الصهيونى بحق الفلسطينيين، والثانى جرائم بشار بحق الشعب السورى. كما أن هذا الانقلاب لم يتم إلا بتخطيط مخابراتى غربى أمريكى صهيونى بدعم من بعض الدول العربية. ومن هنا لا أنصح بالتعويل كثيرا على تلك المنظمات، وأظن أن تقديم ملفات الجرائم للجنائية الدولية وغيرها سيأتى بثمار على مستوى الزخم الإعلامى الداعم للقضية، وكذلك على مستوى تحريك شعوب العالم خاصة الغربى منه للاقتناع بالقضية، كذلك تخويف بعض قادة الانقلاب من السفر خارجيا هنا أو هناك خشية الملاحقة، ولا أظن أن نتائج أخرى ملموسة على أرض الواقع سوف تتحقق، وإنما التعويل الحقيقى لا بد أن يكون لهذا الحراك الداخلى الشعبى. وأما جمع المادة والتوثيق للمجازر فكل ذلك سوف يفيدنا بإذن الله لمحاكمة ثورية للانقلابيين بعد عودة الشرعية بإذن الله.
بماذا تفسر الاجتراء على القضاة الشرفاء، وتحويل بعض منهم إلى التحقيق أو الصلاحية؟
تم بالفعل إحالة 10 قضاة للجنة الصلاحية وهؤلاء بذلك يتم وقفهم عن العمل وفقا للقانون، وتجرى الآن التحقيقات مع 100 آخرين، وهذا من ضمن مسلسل التنكيل بكل صوت معارض للانقلاب، وهى رسائل الغرض منها إسكات كل من يعارض هذا الانقلاب، بحيث يقولون إنهم باستطاعتهم الوصول إلى أى شخص مهما كانت وظيفته أو حصانته، ولكننا مع ذلك مستمرون فى الصدع بالحق ولن توقفنا هذه الإجراءات مهما كانت. أما الاتهام بأننا نتحدث فى الشأن السياسى فهذا خطأ ولا صحة له، فنحن نعبر عن هموم الوطن، ونصف الانقلاب بحقيقته وهى أنه احتلال بالوكالة عن أمريكا والكيان الصهيونى، وعليه فهذا الحديث والتوصيف ليس سياسة ولكنه هم وطنى لإنقاذ البلاد من النفق المظلم الذى يدفعها إليه الانقلابيون. كما أن قانون السلطة القضائية عرف الاشتغال بالسياسة بأنه: الانضمام لحزب من الأحزاب السياسية، والعمل بالسياسة من خلال هذا الحزب. وهو ما لم نقم به.
ألا ترى أن دور نادى القضاة مختفٍ نوعا ما هذه الأيام؟
نعم مختفٍ تماما، فقد تحققت لهم مآربهم بعودة نظام المخلوع مبارك، والدليل على ذلك أنهم لم يتكلموا أبدا طوال عهد مبارك، ولم يُسمع لهم صوت إلا بعد انتخاب الرئيس محمد مرسى، ثم صمتوا صمت القبور بعد تأييدهم للانقلاب العسكرى. والآن رئيس النادى يحضر اجتماعات الانقلابيين ويتابع القضاة بحيث يرسل الشكاوى ويطالب بالتحقيق مع القضاة الشرفاء ورافضى الانقلاب.
وماذا يفعل الآن "قضاة من أجل مصر"؟
نحن بصدد إصدار البيانات فى المواقف المهمة، ومؤخرا أصدرنا بيانا بمقاطعة الإشراف على الاستفتاء لأنه باطل وصادر من لجنة باطلة. فضلا عن أننا شكلنا لجنة دفاع ونعد مذكرات للدفاع عن القضاة المحالين للتحقيق أو للجنة الصلاحية.
وهل تعرضت شخصيا لهذا اللون من التحقيقات؟
نعم، فأنا ضمن هؤلاء المائة الذين تم إحالتهم للتحقيق، وذلك لموقفى المؤيد للشرعية فى ميدان رابعة العدوية، ومن قبل ذلك لاستباق إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة مخافة تزويرها، وكذلك للآراء والتعليقات التى أدلى بها لوسائل الإعلام وعبر صفحتى على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، ومع ذلك فأنا أرفض المثول للتحقيق معى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.