كيف يجتمع فرانك لامبارد مع ستيفن جيرارد وواين روني في فريق، وتكون النتيجة توديع بطولتي عالم مبكرا وعدم التأهل لأمم أوروبا؟ سؤال على فابيو كابيللو المدير الفني لمنتخب إنجلترا الإجابة عنه قبل خوض مونديال 2010. وضع ديفيد بيكام يده على رأسه حزنا على فشل المنتخب الإنجليزي في التأهل إلى كأس الأمم الأوروبية 2008. فاللاعب الذي تصدر أغلفة الصحف الرياضية العالمية لسنوات طويلة اقترب من نهاية مشواره مع الكرة دون تحقيق أي إنجاز يذكر على المستوى الدولي. حزن النجم الإنجليزي لم يصاحبه وحده، فالجيل الحالي من منتخب إنجلترا - الملقب بالأسود الثلاثة - بدأ العمر يصارعه دون نيل ما يستحق من إنجازات دولية. فعندما تقرأ قائمة المنتخب الإنجليزي التي تشارك في أي بطولة عليك أن تضعه على الفور ضمن أقوى المرشحين للقب .. ولكن في كل مرة يضل الأسود طريقهم. مرَوض مخضرم بعد الفشل الكبير في التأهل لأمم أوروبا 2008 استعان الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بمدرب مخضرم من بلاد "ملوك التكتيك" يدعى فابيو كابيللو. فالمدرب الإيطالي الذي يطلق عليه صائد البطولات يمتلك سجلا مرموقا من النجاحات المميزة مع كافة الأندية التي تولى قيادتها. ويكفي تتويجه بجميع البطولات المحلية مع الفرق التي تولى قيادتها بداية من ميلان وروما ويوفنتوس مرورا بريال مدريد الذي فاز معه باللقب مرتين على فترتين.
ذلك بالإضافة إلى رصيد جيد من البطولات الأوروبية توجه بالفوز بدوري الأبطال مع ميلان عام 1994 على حساب الجيل الذهبي لبرشلونة برباعية. تسلم كابيللو أول مهامه على مستوى المنتخبات خلفا لستيف مكلارين الذي ترك المنتخب في حالة يرثى لها، بعد صدمة عدم تأهل إنجلترا لكأس أمم أوروبا 2008. وأعاد كابيللو بصرامته المعروفة الاتزان إلى الفريق، والنتيجة هي التأهل لكأس العالم بعشرة انتصارات من أصل 12 مباراة، ولم يخسر إلا في مواجهة واحدة. ووصل الإعلام الإنجليزي في إشادته بكابيللو لدرجة دفعت المدير الفني المخضرم للتصريح "لست المسيح، فلا تنتظروا مني المعجزات". لكن كابيللو بحكم أنه أجنبي يعلم تماما المطلوب منه للحفاظ على "حالة الحب" التي يكنها له الإعلام الإنجليزي .. ليس أقل من الفوز بكأس العالم. قائمة الفريق .. وعدو إنجلترا الأزلي "حاولت ما في وسعي لعامين أن أشارك في كأس العالم، وشاء القدر ألا ألعب، لكني سأتواجد مع الفريق في البطولة" هكذا صرح بيكام بعد إصابته بقطع في وتر أكيلس حال دون مشاركته في المونديال المقبل. الإصابة التي لحقت ببيكام لم تبدد فقط حلم اللاعب الذي انتقل خصيصاً إلى الدوري الإيطالي للفت انتباه المدير الفني لمنتخب بلاده، بل أكملت تقليداً اتبعه المنتخب الإنجليزي منذ قديم الأزل بفقدان نخبة من نجومه قبل البطولات الكبرى. فالأسود الثلاثة دائمة السقوط فريسة الإصابات قبل البطولات الكبرى، بداية من بوبي روبسون في مونديال 1986 وجيمي ريدناب في نسخة 1998 وصولا إلى بيكام وروني وباري قبل كأس العالم 2010.
وعانى أغلب نجوم منتخب إنجلترا من الإصابات المتتالية هذا الموسم، ما قد يؤثر على مستواهم قبل المونديال، وريو فرديناند أبرز مثال على ذلك. فمدافع مانشستر يونايتد الذي يدخل أول بطولة وعلى ذراعه شارة قيادة منتخب إنجلترا غاب عن معظم موسم الشياطين الحمر بسبب متاعب في الظهر والعضلات. ويأمل فرديناند في أنه عبر مرحلة الإصابات وبات جاهزا لخدمة بلاده في جنوب إفريقيا، مفصحا "أتمنى أن الأسوأ انتهى، وأني سألعب دون متاعب في المونديال". بالمثل، فإن جو كول جناح تشيلسي ورفيقه في الفريق أشلي كول تغيبا عن معظم موسم البلوز بسبب إصابات طويلة الأمد. وجاريث باري وواين روني انضما لمعسكر إنجلترا الأولي وهما على لائحة الإصابات، ويسعى كابيللو لتجهيزهما في الوقت المناسب. ويعلق كابيللو عن ذلك "الإصابات تجعل الحسابات أصعب لأني لا أعرف متى سيكون الفريق مكتملا، لكني تحدثت مع الجميع ولست قلقا، أعتقد أن القائمة ستصبح جاهزة للعمل قبل وقت كاف من انطلاق البطولة، الآن أنتظر فقط حالة باري". وبرغم تكامل أغلب الخطوط الإنجليزية بغض النظر عن الإصابات، نقطة ضعف الفريق تكمن في مركز المدافع الأيمن الذي فشل كابيللو في إيجاد لاعبه المناسب. ذلك خاصة بعد ابتعاد جاري نيفيل عن مستواه وإصابة ويس براون، لذا أقنع كابيللو لاعب ليفربول المخضرم جيمي كاريجار بالعدول عن قرار الاعتزال الدولي. ووصف رافايل بينيتث المدير الفني لليفربول القرار بأنه أفضل ما فعل كابيللو قبل مونديال 2010، مفيدا "كاريجار مميز جدا، ويجيد اللعب كظهير أو قلب دفاع".
عقدة تاريخية ويعاني المنتخب الإنجليزي من عقدة تاريخية تسمى "ركلات الترجيح" أخرجته من معظم البطولات الكبرى التي شارك فيها خاصة في السنوات ال20 الأخيرة. فإنجلترا ودعت كأس العالم 1990 بالخسارة أمام ألمانيا في الدور قبل النهائي بركلات الترجيح. قبل أن يتكرر السيناريو على أرضها في يورو 1996 أمام ألمانيا أيضا وفي نفس الدور. وخرجت بنفس الطريقة أمام الأرجنتين في دور الثمانية من مونديال 1998، كما أقصتها البرتغال من يورو 2004 و كأس العالم 2006 بركلات الترجيح أيضا. وأتم "هذا التنوع في أداء كاريجار سيمنح كابيللو راحة كبيرة سواء اختار له اللعب كظهير أيمن بدلا من جلين جونسون". كابيللو .. الوسط الحديدي 38 هدفا هي مجموع ما سجله الثنائي جيرارد ولامبارد هذا الموسم، وهو ما يجعل كابيللو دائم الاعتماد على قوة وسط ملعبه لبناء خططه لمواجهة منافسيه. فالمنتخب الإنجليزي يتميز بقوة في العمق بفضل وجود الثنائي لامبارد وجيرارد بجوار جاريث باري بالإضافة إلى انطلاقات النشيط واين روني الدائمة من الخلف. ويمنح كابيللو حرية حركة لجناح سريع على الطرف الأيمن إما ثيو والكوت أو شون رايت فيليبس لتمويل المهاجم المتمركز في منطقة الجزاء (كراوتش أو ديفوه) أو القادمون من الخلف. وخططيا، كان فشل لامباراد وجيرارد في تشكيل ثنائي متفاهم أحد أهم أسباب فشل منتخب إنجلترا في البطولات الأخيرة الماضية. لكن كابيللو حل تلك المعضلة بإقحام جاريث باري على ثنائي العمق جيرارد ولامبارد. فبوجود باري، ركز جيرارد ولامبارد جهودهما كصانعي لعب وراء ثنائي الهجوم، وحل كابيللو أزمة إنجلترا الخططية التي ظهرت منذ يورو 2004. وجاء اختيار باري، كونه ارتكازا دفاعيا ذو عقلية هجومية في نقل اللعب وتمرير بينيات طولية من موقعه، على غرار الإيطالي أندريا بيرلو والإسباني شابي ألونسو. كما يعود باري إلى تغطية الجانب الأيسر دفاعيا عندما ينطلق أشلي كول للهجوم لتأمينه من الخلف لمنح ظهير تشيلسي قدرة أكبر على الوصول إلى مناطق جزاء المنافسين.
