إذا كان فوز منتخب مصر على إيطاليا في بطولة كأس العالم بالقارات بجنوب أفريقيا بهدف محمد حمص هو أعظم إنجاز للكرة المصرية أمام نظيرتها الأوربية ، فإن لقاء المنتخب أمام انجلترا في إستاد ويمبلي التاريخي هى أعظم تجربة للفراعنة في تاريخهم. مواجهة منتخب إنجلترا في إستاد ويمبلي قد لا تتكرر مرة أخرى ليس فقط لهذا الجيل، بل إنها قد لا تتكرر أصلا للكرة المصرية ، خاصة وأن اللعب على إستاد ويمبلي يعد شرفا كبيرا للاعبي كرة القدم بما له من قيمة وعراقة لا يشعر بها إلا من دخله . عظمة التجربة ليست فقط في اللعب بإستاد ويمبلي ، بل أن تلعب أمام منتخب إنجلترا وبطلب من الإتحاد الإنجليزي الذي دفع 75 ألف جنية إسترليني لنظيره المصري ليوافق على اللعب ، فهو أمر لم يحدث من قبل مع أي منتخب عربي وقد لا يتكرر ثانية ، كما أن اللعب أمام منتخب بحجم الفريق الإنجليزي في هذا التوقيت الذي يستعد فيه لمونديال 2010 فإن هذا تقدير كبير للمنتخب المصري . في رحلة منتخب مصر لإستاد ويمبلي تعرف كيف يكون تنظيم المباريات وتتأكد أن التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق ، فلا مجال للخطأ وكل شيء تشعر إنه تم ترتيبه بكل دقه ، فعظمة الإنجليز ليست في التكنولوجيا التي تتفوق فيها اليابان مثلا ، بل أن عظمتهم في النظام وإحترامه. مداخل الإستاد قادرة على إستيعاب الجماهير ليمتليء ب 90 ألف متفرج قبل بداية اللقاء بأقل من نصف ساعة على الأكثر ، وأن مهام تنظيم المباراة تم توزيعها على ستة مسؤولين ، كل منهم يؤدي واجبه على أكمل وجه ، ولا مجال للمجاملات ولا دخول لأبناء المسؤولين وأصدقائهم وذويهم والجيران " ببلاش" . مقصورة الإعلام حدث عنها ولا حرج ، فهى في إستاد ويمبلي تسع لما يقرب من 1500 إعلامي ، لكل منهم جهاز تليفزيون صغير ينقل المباراة بتأخير ما يقرب من 10 ثواني لتمنح الإعلامي فرصة متابعة الألعاب المثيرة للجدل ، ويوزع عليهم كافة البيانات عن اللاعبين ، بالإضافة الى الإحترام الشديد الذي يجده الإعلامي خلال عمله من جانب العاملين في الإستاد .
في منطقة الإعلام بعد المباراة هناك تعليمات واضحة لكافة اللاعبين بالوقوف أمام من يطلب سؤاله واللاعب هنا مطالب بالإجابة وإلا تعرض لعقوبات، كما أنه لا يوجد المصطلح الشهير في مصر "مش عاوزين نتكلم في الموضوع ده" عندما يتطرق أحد الإعلاميين لقضية شائكة مع مسؤول في منطقة الإعلام بعد المباراة هناك تعليمات واضحة لكافة اللاعبين بالوقوف أمام من يطلب سؤاله واللاعب هنا مطالب بالإجابة وإلا تعرض لعقوبات ، كما أنه لا يوجد المصطلح الشهير في مصر "مش عاوزين نتكلم في الموضوع ده" عندما يتطرق أحد الإعلاميين لقضية شائكة مع مسؤول. فالمسؤول مطالب بالرد حتى لو كانت الإجابة ب " لا تعليق" وشاهدت كيف وقف نجوم المنتخب الإنجليزي أمام الإعلاميين وأجابوا على اسئلتهم ، على عكس ما يحدث من أنصاف اللاعبين في مصر ، والمشهد المذل والمقرف والمثير للغثيان من القنوات التليفزيونية عندما يجري مندوبي المحطات التليفزيونية بالمشوار وراء لاعب من بهوات مصر وقد لا يتحصل على إجابة . عندما سمح الإيطالي فابيو كابيللو المدير الفني لمنتخب إنجلترا لوسائل الإعلام لحضور التدريب الأخير فريقه بملاعب تدريب فريق الأرسنال التي تبعد عن لندن بحوالي 45 دقيقة والتي يصل عددها الى 10 ملاعب كان كل شيء مجهزا وكان في إستقبل المنتخب الإنجليزي ممثلي منتخبات المعاقين في إنجلترا ، وكيف إستقبلهم كابيللو ولاعبيه بكل الإحترام والتقدير ، وغير مسموح لوسائل الإعلام التحدث للاعبين ، وبعد 15 دقيقة من بداية التدريب طلب أمن الملعب الخروج من الملعب لحين عقد المؤتمر الصحفي لكابيللو. في يوم المباراة يحصل كل إعلامي على تصريح دخول المباراة وتصريح أخر لدخول منطقة الإعلاميين بعد المباراة ، ويستعد مسؤولي ويمبلي لإستقبال اللقاء قبله بيوم كامل ،عندما تصل حافلة الفريقين للملعب لا تجد شحص واحد يقف في هذه المنطقة مثلما يحدث في ملاعبنا ، ولا داعي لأن نسمع من الأن الحديث عن إستاد القاهرة وكيف أنه مفخرة ، لانه لا مفخرة ولا يحزنون لأنه لو كان إستاد القاهرة مفخرة فماذا نقول عن إستاد ويمبلي !! أعطي الإتحاد الإنجليزي درسا قاسيا لمنظومة كرة القدم المصرية في كيفية تنظيم المباريات بكل سهولة وإنضباط ، وأعلم أن المقارنة هنا ظالمة وقاسية خاصة وأننا - كمجتمع - مازلنا بعيدين تماما عن النظام وإحترامه ، ولا نمني أنفسنا بتحسن الأوضاع ولكننا ننقل صورة مجرد نقل فقط.