ما حدث في بطولة كأس العالم للقارات لمنتخب مصر، كان بمثابة الصدمة بشكل عام للجماهير المصرية والمراقبين سواء خارج مصر أو داخلها، والصدمة كانت إيجابية في مباراتي البرازيل وإيطاليا للأداء القوي الذي قدمه الفريق فيهما، حيث لم يكن أشد المتفائلين يتوقع أن يظهر منتخب مصر هذه الامكانيات غير المنطقية في ضوء معطيات الكرة المصرية في مواجهة منتخبين كبيرين مثل البرازيل وإيطاليا ، كما كانت الصدمة سلبية في لقاء أمريكا الأخير. خسر المنتخب المصري أمام نظيره الأمريكي "القوي بدنيا" بثلاثة أهداف، وهو ما لم يكن يوقعه أشد المتشائمين، خاصة بعد الأداء القوي أمام البرازيل وإيطاليا، وحلمت الجماهير بمشاهدة فريقها في الدور قبل النهائي للبطولة لأول مرة في تاريخه، لاسيما بعد الأداء القوي أمام السامبا والأتزوري بصرف النظر عن الفوز على إيطاليا، ألا أن تلك الجماهير تلقت صدمة الخسارة غير المتوقعة أمام منتخب أمريكا، الذي كان قد حزم أمتعته لمغادرة جنوب إفريقيا. في الحالتين - الفرحة والحزن - كانت مشاعر الجماهير وبعض وسائل الإعلام مبالغ فيها، وهي عادتنا كشعب شرقي، وأن كانت المبالغة عقب الفوز علي إيطاليا مبرره بعض الشيء، خاصة وأن هذا الانتصار هو أعظم إنجاز في تاريخ الكرة المصرية علي مدار ما يقرب من 80 عام فلم يسبق لأي منتخب إفريقي أن فاز علي بطل العالم. جاء خروج منتخب مصر من الدور الأول - وهو أمر متوقع قبل أن تبدأ البطولة - ليعيد المنتخب إلى نقطة الصفر - من وجهة نظر البعض - علي المستوى المعنوي، بعد الدفعة المعنوية الكبيرة التي حصل عليها الفريق بعد مباراتي البرازيل وإيطاليا، ألا أن ضياع الدفعة المعنوية جاء بفعل ما قاله عمرو أديب في قناة "أوربيت" عن اللاعبين، ويجب أن يشعر الفريق وجهازه الفني أنه حقق إنجازا لم يكن متوقعا ومازلنا نثق فيهم، حيث لم يكن مطلوبا من اللاعبين الفوز ببطولة كاس القارات أو حتى المنافسة الحقيقية عليها، وأتفقنا جميعا أن البطولة كانت إعداد لتصفيات كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010، وهو الأمر الأهم بالنسبة للجماهير. للأسف لعب أديب علي وتر بطريق خطأ، وتصور أن هجومه علي الفريق الوطني بعد الخسارة من أمريكا سيحقق له شعبية جماهيرية، وهو هنا يعمل بمنطق اللعب علي مشاعر الجماهير، وليس لقناعاته الشخصية، وهو أمر مؤسف يحدث في بعض وسائل الإعلام، وخرج خاسرا من معركته الوهيمة، ولم يقيم الأمور فنيا. يجب أن نتعلم ثقافة الهزيمة، فمن غير المعقول أن نساند المنتخب ونفرح به في الانتصارات فقط، لأن الهزيمة واردة في كرة القدم مثل الفوز، وإلا ماذا تفعل إيطاليا التي هزمت أمام مصر والفارق الفني والتاريخي بينهما كبير؟! إذا كان البعض يرى أن الجهاز الفني قد أخطأ في إدارة مباراة أمريكا، فلا يجب أن ننسي أنه أجاد في مباراتي البرازيل وإيطاليا، وحملناه جميعا على الأعناق، والخطأ وارد في كل شيء، وعلينا أن نتقبل الأمور بهدوء، ولا نهيل التراب علي الفريق لمجرد الخسارة في مباراة، ضمن بطولة لم ندخلها للفوز بها، خاصة وأن أمامنا ما هو أهم وهي تصفيات كأس العالم، حتى لا قدر الله ولم يوفق المنتخب في التأهل لنهائيات المونديال، فيجب أن نوجه له كلمة شكر علي ما قدمه خلال أربع سنوات حقق خلالها إنجازات لن ينساها التاريخ. ما لم يلفت نظر البعض أن حسن شحاتة حقق 80% من المطلوب منه مع المنتخب الاول منذ أن تولى مسئوليته في ديسمبر عام 2005، حيث دخل في خمس منافسات، تصفيات الأمم الإفريقية "مرتين"، وبطولتين لكأس الأمم، ونجح فيهم جميعا، ولم يخسر سوى بطولة كاس القارات، وما لا يعرفه أحد أن حسن شحاتة لم يخسر سوي بطولتين في حياته ، الأولي كانت بطولة كأس العالم للشباب بالإمارات عام 2003، ثم بطولة القارات الأخيرة، ولكن على شحاتة أن يتخلي قليلا عن حساسيته تجاه النقد، لأنه يعتبر كل النقد موجه إلى شخصه، وهذا غير صحيح، وإذا كان الإعلام يصفق له ويرفعه علي الأعناق عند الفوز، فعليه أن يتحمل النقد عند الخسارة، وسيتكرر الأمر معه ومع أي مدرب، فهذه كرة القدم. ثبت بالدليل القاطع أن اللاعب المصري لا يجيد ولا يظهر قدراته إلا في المواقف الصعبة، مثله في ذلك مثل العامل المصري الذي لا يعمل إلا عندما "يتزنق" في الفلوس، فعندما واجهنا موريتانيا وبورندي في تصفيات الأمم الإفريقية الأخيرة واجهنا مصاعب كبيرة، وعندما واجهنا الكاميرون وكوت ديفوار في النهائيات قدمنا أفضل أداء ونتائج، وهو ما تكرر في بطولة القارات، وهو ما يمنحنا الأمل في التأهل لنهائيات كأس العالم. - لعب احمد سليمان مدرب حراس مرمي المنتخب الوطني دورا كبيرا في رفع مستوى عصام الحضري ، الذي كان نجما فوق العادة خلال بطولة القارات ، بعد أن نجح سليمان في إعادة التوازن النفسي للحارس الدولي بعد فترة هبوط استمرت عدة أشهر. نقطة اخيرة وضح من معلق مباراة مصر وأمريكا علي قناة ART ويدعي "عبد الله الحربي" أنه حاقد علي ما فعله منتخب مصر في البطولة، وانتهز خسارة مصر ليظهر كم حقده علي الفريق المصري، فيما أظهر مهيب عبد الهادي مراسل قناة "الحياة" إمكانيات كبيرة أحرجت بقية القنوات الفضائية، ونجح في تقديم معايشة كاملة لرحلة لمنتخب في جنوب إفريقيا .