توقف الأهلي عن الركض ومدربه عن التفكير عند الدقيقة 45 من مباراته مع باتشوكا في كأس العالم للأندية، ليخسر الفريق الأحمر دون أن يلعب. بداية لا اعتقد أن باتشوكا أفضل من الأهلي في النواحي البدنية والخططية، وحتى لو كان هذا الكلام صحيحا فالأهلي كان متقدما بهدفين وخسارته برباعية ليست منطقية. هناك سببان لخسارة الأهلي، أولهما نفسيا سببه الضغط العصبي، فقد ظهر الخوف من توديع البطولة مبكرا جليا على أداء الأهلي من بداية المباراة. وحين تقدم الفريق المصري بهدفين فرغ اللاعبون شحنة كبيرة من الطاقة، وشعروا بأن الفوز حليفهم دون مشاكل فهبط إيقاعهم في الملعب، ومن يهبط إيقاعه لا يسترده أبدا. استرخى الجميع دون حساب لأن باتشوكا سيهاجم دون حسابات كونه لا يملك ما يخسره. السبب الثاني في الخسارة يرجع لمانويل جوزيه نفسه الذي رغم بدايته الرائعة في المباراة ووضوح دراسته الجيدة لمنافسه إلا أنه لم يعدل أوراقه بحسب تغييرات منافسه. تأخرت تغييرات جوزيه، وبدلا من الاستفادة بالمساحات التي تركها باتشوكا مع انطلاق شوط المباراة الثاني، سعى الأهلي لتأمين دفاعه واستسلم لسيطرة خصمه. ومع سيطرة باتشوكا المطلقة على مجريات المباراة ظهر الأهلي كأنه رجلا بدويا يحاول القبض على قطيع من الغزلان، يمسك إحداها فيهرب منه العشرة الأخريات. ومع الوقت سقطت لياقة الأهلي الذهنية قبل البدنية ليحصل باتشوكا على فرصة حسم اللقاء على طبق من ذهب. شوط الأهلي تقدم بالأهلي بهدفين في الشوط الأول حين اعتمد مدرب باتشوكا إنريكي ميزا على ثلاثة مدافعين تحركوا على خط واحد دون خلق عمق يحمي المرمى المكسيكي. سعى باتشوكا لضغط الأهلي في منتصف ملعبه، لكن طريقة ميزا لم تكن منطقية في ظل قوة منافسه على المستوى الفردي والخططي. أعاد جوزيه مهاجمه الأنجولي فلافيو أمادو بجوار محمد بركات في وسط الملعب ليستفيد من قوتهما وسرعتهما في الضغط، فيما لعب أبو تريكة دور رأس الحربة. تحرك جوزيه كان رائعا لأن بركات وفلافيو صعبا حياة الدفاع المكسيكي وقطعا العديد من الفرص حولوها لتريكة الذي تصرف بامتياز معها وصنع منها فرصا وأهدافا. كما راقب جوزيه مفتاح الفريق المكسيكي الأبرز داميان ألفاريس الذي تركزت تمريرات باتشوكا نحوه على الناحية اليسرى لمباغتة الأهلي من خلف ظهيره الأيمن. ويعكس اشتراك أحمد فتحي في مركز الظهير الأيمن نجاح جوزيه في دراسة خصمه، إذ أن وجود أحمد صديق أو محمد بركات كان سيفتح مساحة أمام ألفاريس. أما فتحي قتلت قوته في الرقابة خطورة ألفاريس، ما سمح لأحمد حسن بمتابعة ظهير باتشوكا الأيسر حين ينطلق للأمام، وأراح حسام عاشور في التمركز أمام الدفاع. تفوق الأهلي تماما على منافسه وبدت المباراة سهلة أمام الفريق الأحمر في ظل دفاع باتشوكا الضائع وغياب المهارة عن هجمات باتشوكا. مباراة باتشوكا توقف عقل جوزيه عند الدقيقة 45، ظل الأهلي على نفس طريقته رغم دفع ميزا بمهاجم وجناح في تشكيل باتشوكا الذي فتح الملعب على مصرعيه وحول طريقته إلى 3-4-3. تدخلات ميزا جاءت موفقة للغاية، وكان على جوزيه الرد بالدفع بهاني العجيزي بدلا من أحمد السيد الذي كان مهزوزا ونال نقدا كبيرا من شادي محمد في أكثر من لقطة. كان الأهلي وقتها سيحول طريقته إلى 3-5-2 بحيث يتحول بركات لظهير مقابل لجيلبرتو، ويضغط العجيزي يمينا فيما يقوم فلافيو بالدور ذاته يسارا. وجود ثنائي هجوم كان سيجبر ظهيرا باتشوكا على الالتزام دفاعيا، ما يمنح وسط الأهلي فرصة التعامل مع صناع ألعاب الفريق المكسيكي، بدلا من انتظار الإعصار لإيقافه. وبالعودة لأرض الواقع، الدفع بأحمد صديق كان قرارا صائبا لكن تأخره قلل كثيرا من مفعوله إذ أن حالة الأهلي المعنوية كانت في انخفاض واضح. ومع تقدم باتشوكا لعبا ونتيجة باتت تغييرات جوزيه غير منطقية، فقد استبدل البرتغالي أحمد فتحي بسيد معوض ثم أشرك باسر المحمدي بدلا من جليبرتو. فإذا كانت لياقة فتحي لا تسعفه لاستكمال المباراة لماذا لم يخرج هو بدلا من أحمد حسن في التغيير الأول. ثم كيف ينجح المحمدي في دفع الأهلي للأمام إن كانت الكرة دائما في حوزة باتشوكا؟، والسبب الرئيسي كان وجود حسام عاشور وحيدا في الوسط! ربما جوزيه أفضل مدير فني أجنبي في تاريخ الأهلي، لكن مباراة باتشوكا شهدت سوء تصرف من اللاعبين ومدربهم. وأخيرا لا يجب تهويل الخسارة أو إلقاء لومها على أحد، فالأهلي فاز بدوري أبطال إفريقيا عن جدارة ويقدم موسما طيبا، وخسارة مباراة أو بطولة ليس نهاية المطاف أو جرس إنذار أو أي تشبيه يحمل المعنى نفسه وسنسمعه في الأيام المقبلة.