"خلال العاصفة يُعرف الربان" .. مثل لاتيني شهير قد يُلخص عمل جورجي سامباولي مع منتخب تشيلي حتى التتويج بكوباأمريكا. أبهرت تشيلي العالم في مجموعة نارية في كأس العالم، أسقطت البطل إسبانيا ولم تنتظر حتى للجولة الثالثة من أجل التأهل، ثم خرجت على يد البرازيل بركلات الترجيح. تشيلي التي دخلت كأس العالم "منسية" فتحولت إلى الحصان الأسود، لم تتوقف في كوباأمريكا حتى قتلت أذاقت رفاق ليونيل ميسي من نفس كأس وداع المونديال المرير. هذا التتويج كان للأغلب مفاجأة. ولكن لا شيء في كرة القدم يُترك للصدفة، الأمر احتاج 5 سنوات للوصول. في مونديال 2010، وقعت تشيلي مع إسبانيا في مجموعة واحدة وخسرت منها 2-1.. ولكنها تأهلت لدور ال16 في الوصافة لتلعب مع البرازيل. تشكيل تشيلي وقتها كان يضم 6 لاعبين ممن فازوا على إسبانيا في 2014. ولكن البرازيل أهدرت كرامة تشيلي بثلاثية نظيفة.. وهذا كان مرضيا للتشيليين بالنظر إلى أنهم لم يشاركوا في المونديال منذ 1998. هذا الفريق الشاب كان يقوده المخضرم مارسيلو بييلسا. في تشيلي كان بييلسا قديسا بمعنى الكلمة، يعتبرونه هناك أفضل مدرب في تاريخ البلاد.. حتى أنهم في استطلاعات الرأي طالبوه بالترشح لرئاسة الجمهورية. يبدو أن هذه الشعبية أغضبت البعض في تشيلي، فرحل مارسيلو بييلسا في 2011 بعد خلاف مع مسؤولي الاتحاد التشيلي لكرة القدم. كلاوديو بورجي كان البديل، تولى مسؤولية الفريق في مارس 2011 خلفا لبييلسا، والمطلوب كان التأهل بالفريق لمونديال 2014. مهمته بدأها بخسارة ثقيلة من الأرجنتين 4-1 ومن أوروجواي 4-0. بعد 3 هزائم إضافية مني بها فريق بورجي، أدرك الاتحاد التشيلي أن بورجي ليس الرجل المناسب.. وأقيل في نوفمبر 2012. وهنا أيضا أدرك التشيليون أن بييلسا لن يتكرر.. بورجي نفسه قال في مؤتمر الوداع "وجدت من الصعب شغل موقعا كان يشغله بييلسا، المشجعون لا يحبون غيره". كان من الطبيعي اعتبار أن تشيلي خارج المونديال وأن تكون المهمة هي بناء فريق لتصفيات المونديال المقبل، وكان التفكير في الأرجنتيني جورجي سامباولي. سامباولي لم يمتلك تاريخا كبيرا على مستوى تدريب المنتخبات، ولكنه كان معروفا في تشيلي مع فريق يونيفرسيداد أوف تشيلي الذي فاز معه بالدوري وكوبا سود امريكانا الكأس الثاني من حيث الأهمية في أمريكا الجنوبية بعد كوبا ليبرتادوريس. "نحن ملزمون بالتأهل بتشيلي إلى مونديال 2014" .. سامباولي فور توليه المسؤولية. بداية مشوار سامباولي كانت خسارة أمام بيرو ليتأزم الموقف أكثر، ولكن تشيلي حققت طفرة بعدها بعدم الخسارة في 6 مباريات متتالية، لتقتنص المركز الثالث في التصفيات. هنا تسأل نفسك كيف فعلها هذا الرجل؟ يجيب سامباولي "يجب أن تحاول أن تجعل اللاعبين يحبون قميص المنتخب الذي يرتدونه، أن يستمتعوا.. تغير نظرتهم للأمر على أنه مجرد واجب". يؤكد أرتورو فيدال نجم يوفنتوس "أتينا إلى البرازيل نحلم بأن نكون أبطال العالم". سامباولي رجل يعشق السيطرة، لدرجة أنه يختار أسماء الصحفيين الذين يحضرون مؤتمراته الصحفية. في البرازيل، خسرت إسبانيا من هولندا 5-1 ولكن ربما لو كانت تشيلي هي من واجهت بطل العالم في المباراة الافتتاحية لكان الاحتفاء بها أكبر. سامباولي كان قادرا على إسقاط التيكي تاكا بأسلوب وطريقة رائعة عندما اعتمد على طريقة 3-4-1-2.. ضرب دفاعات إسبانيا بألكسيس سانشيز وإدواردو فارجاس وخلفهم صاحب الطاقة التي لا تنضب فيدال. Sampaoli: "Our strikers pressed high to stop #ESP playing through the midfield. It made life very difficult for them." #CHI — Jack Lang (@snap_kaka_pop) June 18, 2014 بييلسا أصبح ذكرى للتشيليين بعد سامباولي الذي حقق رقما قياسيا بالفوز 12 مباراة من أول 18، خسر في 3 وتعادل في 3. فوز من ضمن ال12 كان على إنجلترا في ويمبلي 2-0، وتعادل من ضمن ال3 كان مع إسبانيا نفسها 2-2. Go back to when Borghi was with Chile. A generation being wasted, no clarity of ideas. Sampaoli has changed it all. Incredible. — David (@davidjaca) June 18, 2014 ضاع حلم استكمال مشوار المونديال على يد البرازيل صاحبة الأرض بصعوبة، بعدما فازوا بركلات الترجيح عقب مباراة كبيرة انتهت بالتعادل 1-1. كان من البديهي أن تتمسك تشيلي بأيديها وأسنانها بسامباولي، رغم أنه أعلن رغبته في تدريب منتخب بلاده الأرجنتين يوما ما. وجدد سامباولي تعاقده مع تشيلي حتى مونديال 2018. فريق سامباولي بات أكثر قوة عقب أداء المونديال، كلاوديو برافو انتقل لبرشلونة وفاز معهم بالثلاثية. سانشيز استقر مع أرسنال. جاري ميديل تحرج نحو إنتر ميلان. ومارسيلو دياز شق طريقه لهامبورج. باتت الآن الأحلام ممكنة. ولا يوجد أعظم من التتويج بكوباأمريكا على أرضك. كان سامباولي جديرا بالتأكيد بكل هذا، فقبل هذا النهائي. لم تتوج تشيلي مطلقا بكوباأمريكا، وخسرت 3 نهائيات. لم تفز تشيلي على الأجنتين في تاريخها في كوباأمريكا، خسرت 19 وتعادلت 5، وانتقمت لضياع الكأس أمام نفس المنافس في نهائي 1955. بل أن الأرجنتين نفسها رفعت الكأس مرة أخرى أمام التشيليين عام 1991. "لا يتعين علينا الفوز في هذه المباراة النهائية، بل علينا أن نقدم أفضل ما عندنا".. سامباولي قبل نهائي كوباأمريكا. الآن هذا الرجل الأرجنتيني قاد تشيلي لرقص التانجو في كوباأمريكا.