حيثيات أحكام مذبحة بورسعيد: فحش المتهمين الإجرامي أسفر عن معركة حربية راح ضحيتها شباب أعزل أعلنت محكمة جنايات بورسعيد حيثيات حكمها في مذبحة استاد بورسعيدالتي راح ضحيتها 72 من مشجعي الأهلي، في واحدة من أكبر المجازر الرياضية المأساوية التي مرت شهدتها مصر والعالم. ونشرت تقارير صحفية تقرير المحكمة التي عاقبت 21 بالإعدام شنقًا، والمؤبد لخمسة والسجن المشدد 15 عامًا لعشرة، بينهم مدير أمن بورسعيد السابق، ومدير شرطة المسطحات بالمحافظة، الذي كان مكلفًا بخدمة بوابة المدرج الشرقي، ومسئول الإضاءة بالنادي المصري، والسجن عشر سنوات لستة والسجن خمس سنوات لمتهمين، والحبس عام لمتهم. وسطرت المحكمة برئاسة المستشار صبحي عبدالمجيد الحيثيات في 177 ورقة استعرضت خلالها وقائع القضية، وما استندت إليه في أحكام الإدانة والبراءة. تطرقت الحيثيات للحديث عن ظاهرة الألتراس والإعلام الرياضي، موضحة أنه تلاحظ في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة روابط الأولتراس، التي انتقلت إلى مصر من الملاعب الأوروبية، وأمريكا الجنوبية. وأوضحت المحكمة في أسبابها أنه نظرًا لعدم التعامل مع تلك الظاهرة وبحث أسباب انتشارها واستثمارها في النهوض بالرياضة المصرية بتوجيهم الوجهة الصحيحة، صارت وسيلة ضغط على الأندية، وتدخلت في شئونها الإدارية والفنية، لذلك أصبح ضرر هذه الروابط أكثر من نفعها. وساهم في ذلك إعلام رياضي تسلل إليه على حين غفلة من أهله من هم غير متخصصين، فكل من مارس الرياضة يومًا، أو لم يمارسها زاول مهنة الإعلام الرياضي. سردت الأسباب تفاصيل وقائع ما دار في استاد بورسعيد، وما استندت إليه في إدانة المتهمين، حيث قالت: "إنه ما إن دخل جمهور ألتراس الأهلي من باب المدرج الشرقي المعين على خدمته المتهم محمد محمد سعد (ضابط شرطة)، حتى فوجئوا على غير العادة في المباريات بقيام المتهم توفيق ملكان مسئول الإذاعة الداخلية بالاستاد، بقطع البث الإذاعي، والإعلان عن وصول ألتراس أهلي، وكأنه يعلن عن وصول الضحايا. فبادرهم ألتراس المصري بأعداده الغفيرة التي تزيد على السعة المقررة للاستاد، والذي تمكن من دخوله بعد أن فتح لهم مدير الأمن أبوابه على مصراعيها، دون الحصول على تذاكر لحضور المباراة، ودون تفتيشهم لضبط ما يحوزونه من أسلحة. وما إن استقر المجني عليهم في أماكنهم أبصروا لافتة مرفوعة بالمدرج الغربي المخصص لألتراس المصري مدون عليها باللغة الإنجليزية عبارة موتكم هنا، ويرفعون علم الأهلي وعليه نجمة داود. وبدأت المبارة في جو مملوء بالتوتر، وازداد السباب والهتافات المعادية بين جمهور الفريقين، وما إن لفظت المباراة أنفاسها الأخيرة، وأطلق الحكم صافرة نهايتها معلنًا فوز النادي المصري، حتى انطلق المتهمون من جمهور ألتراس المصري من كل حدب وصوب، لتنفيذ آخر حلقة من حلقات مخططهم الإجرامي، وقصدهم المصمم على الإطباق على المجني عليهم وقتلهم. فأسرعوا في النزول من المدرجين الغربي والشرقي إما بالقفز من أعلى الأسوار، أو بتحطيم أبوابها الداخلية في اجتياح كاسح وعارم ومهيب لأرض الملعب، حاملين معهم أدوات تنفيذ جريمتهم النكراء، متجهين بسرعة شديدة، وبأعداد غفيرة وموجات متلاحقة صوب المجني عليهم. كما حمل بعض المتهمين المقاعد الموجودة بأرض الملعب لاستخدامها في التعدي علي المجني عليهم، وبعد اجتياز الحاجز الأمني المهترئ، والممزقة أوصاله بأرض الملعب، وقبل صعودهم للمدرج الشرقي، أمطروا المجني عليهم بوابل من الحجارة والألعاب النارية فبثوا في نفوسهم الفزع والهلع من هذا الهجوم الغاشم الكاسح عليهم، ومعظهم من الشباب صغار السن العزل، حضروا لمشاهدة مباراة كرة القدم لا لدخول معركة حربية. وبلغ فحش المتهمين الإجرامي بأن قاموا بإطلاق الألعاب النارية وبكثافة شديدة عليهم حتي بدت فتحته وكأنها ينبعث منها حمم بركانية، مما أدى إلى سقوط المجني عليهم صرعى وقتلى. وبالنسبة لأسباب حكمها بإدانة مدير الأمن وآخرين قالت المحكمة: إن الثابت بالأوراق أن مدير الأمن السابق أصر على إقامة المباراة برغم علمه اليقيني بخطورة إقامتها، مما توافر لديه من معلومات أبلغ بها. وأضافت المحكمة أن المتهم أخذته العزة بالإثم دون مقتضى لا لشيء إلا ليثبت لقياداته أنه محل ثقتهم، وكان نتيجة قراره الخاطئ ما حدث كما أنه من الثابت بمطالعة أمر الخدمة الذي أصدره لتأمين المباراة، أنه لم ينفذ إلا على الورق فقط، إذ لو قام بتنفيذ ما جاء ببنوده كتفتيش الجماهير لما وقعت الكارثة، فضلا عن عدم تدخله بإصدار أوامر لمرءوسيه وقواته بالعمل على التصدي لما حدث من هجوم أو التقليل منه. بينما قام الضابط المكلف بالخدمة على باب الاستاد بغلقه وتركه مكان خدمته محتفظًا بمفتاح الباب معه ولم يتركه لأحد الضباط، وبرغم علمه بالأحداث لم يبادر بالإسراع بالعودة إلي مكان خدمته، بل اختبئ تحت إحدى المظلات تاركًا المجني عليهم محشورين خلف الباب، بينما قام المتهم المسئول عن الكهرباء بإطفاء الإضاءة في الاستاد، مخالفًا بذلك التعليمات التي توجب عدم إطفاء الأنوار إلابعد التأكد من خلو الاستاد من الجماهير، وبرغم مشاهدته للأحداث فعل ذلك. وانتهت المحكمة إلى أن المتهمين الثلاثة ساهموا بأفعالهم في ارتكاب الجريمة وشرحت ما استندت إليه في نصوص القانون المصري والألماني والأنجلوأمريكي، حيث التكييف القانوني لأفعال المتهمين. كما استعرضت المحكمة أسباب ما استندت إليه ببراءة 28 متهمًا، حيث أكدت أنه من استقراء وقائع الدعوى تبين أن أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة بالنسبة للمتهمين من الأول حتي التاسع عشر جاءت قاصرة لما شابها من شك وغموض، حيث خلت المشاهد المصورة لأحداث المباراة من ظهور أى من هؤلاء المتهمين على مسرح الحادث، كما لم يوجد شاهد علي المتهمين.