أرسل أعضاء النيابة العامة خطابا للمستشار محمد ممتاز متولي، رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء، يطالبون فيه بقبول استقالة المستشار طلعت إبراهيم، النائب العام الذي قدم استقالته، وفقا لما طلب، وعدم ترشيحه مرة أخرى لذات المنصب. جاء ذلك عقب اعتصام أعضاء النيابة العامة أمام مكتب النائب العام، الاثنين الماضي، حتى تقدم باستقالته. كما طالبوا بأن يرشح مجلس القضاء الأعلى النائب العام الجديد من المستشارين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بمحاكم الاستئناف، بشرط أن يكون ممن سبق لهم العمل بالنيابة العامة لمدة كافية، وألا يكون من المنتمين لأي تيارات أو حركات داخل القضاء أو خارجه، وألا يكون ممن سبق لهم الخوض في معارك سياسية أو تمثيل أحزاب سياسية، وألا يكون رئيسا أو عضوا بأي من أندية القضاة، وكذلك ألا يكون ممن سبق ندبهم لأي جهة من الجهات أو الوزارات، وألا يكون ممن انتهى عملهم بالقضاء وتولوا مناصب بالسلطة التنفيذية، مشيرين إلى أن هذا لا يتناسب مع جلال وسمو منصب النائب العام، الذي ينبغي أن يكون نائبا للشعب كله. وجاء نص الخطاب كما يلي: بسم الله الرحمن الرحيم السيد المستشار رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى.. السادة المستشارين الأجلاء أعضاء المجلس الأعلى للقضاء.. تحية إجلال وتقدير من شباب أعضاء النيابة العامة لشيوخنا الأجلاء أعضاء مجلس القضاء الأعلى، فأنتم نبراس لنا، نسير على دربكم لتحقيق العدل وإقامة دعائم دولة القانون. لقد امتحننا الله بتكليفنا بحمل أمانة القضاء المقدسة، التي لا يمكن للقضاة حملها بغير استقلال، فاستقلال القضاء هو درع القاضي في عمله، والأرض الصلبة التي تقف عليها العدالة، والضمانة الأساسية لقيام دولة القانون وحماية الحقوق والحريات. ولم يكن طريق العدالة على هذا نحو يسيرا، وإنما اعترضته معوقات كثيرة؛ إذ كمنت السلطة التنفيذية طيلة العقود الأخيرة للقضاء، تتحفز للنيل من استقلاله كلما سنحت الفرصة لذلك، ويحكي لنا شيوخنا عما عاناه القضاة في مذبحة القضاء، والمحاولات المتلاحقة على مر السنين لتحقيق الاستقلال الأمثل للقضاء، وما لاقوه من عنت ومشقة في سبيل تحقيق ذلك. وما كان القضاة وأعضاء النيابة العامة ليجارون التيار المحتج لمجرد الاحتجاج، بل إننا نحمل رسالة هي إن السيادة للقانون، وإن الشرعية غايتنا المثلى، وإننا ننأى بأنفسنا من أن يُزَجُّ بنا في أي معتركات غير قضائية، فغضبة شباب النيابة العامة الأخيرة لم تكن إلا للزود عن دولة القانون واستقلال القضاء، فالقضاء ضمير الأمة، والحصن الحصين للحقوق والحريات، والنيابة العامة شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية، وتشكل مع القضاء صنوان يُسقيى بالاستقلال، فيثمر العدالة. وما كان القضاة وأعضاء النيابة العامة لينجرفون مع التيار، فهم ينأون بأنفسهم عن الدخول في ثمة معترك سياسي؛ فلا قضاء في السياسة ولا سياسة في القضاء. ومن ثم، وتناسبا مع جلال العمل القضائي، ووفقا لما انتهى إليه السيد المستشار طلعت إبراهيم عبدالله من تقدمه باستقالته يوم الاثنين الموافق 17-12-2012، استجابة لرغبة جموع القضاة وأعضاء النيابة العامة، وتقدم سيادته باستقالته بإرادته الحرة المنفردة عقب تحاورة مع زملائنا، وتقديرا لغضبتنا ولمشروعية مطالبنا، وإقرارة أمام زملائنا بأن عزل النائب العام السابق، وهو مبنى تعيينه، كان مخالفا للقانون، فقد أكد سيادته انضمامه لصفوف القضاة وتقديره لرغبتهم، وتقدم أمام الكافة باستقالته على نحو لا يقبل التأويل، فنتقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان والاحترام والتقدير لمعالي المستشار الجليل طلعت إبراهيم عبدالله، على موقفه التاريخي الداعم والمؤكد لاستقلال النيابة العامة وقضاء مصر الشامخ. لذلك نهيب بسيادتكم الآتي: أولا. قبول استقالة المستشار طلعت إبراهيم وفقا لما طلب سيادته، وعدم ترشيح سيادته مرة أخرى لذات المنصب. ثانيا. أن يرشح مجلس القضاء الأعلى النائب العام القادم من السادة المستشارين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بمحاكم الاستئناف، وأن يكون ممن سبق لهم العمل بالنيابة العامة لمدة كافية، وألا يكون من المنتمين لأي تيارات أو حركات داخل القضاء أو خارجه، وألا يكون ممن سبق لهم الخوض في معارك سياسية أو تمثيل أحزاب سياسية، وألا يكون رئيسا أو عضوا بأي من أندية القضاة، وكذلك ألا يكون ممن سبق ندبهم لأي جهة من الجهات أو الوزارات، وألا يكون ممن انتهى عملهم بالقضاء وتولوا مناصب بالسلطة التنفيذية، مشيرين إلى أن هذا لا يتناسب مع جلال وسمو منصب النائب العام، الذي ينبغي أن يكون نائبا للشعب كله. وأخيرا، فإننا نؤمن بأن الحوار البنَّاء هو أفضل السبل للوصول إلى الهدف المنشود، ولا نحبذ أي طريق آخر للوصول إلى مطالبنا، رافضين كل ما لا يتناسب مع قدسية القضاء وتقاليده. إن التاريخ سيقف طويلا وقفة المنبهر أمام شموخ قضاة مصر ورجال النيابة العامة، الذي سجلوه من خلال غضبتهم الأخيرة، ومهما استمرت السلطة التنفيذية في تعديها على استقلال القضاء وتحديها لمطالب القضاة، فسيبقى ذلك وصمة عار في جبينها، وسيظل قضاة مصر لهم بالمرصاد للزود عن قضاء مصر. وإننا إذ نوجه خطابنا لشيوخنا، نوجهه وما نبغي إلا أن يصل نبضنا لشيوخنا، ونحن نعلم علم اليقين أنهم على طريق الحق سائرون نحو تحقيق استقلال القضاء، حسبما قررتم لنا حال تحاورنا معكم، وما صرحتم به خلال اللقاء من اقتناعكم التام بمشروعية مطالبنا. والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل.. شباب القضاة وأعضاء النيابة العامة.