يُحكى أنه بعد خروج الحملة الفرنسية (1801) وعودة المماليك للحكم عادوا إلى سياستهم القديمة، «بفرض الضرائب» الباهظة على أهل مصر.. فاشتد تذمُّر الأهالى.. بعد أن ارتفعت الأسعار، واشتدَّت الأزمة الاقتصادية بسبب «سوء الإدارة».. فتجمهر الناس والجنود الذين لم يحصلوا على رواتبهم.. فقرَّر وزير ماليتهم (عثمان بك البرديسى) أن يلجأ إلى «فرض ضرائب جديدة» على التجار وعلى جميع الأهالى من المصريين من «الملاَّك والمستأجرين».. فامتنع كثير من الناس عن الدفع.. وخرجوا إلى الشوارع حاملين الرايات والدفوف، وأخذوا يلعنون حكم المماليك وهم يهتفون «إيش تاخد من تفليسى يا برديسى».. ونجحت الثورة التى أطاحت بهم.. إلى أن جاء محمد على (1805-1848) وكانت أوضاع مصر مُزرية.. ورغم أنه رجل أُمى لا يقرأ ولا يكتب، إلا أنه كان «تاجراً».. يعرف جيداً كيفية تحويل أى «أزمة» إلى «فُرصة».. فاستطاع بعقلية التاجر أن ينقل مصر من «التردِّى» و«البؤس»، و«الإفلاس».. إلى النهضة والوفرة والازدهار.. حتى وصل بمصر إلى ما وصلت إليه (الجنيه الذهب كان ب97 قرشاً مصرياً، وسلّفنا بريطانيا بما قيمته اليوم 30 مليار جنيه إسترلينى، والتكية المصرية كانت بتوزَّع الأكل والشرب على إخواننا بالسعودية، وكُنا نُقدِّم معونة مالية شهرية لأهلنا بالكويت، وكانت القاهرة أجمل مدن العالم.. وكان وكان وكان).. إلى أن جئنا بعشوائيتنا وجهلنا وغبائنا.. و«سوء إدارتنا لمواردنا» لنصل إلى حافة الهاوية!! مُناسبة هذه الحدوتة.. هو «برنامج الحكومة».. الذى ستُقدِّمه للشعب ونوَّابه (الله أعلم إمتى).. ورأيى أن هذا «البرنامج» هو الذى سيحدِّد مستقبل مصر.. إزاى؟ أولاً: «إما».. أنه سيعتمد على طريقة (عثمان البرديسى) بفرض ضرائب وشد الأحزمة.. بمعنى إدارة «الأزمة» بفكر الفقر وفقر الفكر.. والنتيجة معروفة سلفاً: اضطرابات اجتماعية، سيعقبها هتافات بسقوط حكومة البرديسى (أقصد شريف إسماعيل)، وندخل فى متاهات وقصص وحكايات!! ثانيا: «أو».. برنامج.. قائم على تحويل أزماتنا إلى «فُرص».. بدماغ «تاجر الدخان».. الأمى محمد على.. (ويا دار ما دخلك شر).. وننتقل من حالة الإحباط والكساد وتفتيش جيوب الناس.. إلى حالة إتاحة «الفُرص» لكل مجتهد.. لكل من لديه إرادة فى النجاح الحقيقى (بعيداً عن الفهلوة).. ليحشوا جيوبه بالقانون العادل والصارم الذى يُجبره على سداد كل مستحقات الدولة على داير المليم.. فتمتلئ خزانة الدولة بالضرائب.. لتقوم بدورها فى تقديم الخدمات الجيدة من أمن وتعليم وصحة (زى كل الدول المحترمة)!! السؤال: هل لدينا موارد وكنوز وإمكانيات.. والعيب فى سوء الإدارة كما ندَّعى؟ والإجابة: لا يختلف اثنان عاقلان على أن: «مُشكلتنا» و«خيبتنا» هى «الإدارة».. التى تُهدر كل هذه الموارد التى قلَّ أن توجد لدى أى دولة فى العالم غير بترولية!! والحل يبدأ من: 1- «المُصارحة».. بأن يخرج علينا الرئيس (محل ثقة الأغلبية من الشعب)، ويقول لنا الحقيقة كاملة غير منقوصة.. الحقيقة بلا تهوين أو تهويل.. لنعرف أين نقف، وإلى أين نحن ذاهبون.. ليتحمل كل منا مسئوليته!! 2- «المُشاركة».. أن يُشركنا الرئيس فى إعداد «الرؤية».. و«الرؤية» بمعنى تحديد الأهداف وترتيب الأولويات.. بدلاً من «انفراده» بعجلة القيادة لسفينة الوطن بلا مساعدين أو ملاَّحين.. فهو وحده الذى يرى الطريق، ويُحدِّد السرعة للسفينة.. أما ركاب السفينة من ال90 مليوناً، فما عليهم إلا السمع والطاعة.. ومن يخالف أو يختلف فى الرأى.. حقَّت عليه اللعنة من الأمنجية (يا خاين - يا عميل - يا طابور خامس)!! 3- أن يكون «برنامج الحكومة».. من كلمتين: «أهداف»، و«موارد».. تُحدِّد فيه ما هى أهدافنا وما هى «وسائلنا».. للوصول إلى هذه الأهداف.. باختصار: عايزين نعرف من أين سنأتى بالموارد المالية التى ستُحقِّق هذه الأهداف!! 4- «صلاحيات كاملة» للمحافظين.. ف«المحافظ» فى أى مكان بالعالم، هو رئيس جمهورية المحافظة.. له كل السُّلطات وجميع الصلاحيات.. و«فرصة» استمراره ك«محافظ» تتوقف على: حجم ما يجذبه من استثمارات لمحافظته.. وعدد «فُرص العمل» التى يخلقها لشبابها.. ومن ينحرف أو يثبت فساده، يُعلّق من رجليه بميدان التحرير!! 5- «تنفيذ القانون».. على الجميع بلا خيار أو فاقوس، مع سرعة البت فى القضايا، وتنفيذ الأحكام.. و«الشفافية».. مع المصارحة فى كل شىء، منعاً للشائعات والقيل والقال!! هذه هى مطالب المحكومين.. المشروعة والعادلة والواجبة.. فهل من مُجيب.. حتى نستجيب ونُشارك.. ونصطف كلنا «إيد واحدة» لمواجهة المخاطر والتحديات التى تهدد وجودنا، فنصل إلى بر الأمان.. لتصبح «أم الدنيا قد الدنيا» بحق وحقيقى.. مش شعارات وخلاص؟! صباح الخير سيادة الرئيس: صحيح أننى على المستوى الشخصى (وبحكم استشارتهم لى) أعرف معلومات وحقائق عن «خطط» فى الرقابة الإدارية وفى جهاز الأمن القومى.. وعن «إجراءات» و«مشروعات» يُعدُّونها الآن، لمواجهة هاتين السنتين «العجاف» (2016-2017).. ولكن الأغلبية الكاسحة لا تعرف ماذا يدور فى الكواليس.. وماذا «يُجهّز» لبكرة وبعده!! ولهذا تجد الناس تايهة - مش فاهمة - خايفة.. دولار فى هيستيريا، أسعار بلا رقيب أو حسيب، من أول سوَّاقين التاكسى اللى عطَّلوا العدادات، لغاية البقال اللى مش معلَّق سعر لأى سلعة وبيبيع على كيفه.. وفوضى الشارع.. وبلطجة بعض أفراد الشرطة و.. و.. من فضلك يا ريس: اطلع على شاشة التليفزيون المصرى - اتكلِّم - اشرح - وضَّح - طمِّن الناس.. إدِّيهم جُرعة أمل - افتح لهم طاقة نور.. حطُّهم فى الصورة الكاملة - ماتخبيش حاجة - اجهر بالحقيقة - اطلب مشاركتهم.. وهتلاقينا كلنا معاك وفى ضهرك، عشان نحمى بلدنا من أى تهديدات لوجودها!! يا ريس: اعمل «إدارة للأزمة».. لأن ال24 شهر الجايين هيحصل فيهم مشاكل أكيد.. فلنستعد لها من الآن!! نستكمل الثلاثاء المقبل.