اعصر على مخك ليمونة للمرة الأخيرة، اعبر تلال الكذب الإخوانجى التى ضاق معها صدرك طوال العامين السابقين، الفظ من وجدانك وعود الرئيس الفنكوش وعهود جماعته قبيل الانتخابات، حاول أن تنسى سيناريوهات «بانديتا» و«هدم الدولة»، افقد الذاكرة مؤقتاً حتى لا تطاردك أقاويل العريان والشاطر بشأن احتكار الإخوان لثورة يناير وتضحية الجماعة وحدها بالشهداء، تجرع فقط شريحة الكذب فى المشهد الأخير، دماء الاتحادية، بل انس المشهد برمته واختزله فى مقتل الشهيد الحسينى أبوضيف، استخرج من روث ذاكرتك خبرين، الأول: نشر فى منشور الحرية والعدالة ويضم تصريحاً لقيادى إخوانجى يقول إن الشهيد كان فى صف مؤيدى الرئيس وقتله المتظاهرون، والثانى فى بوابة الحرية العدالة الإنجليزية بنفس المعنى، تجنب مراراتك وغثيانك من تصريح شبيه للوزير «التربى» عبدالمقصود وحاول أن تنتقل بالسؤال من خانة: «هل يكذب الإخوان».. إلى «لماذا يكذب الإخوان»؟ يقول لنا «جى دورندان» فى مؤلفه عن أسس الكذب إن الأفراد لا يكذبون لأنهم يجدون متعة فى ذلك بل لحل مشاكلهم الوجودية، ويكون الكذب شكلاً من أشكال الصراع من أجل البقاء ، والبقاء هنا لم يعد بمعنى بقاء الدولة ولا الفرد بل التنظيم؛ فوسط ثورة حريات ينتفى سبب وجود تنظيم سرى يعمل تحت الأرض، تبحث الثورة عن القانون والمكاشفة ويبحث التنظيم عن مبرر لوجوده الخفى، قد يكون المبرر مؤامرات مزعومة، أو تقسيماً دينياً طائفياً يحشد بموجبه أتباعاً بحجة إنقاذ الدين وصد الكفرة. **** فى السياسة قد لا يؤرق الساسة كثيراً لجوؤهم للكذب، هو مشروع ومباح بشرطين، الأول أن يأتى بثماره، والثانى ألا يكتشفه أحد ويفنده بنجاح، كان جوبلز مثلاً مؤسس نظرية «الكذبة الكبرى»، كرر جملة: «الشعب الألمانى الآرى سيد العالم» وجدت الكذبة صدى كبيراً فى مجتمع مأزوم، تكررت الكذبة وأتت بثمارها، ولم يكن هناك من الألمان من يريد تفنيدها. أثناء الحرب العالمية الثانية، وزع الأمريكان بياناً على الجنود الألمان، وعدوهم بمصير طيب واستقبال مترف فى معسكرات الجيش الأمريكى، لكنهم كانوا «يوزعون المياه فى حارة الكذابين»، فلم يصدق الألمان أن الأسير ينعم بكل هذه النعم التى عدّدها البيان، وهم يرون بشاعة المعارك وشراسة القتل، فغير الأمريكان المنشور إلى: (أن تكون سجين حرب ليس بالأمر الهين ولكن أفضل من الموت) ، لقد تراجعوا عن الكذب لأنهم شعروا بالفشل. هنا الإخوان لا يكذبون باحتراف، وإذا وصلوا لذروة التدليس والفشل أصروا على الكذب الساذج. *** تبقى نقطة، كيف يحلل الإخوانجية الكذب وهم أعضاء تنظيم يقدم نفسه للأتباع الجدد كجماعة رسالية تربوية؟ الإجابة تكمن فيما يعرف بفقه التنظيم، وبموجبه يمكن تعطيل أحكام الله، طالما فى صالح الجماعة؛ لأن فى صالحها رفعة للدين، وتمكيناً للمؤمنين فى الأرض.. يُقتل الخازندار والنقراشى وأبوضيف، ثم يقول مهدى عاكف: «اللى يموت يموت».