مستلقيا على «كنبة» صغيرة فى مدخل منزله بمنطقة دار السلام، حاول الشاب الثلاثينى أن يقاوم ألما وجروحا وقطوعا وكسورا ليروى لنا ما تعرض له فى أحداث موقعة «الاتحادية»، تقترب منه والدته تنظر إلى عينيه اللتين لا يستطيع أن يفتحهما بسبب الكدمات التى تملأ وجهه كله، وتتفحص الجروح فى بقية جسده وتنهار فى حالة بكاء شديدة لا تمنعها من أن تقول بصوت عال «حسبى الله ونعم الوكيل». بدأت الحكاية كما يرويها محمد ممدوح عبدالحكيم، أحد ضحايا موقعة الاتحادية الذين أفرجت عنهم النيابة، عندما كان فى التحرير مع بعض أصدقائه وعلم هو وكثيرون أن «الإخوان» استدعت أعضاءها وأمرتهم بالذهاب إلى الاتحادية، فذهب إلى هناك ليكون بجوار معتصمى الاتحادية، يقول «محمد»: عندما بدأت الاشتباكات وجدت أحدهم يقول لى «ورينى بطاقتك» فأعطيته إياها بالفعل ليراها فأنا لم أرتكب شيئا أخاف منه، فأنا كهربائى أبيع مع والدى أدوات كهربائية فى «فاترينة»، ولكنه عندما رأى أن العنوان المكتوب فيها «مصر القديمة» أمسك بى وقال لى إنت مين بيموّلك، فأجبته «هو أنا مش مصرى ومن حقى آجى وأقول رأيى»، ولم أُنهِ جملتى بعد حتى بدأت حفلة ضرب على جسدى بالشوم والمواسير استمرت لساعات لم أعد أتذكر عددها، وعندما كسر ضلعى تقيأت دماً وبعدها سحلونى إلى سور الاتحادية وربطونى بالحبال. يحاول أن يقاوم آلام جسده ليكمل حديثه ويقول «بعد ما ضربونا كتفونا ورمونا عند القصر حطونا فوق بعض وكنت بسمع ناس منهم بتقول اقتلوهم وبيرددوا الله أكبر ومرسى وراه رجاله». كان الدم يملأ المكان بسبب الجروح التى أصيبت بها المجموعة التى كانت معى كلها، وكان بعضنا ينزف بشدة، فقال أحدهم عالجوهم وخلاص فردت عليه طبيبة إخوانية «بس دا فيه كتير منهم محتاجين غرز»، راحوا قالوا لها «لا، أى حاجة وخلاص»، وطلبت من تلك الطبيبة أن تخيط لى القطوع فى ظهرى باستخدام البنج فسخرت منى «كمان عاوز بنج» ثم أخذت تركلنى بقدمها وتستخدم الإبرة لتشكنى بها فى ظهرى وكانت كلما سمعتنى أصرخ من الألم تقول «أحسن». ولأننى لم أكن أستطيع تحمل الكسر فى ضلعى أيضاً وأخذت أصرخ منه توسلت إلى أحدهم وقلت له «اربط بس كتفى من قدام»، فما كان منه إلا أن ركلنى بشدة فى صدرى وأمطرنى بوابل من الشتائم»، وكان يفعل الشىء ذاته مع الآخرين وخاصة أحد الدبلوماسيين السابقين الذى كان محتجزا معنا (فى إشارة إلى الدبلوماسى يحيى نجم). يقول «محمد»: كانوا حاجزين 8 بنات وواحد فى حوش، وألتراس أهلاوى هما اللى راحوا جابوهم. أتت سيارة ترحيلات وركبوا معانا كرتونة خرطوش فاضى وقنابل مسيلة فاضية وفرد واحد، وأخذتنا جميعا إلى قسم مصر الجديدة وهناك قدموا لنا بعض الإسعافات الأولية وكان الضباط مش مصدقين اللى حصل لنا، وعندما تم تحويلى إلى معسكر السلام جاء بعض الأشخاص ليستجوبونا ووجه لى أحدهم بعض الأسئلة «إنت تبع مين؟.. إنت مع بتوع ألتراس أهلاوى؟.. مين بيمولك.. ريعو؟»، فقلت له «أنا مفيش حد بيمولنى ومعرفش حد اسمه ريعو وهو أنا مش مصرى زيهم ومن حقى أقول اللى أنا عاوزه»، وقال لى «إنت متهم بحيازة فوارغ رصاص»، قلت «هاعمل إيه بالفوارغ هارجعها عشان عليها رهن؟!»، فأخذ يقسم لى «أنا مش هاخرجك من هنا لو ما اتكلمتش»، فقلت له أنا تعبان وعاوز أرجع الأوضة اللى محجوز فيها، ثم قام عميد شرطة بتقديم الطعام والشراب لى وركبنى تاكسى وعدت إلى المنزل. باكيا يقول محمد: «مش هسيب حقى والله مش هسيب حقى»، فترد عليه والدته «حسبى الله ونعم الوكيل فيهم ربنا اللى هيجيب حقكم إنت والبنات اللى اتبهدلوا». أخبار متعلقة: «الوطن» ترصد حكايات أسرى «الاتحادية» «شادى» طالب الإعلام المصاب ب106 طلقات خرطوش: نزلت بسبب الاعتداء على السيدات «أحمد» جاء من طنطا لزيارة خالته و«تاه» فقادته قدماه للسحل تحت أرجل الإخوان حسين.. مهندس أصيب فى الأحداث: الإخوان هم «المستفيد الوحيد» من الفتنة الحالية رامى .. طبيب يسارى شارك فى علاج المصابين فاعتقله «الإخوان» أملاً فى اعتراف ضد «صباحى»