ضيّق تنظيم "داعش" الإرهابي، الحصار على المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، في مدينة دير الزور في شرق سوريا، وهو الأمر الذي أثار الذعر بين السكان الذين يخشون الأسوأ، بعد مقتل العشرات في الهجوم الأخير وخطف المئات من المدنيين. وشن التنظيم هجوما على مواقع قوات النظام في دير الزور، السبت الماضي، وتمكن من إحراز تقدم تخللته اعتقالات طالت مئات الأشخاص، إلا أنه أفرج خلال الساعات الماضية عن 270 من المدنيين، لا سيما الأطفال والعجزة والنساء. ويسيطر التنظيم منذ العام الماضي على مجمل محافظة دير الزور، باستثناء أجزاء من المدينة والمطار العسكري المحاذي لها، وسيطر السبت الماضي على ضاحية البغيلية المعروفة بإنتاجها الزراعي، ما ساعده على تشديد الحصار على الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام في وسط المدينة وغربها وجنوب غربها. ويعيش في المدينة نحو 200 ألف شخص، وبحسب الأممالمتحدة، فإن 70% من السكان القاطنين في المناطق المحاصرة، من النساء والأطفال. وقال عطية، أحد سكان دير الزور، في اتصال هاتفي مع وكالة "فرانس برس": "الوضع صعب جدا ويزداد صعوبة، حتى أن المواد التموينية والخضار نادرة، وهناك مشكلة في تأمين مادة الخبز"، مضيفا: "الناس خائفون نظرا لاتهام (داعش) لهم بانتمائهم إلى الدولة، وسقوط المدينة قد يؤدي إلى وقوع مجزرة". وتحدثت وسائل الإعلام الرسمية، عن مقتل 300 مدني السبت الماضي، بعضهم في عشرات العمليات الانتحارية التي نفذها التنظيم خلال الهجوم. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن 85 مدنيا قتلوا السبت الماضي، وتتواصل المعارك في المدينة، وتسببت منذ بدء الهجوم بمقتل 120 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، كما أشار إلى أن التنظيم أعدم عددا كبيرا من هؤلاء، كما أفاد عن مقتل 70 إرهابيا في المعارك. - الإفراج عن مخطوفين - وأقدم التنظيم السبت الماضي، على خطف 400 مدني في البغيلية ومناطق محاذية لها، إلا أنه عاد وأفرج عن 270 منهم، بحسب ما ذكر المرصد اليوم الأربعاء، موضحا أن المفرج عنهم هم أطفال دون سن ال14 ورجال فوق سن ال55 ونساء. وقال المرصد في بريد إلكتروني، إن التنظيم أبقى على نحو 130 رجلا وفتى تتراوح أعمارهم بين 15 و55 عاما، مشيرا إلى أنه سيعمد إلى التحقيق مع هؤلاء في شأن علاقتهم بالنظام السوري. وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن، أن المفرج عنهم لن يعودوا إلى مدينة دير الزور، بل سيتوزعون على العشائر في المحافظة، مؤكدا أن المخطوفين المتبقين لديه الذين "لم تثبت علاقتهم بالنظام"، سيخضعون ل"دورة في الشرع الإسلامي". وخلال الساعات ال24 الأخيرة، شن عناصر التنظيم الإرهابي، حملة تفتيش ومداهمات في البغيلية، اعتقلوا خلالها ما لا يقل عن 50 رجلا وشابا لم يعرف مصيرهم بعد. وقال غالب الحاج حمدو (23 عاما)، وهو طالب جامعي مقيم في دير الزور: "أخشى وقوع مجزرة في حال اجتاح (داعش) مناطقنا". ومنذ نحو عام، أغلق الإرهابيون المنافذ إلى أجزاء واسعة من المدينة، ما أدى إلى نقص كبير في المواد الغذائية والخدمات الأساسية، بحسب الأممالمتحدة. وقالت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ليندا طوم، لوكالة "فرانس برس": "تلقت الأممالمتحدة تقارير جديرة بالمصداقية، حول إعدام وخطف واعتقال مدنيين، بينهم أشخاص كانوا يحاولون إدخال مواد غذائية سرا إلى المدينة". وأعلن مكتب الشؤون الإنسانية، في مذكرة نشرت قبل بدء الهجمات الأخيرة، أن غالبية سكان مدينة دير الزور يعيشون بشكل أساسي على الخبز والماء. وألقت السلطات السورية في 11 يناير، مساعدات تتضمن مواد أساسية على المدينة من الجو، فيما أعلنت الحكومة الروسية بعد أيام، أنها قامت بالأمر نفسه فوق المناطق المحاصرة من التنظيم الإرهابي. يذكر أن النزاع السوري الذي بدأ في مارس 2011، خلف أكثر من 260 ألف شخص، إضافة إلى نزوح الملايين.