الثلاثة ينتمون إلى طبقة اجتماعية متوسطة، أنهوا تعليمهم فى مدارس وجامعات خاصة، ألسنتهم «ترطن» بعدة لغات، لم يتقدموا لوظائف مرموقة ولم يسعوا للتعيين فى الحكومة، خرج الثلاثة عن المألوف وقرروا أن يبدأوا حياتهم بطريقة مختلفة. «محمد» بائع الفول: أهلى فى البداية اعترضوا وبعدين شجّعونى.. «يوسف» بائع الفريسكا: أنا مابعملش حاجة عيب.. العيب إنى أقعد من غير شغل.. «أحمد» بائع البطاطا: ثقافة الغرب شجعتنا عربة فول وأخرى بطاطا وصندوق فريسكا، كانت أدوات الثلاثة لبدء حياتهم العملية بعيداً عن روتين الحكومة. محمد حبيب، ترك عمله كمحاسب فى شركة خاصة، وقرر أن يقف أمام منزله بعربة فول، أطلق عليها «مربوحة»، اعترضت أسرته فى البداية أن يكون ابنها بائع فول فى الشارع، لكن بعد النجاح الذى حققه الابن اعترفت بعمله وبدأت فى تشجعيه: «اللى عاش بره وشاف الناس عندها بساطة إزاى، مايستغربش اللى إحنا بنعمله، أنا واحد اشتغلت بره 8 شهور فى ماركت كبير كنت كل اللى بعمله بحط الأسعار على المنتجات، وباخد 900 جنيه، الشغل مش عيب طالما بتشتغل حاجة بتحبها وكمان ليها عائد مادى محترم». «حبيب» يرى أنه وزملاءه كسروا الحاجز لدى كثير من الشباب الذين يرفضون أن يمتهنوا بعض الحرف أو المهن الصغيرة، مشيراً إلى أن هناك مفاهيم مغلوطة لدى الشباب عن تلك المهن، فهم يعتبرونها غير مربحة ولا تساعد الشباب فى تكوين مستقبله: «مش مهم الناس شايفاك إيه المهم أنا شغال حاجة بحبها وعلى فكرة لما بتنجح الناس كلها بتدعمك، واللى يقول إنه بقى بائع فول ولا فريسكا ولا بطاطا عشان بيحبها بس، مش حقيقى فى الآخر لازم يكون فيه عائد محترم يخلينى أكمل وأفتخر بنفسى». يوسف آدم، بائع فريسكا، شاب فى كامل أناقته، أعلن للمجتمع أنه لا عيب فى أن يحمل صندوق الفريسكا على ظهره وهو يتحدث اللغات: «لو متربى وكمان أهلك بيدعموك والبيئة اللى خارج منها ناضجة، هتنزل الشارع وتبيع كشرى وفريسكا ومش هيبقى عندك مشكلة، إحنا مابنشُفش اللى بنعمله عار زى ما غيرنا ممكن يشوفه ويتكبّر عليه»، مؤكداً أنه اختار طريقاً يسلكه بعيداً عن الاعتماد على أسرته، وأن كل ما أراده هو إثبات نفسه وكسب الرزق، بالإضافة لكسر حالة الركود لدى الشباب العاطل عن العمل فى البحث عن فرصة حتى وإن كانت لا تتناسب معه اجتماعياً. وبعد «حبيب» بائع الفول، و«يوسف» بائع الفريسكا، ظهر مؤخراً أحمد الشربينى وخطيبته نهى، اللذان يجوبان شوارع مصر الجديدة بدراجة، لبيع البطاطا: «اطلاعى على ثقافات الآخرين فى الخارج هو اللى شجعنى كصاحب شركة سياحة أنى أنزل الشارع أبيع بطاطا، ولازم الشباب يغير معتقداته ويكون واعى أكتر من كده» حسب أحمد. الدكتور سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس، قالت إن الكثير من الشباب خلال الفترة الراهنة يحاول كسر حالة الجمود التى سيطرت على من سبقوه من أجيال، إذ إنه لا مانع لديه أن يكون صاحب وظيفة وأسرة مرموقة ويقف على عربة فول أو بطاطا أو فريسكا، طالما أنه يشبع رغباته والتى تتمثل فى دخل مادى ووظيفة يحبها: «لما رحت أمريكا لقيت معظم المصريين هناك شغالين على عربيات فى الشارع والأمريكان كمان، وعلى فكرة الشباب ده هيكسر الحاجز عند شباب عاطل كتير».