سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ليلة المليونية فى «التحرير»: الميدان يرد على خطاب الرئيس ب«ارحل».. وبيان يطالب بعزله ومحاكمته حفلات سمر داخل الخيام على أنغام أغانى عبدالحليم والشيخ إمام.. وبرودة الجو تفض التجمعات
يرابطون على مداخل ومخارج الميدان فى جميع الاتجاهات من ناحية المتحف المصرى وعمر مكرم ومحمد محمود وطلعت حرب، يرصدون من يريد الدخول، ويفتشونه تفتيشا دقيقا، اللجان الشعبية لتأمين الميدان رفعت درجة الاستعداد القصوى فى ليلة الاعتصام الثالثة عشرة، ووضعوا «المتاريس» و«الشكاير» الرملية لصد محاولة اقتحام الميدان أو دخول عناصر مندسة لإضرام الفوضى، بعدما ترددت أنباء تفيد بأن «الإخوان والسلفيين» سيأتون إلى الميدان لفض الاعتصام. هذه الأنباء دفعت محمد سبايدر، شاب عشرينى يرتدى سترة فسفورية، منظم باللجان الشعبية لتأمين الميدان، إلى أن ينادى فى زملائه على بوابة دخول الميدان المتاخمة بجانب المتحف المصرى: «فتشوا الناس كويس، ممنوع حد يدخل موتوسيكلات، الإخوان والسلفيين هيهاجمونا». سبايدر أكد ل«لوطن» أن فى كل ليلة للمليونية يحاول المندسون أن يفسدوا الاستعدادات ويحدثوا اشتباكات واضطرابات فى الميدان: «عشان كدا إحنا مش هنسيبهم يدخلوا». ينطلق المتظاهرون نحو المنصة الرئيسية التى توجه البيانات للمعتصمين فى الميدان من حين إلى آخر، أغان وطنية ترتفع فى أنحاء الميدان، وعدة مئات من الشباب يرتصون أمام المنصة وينصتون متفاعلين مع الأغانى، تهدأ الأغانى فيشرع الشباب فى ترديد هتافات: «يسقط يسقط حكم المرشد».. «يا اللى بتسأل احنا مين.. إحنا كل المصريين».. «الرجالة فى الميدان.. ومش هنسيبها للإخوان».. «يا جيكا يا ولد.. دمك بيحرر بلد». تتزايد الأعداد أمام المنصة وتلتئم متحمسة على دوى الهتافات، يعلن الشاب العشرينى الذى ينظم الحديث على المنصة، قائلا: «اسمعوا عشان المرسى هيقول خطاب»، تتزايد أصوات الهمهمات بين المعتصمين والمتظاهرين، وتتناقص حتى يبدأ الرئيس محمد مرسى حديثه موجها خطابه للمواطنين، فى أول كلماته، يتحرك شاب ثلاثينى بدا عليه التعب الشديد معلنا رفضه لهذا الخطاب.. وائل مختار، أحد المصابين فى الاشتباكات التى وقعت بين مؤيدى الرئيس مرسى من الإخوان والسلفيين وبين المعارضين من المتظاهرين والمعتصمين أمام قصر الاتحادية، قال فى غضب: «شرعيتك سقطت خلاص مش هنسمع لك.. ارحل». الرئيس محمد مرسى يتطرق فى حديثه لعملية الاعتداء على سيارات تابعة لرئاسة الجمهورية وإصابة أحد السائقين التابعين للرئاسة، يردد الموجودون: «إحنا مش بلطجية.. الثورة مستمرة». يتطرق الرئيس فى بيانه إلى الاعتداء على المتظاهرين من قبل بعض المندسين باستخدام الخرطوش والرصاص الحى، ومقتل المواطنين الستة، يرد مجموعة من المعتصمين والمتظاهرين عليه قائلين «إنت السبب» ويهتفون «الشعب يريد إسقاط النظام». يتحدث الرئيس فى خطابه إلى الحديث عن ضلوع بعض السياسيين فى التحريض على قتل المتظاهرين فى أحداث قصر الاتحادية، يرد أحد المستمعين قائلا «العب غيرها، دى سياسة الإخوان من زمان». يعود المتظاهرون للإنصات منتظرين خبرا أو أخبارا جديدة، يشرع الرئيس فى الحديث عن مبررات إعلانه الدستورى، ويقول «لم أصدر الإعلان لأمنع القضاء أو المواطنين من الطعن عليه».. يصيح وائل مختار، فى الشباب الذين يستمعون قائلا: «الراجل دا بيستخف بعقلنا، هوا بيكلم مجانين، لما هو مش عايز يقيد حريتنا ولا يمنعنا من الطعن عليه.. حصن قراراته ليه». يصل الرئيس فى البيان إلى الاستفتاء قائلا «لقد استعدت الدولة لإجراء الاستفتاء على الدستور».. تتعالى هتافات الحضور بحماس: «الشعب يريد محاكمة الرئيس». الهتافات التى تلت خطاب الرئيس محمد مرسى مباشرة هى التى أكدت رفض التحرير لبيانه الذى قدمه للشعب، حيث ردد المتظاهرون هتافات تتوعد: «وحياة دمك يا شهيد.. ثورة تانى من جديد».. ويخطب أحد الشباب من على المنصة الرئيسية قائلا «كعادات الأنظمة الفاسدة وهى تسقط وتتهاوى تصدر بيانات ثم بيانات». تزايدت أعداد المتظاهرين بعد خطاب الرئيس محمد مرسى، وصدر بيان مشترك من المنصة الرئيسية للاعتصام بالميدان، يقول «يمر الوطن فى هذه الفترة بمنعطف خطير، وبعد الخطاب الأخير للرئيس محمد مرسى صدر ما يلى: أولا: قررنا عزل رئيس الجمهورية وتقديمه للمحاكمة هو وكافة معاونيه وحكومته، ثانيا: تسليم السلطة وإدارة شئون البلاد لرئيس المحكمة الدستورية العليا وتكليفه باتخاذ إجراءات العدالة الانتقالية وتشكيل لجنة دستورية مستقلة من الخبراء وممثلة لكافة أطياف الشعب لوضع دستور جديد للبلاد. ثالثا: الدعوة لانتخابات برلمانية خلال 6 أشهر». وفى نهاية الخطاب يناشد المتحدث المصريين بالنزول لإحياء جمعة «الشعب يسترد سلطاته». يضاء سماء التحرير بالألعاب النارية، يهتف المتظاهرون هتافات عديدة وينقسمون إلى مسيرات صغيرة تطوف الميدان، تذيع المنصة بيانا مهما وخبرا عاجلا: اقتحام المقر الرئيسى للإخوان المسلمين بالمقطم وانسحاب الأمن.. تعلو الهتافات: «الله أكبر.. الله أكبر».. «ارحل بقى يا عم.. خلى عندك دم». «المصرى»، رجل أربعينى يسير على قدميه، ينادى فى المتظاهرين، قائلا «اقرا الدستور.. اقرا الدستور»، لا يقصد به «الدستور» الجريدة، ولكن الدستور الوثيقة، فى تناقض واضح، بين رفض المتظاهرين للدستور من حيث المبدأ، وحرص عم «المصرى» على أن يكون رزقه بين الرافضين للدستور، يقول ل«لوطن»: أنا حريص على بيع الدستور هنا فى الميدان، والنسخة رخيصة ب5 جنيه بس، عشان الكل يقدر يقراه، لأن فيه ناس كتير مقرتهوش ودا مش صح، لازم الكل يقراه».. الغريب أن عم «المصرى» القاطن بحى السيدة زينب لم يقرأه حتى الآن!! درجة الحرارة المنخفضة دفعت البعض إلى أن يلج إلى خيمته ليتفادى البرودة ويستريح استعدادا ليوم الحشد والمسيرات إلى الاتحادية فى اليوم التالى.. يتبادل خيمة لبعض المعتصمين لا تنتمى إلى أى تيار سياسى مجموعة من المواطنين، يتحدث محمد خميس يونس، أحد المعتصمين القادم من مدينة المحمودية بمحافظة البحيرة، متعجبا: «مرسى بالخطاب ده هيودى البلد فين؟ المفروض كان أخذ قرارات عشان الناس تهدا شوية».. يجيبه مراد عزام، مهندس من محافظة القليوبية: «هو لا يقتنع بهؤلاء الناس أو بآرائهم.. يقتنع بانتمائه السياسى». داخل خيمة «العسكريين المتقاعدين»، تحدث اللواء محمد عبدالله على أنغام أغنية عبدالحليم حافظ «أحلف بسماها وبترابها»، عن البيان معلنا رفضه الشديد للطريقة التى قيل بها، قائلا «البيان مثله مثل كل بيانات الحزب الوطنى، مرسى يعلم أن الاستفتاء مرفوض لكنه يؤجج الموقف». تعلن المنصة الرئيسية عن اقتحام مقرى الإخوان المسلمين فى الكيت كات، والمعادى، فتتعالى هتافات المعتصمين والمتظاهرين: «الله أكبر.. الله أكبر». تنشب مشادات كلامية بين إحدى البائعات الجائلات وأحد الزبائن، فتتحول إلى عراك واشتباكات بالأيدى، يستخدم فيها أشخاص مجهولون سلاح «فرد خرطوش»، ويطلق طلقة فى الهواء ليفرق الناس، يقترب شخص مجهول يحمل أنبوبة بوتاجاز صغيرة، ويشعلها ويهرول فى اتجاه الجمع ويوجهها فى وجه الموجودين من الشباب والمواطنين. يتحدث محمد عبدالهادى، أحد المتظاهرين، بصوت عال قائلا «دول قبضوا فلوس عشان يبوظوا الاعتصام والمظاهرات». تتدخل اللجان الشعبية لتأمين الميدان فتفض الاشتباك. تبدأ حفلات سمر على أنغام الجيتار للفنان الشاب رامى محمد، يتفاعل معه المئات، ويكون كل مجموعة دائرة يتوسطها شخص يتراقص على أنغام عزف الجيتار، أغان عديدة رددها المتظاهرون منها أغنية «الكائن الإخوانى ملوش مكان فى ميدانى.. إحنا اللى عملنا الثورة.. ليه يركب هوا مكانى».. . وأغنية «اشهد يا زمان.. أدى ثورة أهى من غير إخوان.. من غير إخوتنا السلفيين.. وإن قالوا علينا من غير دين هيرد عمر مكرم بأذان». تتفقد جميلة إسماعيل، الناشطة السياسية، الميدان وتؤكد أن تظاهرة أمس الأول ستوصل رسالة قوية، وأن هناك 17 مسيرة ستخرج من القاهرة وحدها، ومن أماكن لأول مرة تخرج منها مسيرات، مثل باب الشعرية والموسكى، ومن يريد الخروج فى المسيرات سيجدها فى كل مكان، وأضافت: «نحن لا نملك المال ولا التمويل للحشد من المحافظات مثلما يفعل الإخوان والسلفيون».