شن الطيران الحربي السوري، اليوم، غارات جوية على مناطق في ريف دمشق، حيث تستمر الاشتباكات والحملة العسكرية التي تنفذها القوات النظامية منذ أسابيع، غداة موافقة حلف شمال الأطلسي على طلب تركيا نشر صواريخ "باتريوت" على حدودها مع سوريا. ولجأت القوات السورية النظامية مجددا إلى طائراتها المقاتلة للإغارة على مناطق في محيط دمشق، لاسيما أطراف بلدات بيت سحم والمليحة وزبدين في ريف العاصمة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتحدث المرصد عن اشتباكات في محيط بيت سحم وبلدة سقبا شرق العاصمة السورية، إضافة إلى محيط مطار عقربا العسكري، بينما طال القصف محيط داريا (جنوب غرب). وتأتي أعمال العنف هذه في سياق حملة عسكرية واسعة تشنها القوات النظامية لتأمين شريط بعرض ثمانية كيلومترات في محيط العاصمة لحمايتها، والسيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين الذين حاولوا الاقتراب من مطار دمشق الدولي قبل أيام. وأشارت صحيفة "الوطن" السورية، القريبة من نظام الرئيس بشار الأسد، في عددها الصادر اليوم، إلى أن القوات النظامية تستمر في ملاحقة "مجموعات مسلحة على جانبي الطريق إلى مطار دمشق الدولي"، لا سيما في بيت سحم وعقربا وشبعا، وفي البساتين بين كفرسوسة ومدينة داريا، وفي حجيرة ودوما. وأدت أعمال العنف في مناطق سورية مختلفة، اليوم، إلى مقتل 18 شخصا، منهم سبعة عناصر من القوات النظامية "إثر هجوم نفذه مقاتلون من عدة كتائب مقاتلة على حاجزهم في قرية بابولين الواقعة جنوب مدينة معرة النعمان (شمال غرب) على طريق حلب دمشق"، بحسب المرصد. كما تستمر الاشتباكات في محيط وادي الضيف المحاصر منذ سيطرة المقاتلين المعارضين على معرة النعمان الاستراتيجية في أكتوبر الماضي، ما سمح لهم بإعاقة إمدادات القوات النظامية المتجهة إلى حلب. وفي شرق سوريا، حيث يسيطر المقاتلون المعارضون على مناطق واسعة بالقرب من الحدود العراقية، تعرض حي الحميدية في مدينة دير الزور للقصف بالطيران الحربي، بحسب المرصد. ومع تزايد الشكوك الدولية إزاء لجوء النظام السوري إلى مخزونه من الأسلحة الكيميائية في النزاع المستمر في بلاده منذ 20 شهرا، أعلنت إسرائيل أمس أنها "تتابع عن كثب هذه المسألة". وقال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، إنه يشاطر الرئيس الأمريكي باراك أوباما رؤيته في هذا الموضوع. وكان أوباما حذر، أول أمس، نظام الأسد من أن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه يشكل "خطأ جسيما"، وهو أمر "غير مقبول" ستكون له "عواقب". واتخذت أطراف غربية، منها فرنسا وألمانيا وحلف شمال الأطلسي، مواقف مماثلة، بينما أكد مصدر في وزارة الخارجية السورية أن دمشق لن تستخدم هذه الأسلحة ضد شعبها "في حال وُجِدَتْ". ويرى الخبراء أن تدخلا عسكريا لضمان أمن الأسلحة الكيميائية السورية يفترض شن ضربات جوية وإرسال قوات خاصة على الأرض، غير أن العملية ستنطوي على مخاطر ولن تكون مضمونة النتائج؛ بسبب احتمال أن تكون الأسلحة موزعة على كثير من المواقع في سوريا. وإلى مرفأ طرطوس، الذي يشكل نقطة تموين ودعم فني للبحرية الروسية، وصلت سفينتا الإنزال الروسيتان "نوفوتشيركاسك" و"ساراتوف" لمدة 24 ساعة، بحسب مصدر في هيئة أركان البحرية الروسية. وتقع هذه القاعدة على بعد 220 كم شمال غرب دمشق، وأُنشئت بموجب اتفاق أُبرم في 1971 إبان الحقبة السوفييتية، وباتت القاعدة الروسية الوحيدة على حوض المتوسط. وتأتي هذه الخطوة غداة موافقة الحلف الأطلسي على طلب تركيا نشر شبكة صواريخ "باتريوت" مضادة للصواريخ على حدودها مع سوريا. وقال الحلف، اليوم، إنه "وافق على تعزيز قدرات الدفاع الجوي التركية من أجل الدفاع عن شعب وأراضي تركيا، والمساهمة في تخفيف تصعيد الأزمة على طول حدود الحلف". وأكد الأمين العام للحلف، أندرس فوج راسموسن، أن هدف هذه الصواريخ "دفاعي بالكامل". وكان وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الذي تُعَدُّ بلاده أبرز الحلفاء الدوليين للأسد، حذر قبل صدور قرار الحلف من أن "تكدس السلاح يزيد من مخاطر استخدامه"، مبديا قلقا "إزاء النزعة المتزايدة نحو التسلح" بسبب النزاع في سوريا. وفي الأردن، الذي يستضيف 250 ألف لاجئ سوري، قال الملك عبدالله الثاني، في مقابلة مع صحيفتي "الرأي" و"جوردان تايمز" الحكوميتين، إن "الأردن لن يكون طرفا في أي تدخل عسكري (في سوريا)"، مضيفا أن "هذا يتناقض مع مواقفنا ومبادئنا ومصالحنا الوطنية العليا"، موضحا أن "الحل السياسي في سوريا هو السبيل الأمثل". وفي لبنان المجاور، قُتل منذ أمس أربعة أشخاص في طرابلس (شمال) في اشتباكات على خلفية مقتل أكثر من 20 مقاتلا إسلاميا قادمين من لبنان في كمين للقوات النظامية. وذكر مصدر دبلوماسي لبناني، اليوم، أن دمشق وافقت على تسليم جثث القتلى إلى السلطات اللبنانية.